أنظروا: إنه ترشيح ميشال عون يحترق

بوضوح وبساطة شديدين الحكومة اللبنانية أمام استحقاق مفصلي على صعيد علاقات لبنان العربية والخليجية على وجه التحديد.

وبعيداً عن المواقف والخيارات السياسية التي يتبناها كل طرف سياسي، ما كان منها متعلقاً بالنظام العالمي الجديد أو بمشروع إزالة النفايات من الشوارع والأزقة، من كان مع العثمانيين أو مع الصفويين أو كان مؤيداً للسياسة السعودية، إن كان مع البراميل القاتلة في سورية أو مع تنظيم داعش ونموذج الإرهاب… كل ذلك، مهما بلغ من توصيف إيجابي أو سلبي، يمكن إدراجه في سياق الحريات وحرية التعبير. لكن ثمّة ما هو فوق كل ذلك، وهو ما تبقى من نظام مصالح الدولة اللبنانية. ذلك النظام الذي تبني الدول على أساسه سياساتها، ويكون المحدد لسياساتها الخارجية.

إقرأ أيضاً: هنيئاً لوزير «المقاومة» وقف الهبة السعودية

عندما توترت العلاقة الروسية التركية قبل شهرين بسبب الموقف من سورية عمدت الحكومة الروسية فورا الى اتخاذ سلسلة اجراءات ضد تركيا. أوقفت استيراد البضائع التركية، فرضت نظام الفيزا على دخول الأتراك إليها، بعد أن كان دخولهم لا يحتاج إلى هذا النظام. ثم بدأت تركيا الاستعداد للإستغناء عن الغاز الروسي بعقد اتفاقيات مع دول أخرى وتحديداً قطر. هذا واحد من نماذج انعكاس توتر العلاقات بين دولتين على الجانب الإقتصادي وعلى التعاون بين الدولتين. في المثال اللبناني السعودي، والخليجي، ما يفترض أن يشكل عنصر اهتمام كبير لدى الحكومة اللبنانية واللبنانيين عموماً. فتجميد الهبة السعودية للجيش اللبناني هو رسالة أولية من الرياض على خلفية المواقف التي اتخذها لبنان عبر وزارة الخارجية في شأن العدوان على الممثليات السعودية في إيران، وعلى الموقف من التدخل الإيراني في الدول العربية، والذي كان موقفاً نافراً في اجتماع وزراء الخارجية العرب واجتماع منظمة الدول الإسلامية. نافر لأنّه لا يراعي نظام مصالح الدولة اللبنانية، قبل أن نتحدث عن نظام المصالح العربية والعلاقات التاريخية بين لبنان والسعودية.

القضية لم تعد تتصل بعلاقة حزب الله، أو حتى الطائفة الشيعية في لبنان، بالعرب. الأمر يطال الدولة بكلّ من فيها، بل يمكن ملاحظة أنّ الإستياء الخليجي بدأ يبرز من خلال بعض الأقلام الصحافية اتجاه المسيحيين اللبنانيين وخياراتهم التي يراها البعض تعادي مصالحهم ليس في الخليج فحسب بل في لبنان أيضاً.

موقف قوى 14 آذار، بعد اجتماع قياداتها وأركانها في بيت الوسط أمس، حمّل حزب الله مسؤولية ما أصاب العلاقة اللبنانية – السعودية. والحكومة اللبنانية معنية بان تتعامل مع المعطى الجديد. وحزب الله ايضا، الذي اعتاد على اللامبالاة تجاه نظام المصالح اللبنانية في الخليج وعلى المستوى الدولي، معني بالتعامل مع تداعيات هذا القرار على استمرار استقرار البلد. في الحد الأدنى لكونه منامة لمقاتليه أو استراحة المحارب الذي يقاتل في سورية، وحيث يقتضي الواجب الجهادي الذي تقرره إيران في المنطقة العربية. وانطلاقا من “نظام المصالح” هو معني بالمحافظة على “هداوة بال” المقاتل، حين يقاتل داخل سورية، بأنّ عائلته يمكن أن تكون غير آمنة في لبنان.

عقوبات خليجية بسبب حزب الله
عقوبات خليجية بسبب حزب الله

كانت المعادلة قبل عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، أنّ على السعودية أن تدفع ثمن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، سواء بفاتورة سورية أو في اليمن أو غيرهما. المعادلة اليوم تتجه نحو منقلب آخر. السعودية تقول، من خلال التصعيد الأخير، أنها لن تدفع ثمن انتخاب رئيس لبنان. والمطلوب أن يقرر اللبنانيون ماذا يريدون. هم لا يريدون دولة ولا رئيس فلماذا الهبة للجيش اللبناني؟

إقرأ أيضاً: بالأرقام (1): شكراً دول الخليج.. شكراً السعودية

وأكثر من ذلك فإنّ التفهم السعودي للحسابات اللبنانية طيلة السنوات الماضية لا تريد اليوم أن تتحمل تبعاته وحدها من خلال مواقف رسمية ناكرة للجميل. لذا فكل الخيارات متاحة. القيادة السعودية التي ترفض أن تدفع ثمن انتخاب رئيس لبناني لإيران، تريد أن تدفع ثمن انتخاب الرئيس من رصيدها اللبناني.. من هباتها السياسية الكثيرة.

لا يمكن فصل عودة الحريري عن التصعيد الأخير. مضى وقت على “خطأ” باسيل الثلاثي. الجديد هو أنّ هناك جلسة في 2 آذار ومرشحان: ميشال عون وسليمان فرنجية. إذا كان اللبنانيون حريصون على لبنان فليتتخبوا أحدهما. في هذه الأثناء فهذا الأسبوع كان عينة عمّا يمكن أن يعيشوه في “عهد” ميشال عون وصهره وزير الخارجية.

أنظروا: إنه ترشيح ميشال عون يحترق. سمير جعجع صامت، وفرنجية كذلك، خلال أكبر عملية حرق ترشيح سياسي في تاريخ لبنان.

السابق
وجودكم في حكومة حزب الله لا فاعل ولا مفعول… استقيلوا
التالي
إما أن ننقذ لبنان أو ننتحر