في تشرين الأول عام 1984 بات واضحاً نية إسرائيلي بالانسحاب من المنطقة، لواء غولاني لم يستطع أن يفعل شيئاً. المدينة تقاوم الاحتلال بالوسائل الكفاحية الممكنة كافة.
أهم سلاح امتلكه أبناء المدينة، كان سلاح الموقف الحاسم ضد الاحتلال، موقف عبرت عنه ممارسة القوى السياسية الأساسية في جبهة المواجهة الوطنية. من جانب آخر خاضت مدينة صيدا نضالاً مسلحاً ضد قوات الاحتلال وكانت مساحة مفتوحة لتنوع ندر مثيله في النموذج اللبناني، قاتل الشيوعي إلى جانب الناصري والبعثي إلى جانب القومي، الإسلامي إلى جانب الوطني والفلسطيني إلى جانب اللبناني، هدف واحد جمعهم هو تحرير المدينة من الاحتلال.
أبناء المدينة ذاقوا الأمرين، كثير منهم اعتقلوا والبعض أخطفت ولم يعد والبعض قتل برصاص العدو الإسرائيلي وعملائه، لكن البوصلة بقيت موجهة ضد العدو قبل التحرير بقليل، كان واضحاً أن الاحتلال سيرتكب جريمة تؤدي إلى تفكيك المنطقة.
وتقاطعت مصالحه مع مصالح إقليمية ومحلية أخرى تسير نحو الهيمنة على المنطقة، وكانت البداية تفجير منزل مصطفى معروف سعد. ردة فعل الأهالي انصبت غضباً على الاحتلال الإسرائيلي، كان هدفنا تحرير المدينة وحلمنا دولة ديمقراطية. كنا نعمل لأن تبقى صيدا موقعاً وطنياً متماسكاً، ومغايراً لما كان يسير إليه لبنان.
إقرأ أيضاً: هل يتهم وئام وهاب نبيه بري بالـ 100 مليون دولار؟
بعد التحرير وعند حدوث حرب المخيمات بدأ الموقع الوطني الصيداوي فيها، وإلى أن مرحلة عام 2008 ليتحول إلى موقع مذهبي مماثل للمناطق اللبنانية الأخرى والتيار الديمقراطي العلماني يتضاءل ليتحول إلى عناصل متفرقة في المدينة.
إقرأ أيضاً: مقابلة «حذفتها الرقابة» عن الخصوصية الشيعية للسيد هاني فحص
في خلال الاحتلال كان الشباب يكتبون على جدران المدينة شعار: “الوطن باق والاحتلال إلى زوال” كنا نحلم بدولة مدنية ديمقراطية نبنيها على أنقاض الاحتلال. لكن الاحتلال الذي زال عام 2000 لم يترك لنا سوى مشاريع دويلات طوائفية ومذهبية. وإذا كان الاحتلال زال فهل الوطن باقٍ؟