«لميس السورية» ضحية جديدة لمافيا التهريب

الطفلة السورية لميس
لميس ضحيةٌ أخرى برسم "تجارة التهريب والترهيب"، طفلة سورية لم يسمح لها سماسرة الموت بالوصول إلى أوروبا، فشكلّت صورة جثتها كما "إيلان" سابقاً، حالة إنسانية ضجّ بها الإعلام الإلكتروني . غير أنّ القضية في عمقها أكثر من شخص طفلين، ففي بحر الموت الممتد من لبنان إلى تركيا إلى الحدود الأوروبية عصابات سوداء تغتال أكثر من "لميس" وأكثر من "إيلان".

مع تكاثر حوادث غرق عبّارات الموت، ومع تزايد أعداد الضحايا أصبح المشاهد على اختلاف جنسيته يتابع هذا النوع من الأخبار اليومية بروتينية مكررة وربما بملل، فما بين غرق العبّارة الأولى والعبّارة الأخيرة ردود فعلٍ ضجّت وانطفأت.

وصلنا إلى مرحلة لم يعد يعلق بها إلا القليل على ما يحلّ بالسوريين وحتى اللبنانيين على أيدي عصابات التهريب، كما لا تسأل القوى الأمنية لا في لبنان ولا في تركيا عن كل ما يتردد عن عملية قتل متعمدة يمارسها شريحة من سماسرة الموت بحق الهاربين.

إقرأ أيضاً: هكذا لحقت شانيل الجنوبية بـ«إيلان» وغرقت في بحر تركيا؟

الروايات كثر والضحايا أكثر وبوابة الموت ما زالت مشرّعة لا ضبط للحدود ولا رصد للمهربين ولا محاسبة، ليكون العدد التقريبي للضحايا الذين سقطوا أثناء العبور إلى القارة الأوروبية بحراً 3200 شخصاً، فيما وصل أكثر من 704 ألف وذلك استناداً إلى احصاءات منظمة الهجرة الدولية.

الرواية الكاملة من «إيلان» إلى «لميس»، من صورة إيلان في العام 2015 لصورة لميس التي تصدّرت بالشهر الأوّل من هذا العام تساؤلات مخيفة لا بد من طرحها والمحاسبة.

فحسب ما نشر موقع “أنا قصة إنسان” عن شهادة أحد الركاب المشاركين في رحلة الموت التي سقطت ضحيتها الطفلة السورية لميس فإنّ ما تعرضوا إليه كان أكثر من غرق، إنّما هو جريمة قتل من قبل عصابات التهديد التي ضربتهم بأسياخ الحديد وهددتهم بالسلاح وعاملتهم معاملة القطيع.

إقرأ أيضاً: اللاجئون السوريون في عرسال ضحية الكيدية وصقيع الشتاء

المهاجر الذي يسرد قصته هو “أحمد الزعبي”، ويروي بالتفاصيل للموقع المذكور أعلاه المأساة التي بدأت أحداثها في مدينة أزمير التركية في 4 كانون الثاني 2016، والتي سنتوقف نحن عند أهم نقاطها.

المهاجر أحمد الزعبي
المهاجر أحمد الزعبي

الفصل الأول من هذه الرحلة السوداء حسب ما روى المهاجر بدأ في منطقة تبعد ساعتين عن مدينة أزمير التركية مع المهربين الذين استقبلوهم بالصراخ والسباب والكلمات النابية لمنعهم من التراجع، أخلاقيات المهربين لم تتوقف هنا بل وصلت إلى ضربهم بأسياخ من حديد منذ الإنطلاق حتى الوصول إلى الشاطىء، وكان بين مجموعة أحمد الطفلة “لميس”.

عبّارتين في كل عبّارة تمّ تكديس 52 شخصاً، لتنطلق رحلة الموت في أجواء مناخية غير ملائمة وأمواج عالية، ومع محاولة العودة في هذا الطقس المخيف عمد المهربون إلى ضرب السائق الجزائري وتهديده بالسلاح، في حينها حاول المهاجرون الاتصال أكثر من مرة بخفر السواحل لإنقاذهم ولكن أحداً لن يأتِ.

إقرأ أيضاً: في بلدة المنصوري…هكذا قتلت الهجرة غير الشرعية حسين

قبل 2 كلم من شاطئ اليونان بدأ الفصل المأساوي تعطّل المحرك فحاول الركاب الاستغاثة بسفينة تجارية يونانية كانت بمحاذاتهم ولكن دون جدوى، حتى امتلأت العبّارة بالمياه وتمزقت وبدأ الناس يتساقطون، ويغرقون.

“لميس” كانت الطفلة الأخيرة وكانت من نصيب المهاجر أحمد الذي حاول إنقاذها وإنقاذ نفسه، غير أنّه بعد أكثر من أربع ساعات من المقاومة في المياه الباردة وبين الأمواج العالية والقوية خارت قواه فأفلتها.

إقرأ أيضاً: غرق آل صفوان: لم يبقَ أمام الشيعة سوى البحر؟

أحمد الذي ظنّ نفسه ميتاً لا محالة أسعفه القدر وبينما كان يسبح ليقاوم البرد وجده نفسه قريباً من العبارة التي كان ما يزال متعلقاً بها 12 شاباً وفتاة لبنانية ماتت هي الأخرى بعد ارتطام رأسها بالصخور، فتمسك أحمد بها وخلال ساعتين من الانتظار مرّ خلالها بالقرب منهم العديد من الزوارق التي تجاهلتهم وتجاهلت نداءات الاستغاثة، قرر المهاجر أن يعود إلى البحر من جديد علّه يقاوم البرد القارس ونزيف قدمه التي أصيبت جرّاء الارتطام بالصخور ، فنزل إلى المياه وسبح إلى الشاطئ حيث تمّ اسعافه وإنقاذ البقية.

قصص المهاجرين ومآسيهم لم تنتهِ عند لميس وما رواه أحمد، بل ما زال بين صفحاتها الكثير من المآسي، فقد طالعتنا الأخبار اليوم بمصرع 44 شخصاً من اللاجئين بينهم 20 طفلاً  بعد غرق قواربهم الثلاثة قرب سواحل اليونان في بحر إيجة، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

السابق
جعجع: السعودية لا تدعم فرنجية
التالي
الحوار بين الخطاب الديني وتهجير المسيحيين