الاستحقاق الرئاسي بين التريث وجوجلة المواقف

فيما كان يترقب اللبنانيون مواقف القوى السايسية لتحديد موقفها من ترشيح جعجع لعون، وبالتالي انهاء الشغور الرئاسي، يبدو أنّ هذا التريث هو سيّد الموقف، خصوصًا بعدما جدّد رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط مجدّداً ترشيحه النائب هنري حلو، واستمرار الحريري بدعم فرنجية.

اتسمت الحركة السياسية في الساعات الاخيرة وفق “النهار” بتريث القوى السياسية الرئيسية في تحديد مواقفها من ترشيح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية بما خالف الكثير من التوقعات ان تحفل نهاية الاسبوع باكتمال فصول الفرز السياسي حول هذا الترشيح.
وقالت “اللواء” إن ثمة جعجعة ولا أحد يرى طحناً. هذا هو الانطباع العام، في اليوم الخامس لدعم جعجع ترشيح عون لرئاسة الجمهورية. وبصرف النظر عن استمرار التجاذب الحاصل بين الرياض وطهران، وما يتردد في الأندية السياسية والدبلوماسية عن مواقف إقليمية من “خطوة معراب”، فإن ما عكسته المعطيات الحاصلة على الأرض يكشف ان التريث ما يزال سيد الساحة، و”الكل عم يقطش قريعة”، وفقاً للمثل الشعبي السائر، تارة بذريعة ان اتفاق المسيحيين الأقويين يحتاج إلى بعض الوقت، لفك الغازه، وتارة ان لا أحد يريد ان “يلعب” بالاستقرار على مذبح الرئاسة، وأن كانت الرئاسة هي مدخل تثبت هذا الاستقرار.

إقرأ أيضاً: تحالف عون – جعجع إلى أين؟
وقالت مصادر متابعة للاستحقاق لـ”الجمهورية” أنّ ما يجري حاليّاً هو بمثابة جوجلة مواقف وعدم مقاربة ايّ حسم فيها بحيث انّ كلّ طرف يتمسك بموقفه حتى إشعار آخر، ففي الوقت الذي يتمسك عون بترشيحه وقد ازداد بعد تبنّي جعجع ترشيحه، فإنّ فرنجية في المقابل يؤكد انّه مستمر في ترشيحه بلهجة غير قابلة للتأويل، وقيل إنّه يدعو للنزول الى جلسة الانتخاب متنافساً فيها مع عون بشرط ان ينسحب له الاخير في دورة الاقتراع الثانية في حال لم ينَل الاكثرية المطلقة في دورة الاقتراع الأولى. ولاحظت أنْ ليس لدى أيّ طرف خطة بديلة عمّا هو مطروح، ولذلك ينصرف كل منهم الى مراجعة حساباته وإعادة النظر في مواقفه وتحالفاته، خصوصاً أنّ شيئاً لم يتغيّر في الوضع الاقليمي ولا في المعطيات الداخلية، ما يعطي انطباعاً أنّ الشغور الرئاسي طويل، لكنّ اللافت هذه المرّة أنّ المواقف بدأ يشوبها تصَلّب وتشنّج على كلّ المستويات.

إقرأ أيضاً: من شارل أيوب إلى رائد أبو شقرا: الصحافة اللبنانية على طاولة الخمر والميسر‎
وإستبعدت مصادر ديبلوماسية عبر “الجمهورية” حصول أيّ تطوّر إيجابي سريع في الاستحقاق الرئاسي، مؤكدةً أنّه بات يرتبط عميقاً بمستقبل الأوضاع الجارية في المنطقة وخصوصاً بالوضع السوري، وتخوّفَت من أن تتحوّل المبادرات المطروحة عمليةَ حرقٍ لبعض الترشيحات المتداولة، لأنه لم يظهر في الأفق الإقليمي أيّ معطى يشَجّع على انتخاب رئيس للبنان في هذه المرحلة. وتوقّعَت أن لا يُقارب هذا الملف قبل تبلوُر معالم الحلّ السوري على الأقلّ.

الحريري لفرنجية: باقون معك!
قالت “الأخبار” إن “مشهدية” معراب، ودعم رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ترشيح رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون، لم تغيّر في موقف الرئيس سعد الحريري. ورغم حرص الأخير على عدم الظهور بمظهر “الرافض للإجماع المسيحي” بعد التحالف المستجدّ بين عون وجعجع، علم أن الحريري أكّد لرئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية، في اتصال جرى بينهما أول من أمس، استمرار تيار “المستقبل” في دعم ترشيحه إلى رئاسة الجمهورية طالما بقي مرشّحاً.
ونقلت مصادر بارزة في “14 آذار” عن تيار “المستقبل” لـ”الأخبار” أنه “سيبقى الى جانب ترشيح سليمان فرنجية، ما بقي مرشحاً، ولا تغيير في الموقف المغطّى سعودياً”. أضافت أن “المستقبل” مقتنع بأن فرنجية لن ينسحب من السباق، وبأن الموقف السعودي منه ثابت ولن يتغيّر. وأكّدت أن هذا أيضاً هو موقف الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، “وكلّ من الأطراف الثلاثة يعبّر عن موقفه بالطريقة التي تناسبه: جنبلاط بالعودة الى مربع ترشيح هنري حلو، وبري بعدم الحكي، والمستقبل بعدم الترشيح العلني”. وأشارت الى أن ثلاثي بري ــ الحريري ــ جنبلاط “لا يرى أن اجتماع معراب يختصر التمثيل المسيحي أو يمثل إجماعاً مسيحياً”.

إقرأ أيضاً: رئيس مسيحي ضعيف.. غير ذلك خروج على الطائف؟
وقالت مصادر أخرى لـ”الأخبار” إن “الحريري أبلغ فريقه حرصه على ألا يبدو تيار المستقبل مستاءً من الإجماع المسيحي”، إلّا أنها أكّدت أنه “أعطى إيعازاً بمقاطعة جعجع”. وبحسب مصادر “وسطية”، فإن “جعجع كان سبق أن عقد اتفاق جنتلمان مع الحريري يقضي بعدم ترشيحه عون إذا لم يعلن الحريري ترشيح فرنجية رسميّاً”، لكنه “انقلب على الاتفاق بعدما استفزّه اللقاء الثاني بين الحريري وفرنجية في باريس وما دار خلاله، وبعد أن نُقل إليه عن لسان رجل الأعمال جيلبير الشاغوري أن فرنجية سيزور الفاتيكان ويلتقي البابا فرانسيس بحضور البطريرك بشارة الراعي والحريري، قبل أن يتبيّن أن هذا الكلام عارٍ من الصحة، وينفيه الراعي وفرنجية معاً”.

السابق
ازدياد المخاوف من تطورات أمنيّة مفاجئة في لبنان
التالي
أبعد من ترشيح جعجع لعون