المحكمة العسكرية: ناس بسمنة وناس بزيت

المحكمة العسكرية
إطلاق سراح ميشال سماحة يعيد من جديد المطالبة بإلغاء المحكمة العسكرية التي لا تتعامل بعدل ومساواة تجاه جميع القضايا، وما حصل بالأمس أعاد فتح ملف الموقوفين الإسلاميين الذين اعلنوا بدء الاضراب عن الطعام اليوم.

أعاد قرار الإفراج عن الوزير السابق ميشال سماحة أمس قضية الموقوفين الإسلاميين إلى الواجهة من جديد، فبعد أن أصدرت محكمة التمييز العسكرية حكمها الذي اعتبره اللبنانيون قرارًا فاضحًا وعاراً، قرّر اليوم عدد من السجناء في رومية لاسيما الموقوفين الاسلاميين الإضراب عن الطعام والماء والدواء احتجاجًا على إخلاء سبيل سماحة. وقد طالب السجناء السلطات القضائية بمعاملتهم بالمثل. إضافةً إلى اعتصام نفذه أهالي الموقوفين الاسلاميين في طرابلس.

إقرأ أيضاً: إطلاق ميشال سماحة: قادة 14 آذار هم المسؤولون
منذ أحداث نهر البارد وتوقيف 5000 مقاتل من «فتح الإسلام» بدأ ملف الموقوفين الإسلاميين في المحكمة العسكرية التي وضعته في الأدراج لسنوات، وتركت الموقوفين من دون محاكمات وكلّ مرّة بذريعة معينة، بداية بذريعة عدم وجود قاعة كبيرة للمحاكمة تتسع لعدد كبير من الموقوفين، أو بذريعة عدم وجود سيارات كبيرة تتسع لعدد كبير من المحكومين، أو بوجود أشخاص متهمين مع مجموعات معظمهم متوارين، فبالتالي لا تستطيع المحكمة محاكمتهم إلاّ بعد إلقاء القبض على باقي المجموعة. إلاّ أنّ الذريعة الأخيرة سقطت عند محاكمة ميشال سماحة، فالمحكمة العسكرية نفسها أصدرت قرارا فصل بين قضية سماحة والمملوك لتسريع المحاكمة.
وعلى الرغم من تسريع محاكمات العديد من الموقوفين وخصوصًا موقوفي أحداث نهر البارد وقادة المحاور في جبل محسن وباب التبانة بضغط من قبل وزير العدل أشرف ريفي، إلاّ أنّه لا يزال هناك عدد كبير من الموقوفين لم تتم محاكمتهم. وهم يقبعون الآن في المبنى “ب” من سجن روميه الذي يعاني من الاكتظاظ والأوضاع الرديئة.

المحامي نبيل الحلبي
المحامي نبيل الحلبي

وبحسب مدير مؤسسة لايف المحامي نبيل الحلبي فإنّ «المبنى “ب” يضمّ موقوفين من أحداث عبرا، منهم من شارك بالقتال إلى جانب الأسير، أو مؤيدين لم يحملوا السلاح، وسوريين معارضين، ولبنانيين متهمين بتهريب “إرهابيين” بحسب توصيف المحكمة، إلى داخل الأراضي السورية للقتال إلى جانب المعارضة، أو أشخاص موقوفين على خلفية وجود صور على هواتفهم لمعارضين من الداخل السوري أو علم الثورة السورية..هؤلاء الموقوفون اللبنانيون والسوريون لم تتم محاكمتهم حتى الآن ولم يمثلوا أمام القضاء».

إقرأ أيضاً: صدمة اطلاق سراح سماحة تتفاعل…والقلق الأمني إلى الواجهة

ورأى الحلبي أنّ «الأسباب الحقيقية وراء المماطلة في محاكمة الموقوفين هي سياسية، فالإنقسام الحاد في لبنان، وسيطرة طرف سياسي معين على قرار هذه المحكمة جعل قراراتها غير عادلة ووصلت إلى حدّ الفضيحة كما حصل في الأمس. فهذه المحكمة أصدرت أحكامًا بالمؤبد والاعدام بحق موقوفين من طرابلس بتهمة الإنتماء إلى مجموعات مسلحة دون دلائل واضحة، أمّا ميشال سماحة الذي خطط للقيام بأعمال إرهابية وفشلت أو تعطلت لأسباب خارجة عن إرادته وليس بسبب تراجعه عن القيام بها، حكم عليه 4 سنوات فقط، هذا التواطؤ من قبل المحكمة يثبت بأن المحكمة العسكرية ليست نزيهة وعلينا المطالبة بشكل فوري بتعديل نظامها وتتحول إلى محكمة لمحاكمة العسكريين أثناء تواجدهم في المؤسسة العسكرية، ونقل قضايا المتهمين المدنيين إلى المحاكم العدلية».

إقرأ أيضاً: ماذا لو برّئ أحمد الأسير كما «ميشال سماحة»!
المطالبة بتعديل نظام المحكمة العسكرية ليس بجديد، فهذه المحكمة التي يصفها قسم كبير من اللبنانيين بالمسيّسة وغير النزيهة، تخالف التزام لبنان بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكّد على ضرورة المحاكمات العادلة.
ويعود تاريخ محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية إلى الستينات مع الدخول المسلحين الفلسطينيين إلى الأراضي اللبنانية، فعدّل قانون المحكمة وأصبح يحق لها محاكمة المدنيين تحت ذريعة «زعزعة الإستقرار»، وبعد نهاية الحرب الأهلية مدّدت السلطة هذا القانون لكي «يستتب الأمن بشكل قوي في البلاد»، ومن ثمّ أصبحت مهمة المحكمة العسكرية في زمن الوصاية السورية محاكمة المعارضين للوصاية، وبعد عام 2005 وانتهاء الوصاية السورية جرى تمديد وفعالية هذا القانون من قبل موالين للنظام السوري في لبنان تحت شعار «محاربة الإرهاب».
إذاً على الرغم من تغيّر الشعارات والتسميات، إلاّ أنّ الدور الحقيقي للمحكمة العسكرية أصبح بعيدا كل البعد عن النزاهة والعدل والمهنية الذي يجب أن يتسم به القضاء.

السابق
عقاب صقر: ما يسمى المحكمة العسكرية حاكمت الشهيد بتكريم المجرم
التالي
عقاب صقر: المحكمة العسكرية وكر من أوكار تشريع الإرهاب