مخيم نهر البارد: بعد ثمانية أعوام لا تزال المعاناة مستمرة

مخيم نهر البارد
ينفرد موقع "جنوبية" وبالتعاون مع مركز "تطوير" للدراسات بنشر أبرز المواضيع الواردة في التقرير الخامس للمركز (حلقة النقاش الرابعة)، وهنا تقرير حول آخر مستجدات إعادة إعمار نهر البارد

يقع مخيم نهر البارد على مسافة 16 كيلومترا من طرابلس بالقرب من الطريق الساحلي في شمال لبنان. و تم تأسيسه من قبل عصبة جمعيات الصليب الأحمر في عام 1949 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين من منطقة بحيرة الحولة وشمال فلسطين. بدأت الأونروا بتقديم خدماتها للاجئين في عام 1950. أدى موقع نهر البارد القريب من الحدود السورية مع لبنان، الى تحويل المخيم الى مركز اقتصادي للبنانيين في منطقة عكار.

يشير موقع الأونروا الإلكتروني الرسمي أنه “في منتصف عام 2007، ونتيجة للنزاع الذي دار بين الجيش اللبناني وبين مجموعة فتح الإسلام المتطرفة، التي اتخذت المخيم مقراً لها، تمّ تشريد ما يقارب 27,000 لاجئ فلسطيني من مخيم نهر البارد ومن المناطق المحيطة به في شمال لبنان”.

“تعرّض المخيم للقصف بالمدفعية الثقيلة والقنابل الجوية خلال حصار امتد ثلاثة أشهر. وقد قدّر أنّ ما يقارب 95% من كافة المباني والبنية التحتية قد دمّرت تماماً أو تضررت بشكل يتعذر إصلاحه، ممّا أجبر معظم السكان على النزوح الى مخيم البداوي المجاور”.

بعد ثمانية أعوام من الأزمة وحتى الآن، تم الإنتهاء من بناء ثلث مخيم نهر البارد، علماً أن إعادة بناء المخيم قُسمت إلى ثماني مراحل. تم تسليم الرزمة الأولى كاملة للأهالي، وقسم كبير من المرحلة 2 وثلاثة بلوكات من المرحلة الثالثة، وتجري إعادة إعمار ثلاثة بلوكات إضافية. ويستكمل العمل في المرحلة الرابعة، وقد تم الإنتهاء من بناء ست مدارس وعودة الطلاب إليها بما فيها مركز التدريب في منطقة الشمال، وكذلك تم الإنتهاء من بناء العيادة الصحية ، وبوشر العمل الخدماتي فيها .

يقول أمين سر لجنة متابعة اللجان الشعبية في منطقة الشمال أحمد غنومي : “أكثر المشاكل التي تواجه سكان مخيم نهر البارد وعملية الإعمار هي ضعف التمويل، فعند بداية الأزمة كانت الأونروا تدفع بدل إيجار للعائلة الواحدة 200$، ولكن بعد فترة وبسبب ضعف التمويل تم إعتماد ما قيمته 150$ كبدل إيجار شهري، لكن معظم العائلات يدفع فوق هذا المبلغ ما يقارب 100$ وهذا الأمر يكبّد العائلة مبالغ إضافية، وهي غير قادرة على تحملها اقتصادياً . ذلك أن المخيم ما يزال مغلقا على الجوار اللبناني وبخاصة التجار بسبب اعتباره منطقة عسكرية. عدا ذلك  فأن الأونروا قامت باعتماد نظام جديد للطرود الغذائية، وتم قطع المساعدات عن عائلات كثيرة لأنها لم تستوفِ الشروط المطلوبة بحسب النظام الجديد المتبع كمبيوتريا”، كما أن التغطية الصحية والطبية لأهالي مخيم نهر البارد تراجعت إلى ما نسبته 70% من أصل 100%”.

ويضيف غنومي: “ما يزال معظم سكان مخيم نهر البارد خارج بيوتهم ويعيشون في مساكن مؤقتة وأغلبها في حالة سيئة ومزرية في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية متدنية جدا. فعند أول هطول للمطر فاضت بركسات الحديد 674، وغمرتها المياه بارتفاع متر، وكان مطرا خفيقا، فكيف لو كان مطرا غزيرا! إضافة إلى أن الصدأ بدأ يأكل البيوت وهذا ينذر بكارثة حقيقة ربما تصل إلى حد سقوط هذه المساكن على قاطنيها”.

أما فيما يعيق العودة إلى مخيم نهر البارد  يوضح غنومي: “أول عائق ممكن أن يواجه النازح في العودة إلى مخيم نهر البارد، هو أن بيته لم يكتمل البناء أو لم يبدأ إعماره بسبب عدم توفر الأموال، كما أن هناك عائقاً ثانياً وهو عدم وجود منازل للإيجار بسبب أن كل المنازل في المخيم الجديد مستأجرة من أبناء مخيم نهر البارد، وقد زاد الطين بلة الأزمة السورية وتوافد اللاجئين الفلسطينيين من مخيمات سوريا إلى لبنان . وعليه فإن النازح من مخيم نهر البارد يفضل البقاء في مخيم البداوي أو جواره أو المنطقة المستأجر فيها على العودة إلى البارد بسبب الحالة العسكرية والحواجز التي تحيط بالمخيم، و طريق المدارس لم يعبّد حتى الآن، والبنية التحتية لم تكتمل، كما أن بعد المسافة ما بين المخيم القديم والجديد تمثل عائقا واضحا. ففي السابق كانت أطول مسافة بعدا عن المدارس والعيادة الصحية هي حوالي 100 متر، أما اليوم فالمسافة طويلة والأهالي يحتاجون إلى باصات لنقل طلابهم مما يزيد من أعباء العائلة المالية”.

ويؤكد بشار نصار وهو عضو في رابطة صفورية وصاحب محل ألبسة رجالية كلام غنومي ويضيف إن “المخيم ما يزال يعاني من عدة مشاكل منها الاقتصادية والاجتماعية، فالمخيم ما يزال مغلقا على الجوار، وهو كصاحب محل ألبسة يعاني من ضعف المردود بسبب عدم إقبال الناس على الشراء لأن أغلبيتهم بلا أعمال، مما ينعكس سلبياً عليه فلا يقدر أن يسدد فواتيره المستحقة للتجار”.

ويضيف: “أنا من سكان منطقة “حي صفورية” أو ما يتعارف عليها الآن بالمرحلة السابعة، و إلى الآن وبعد ثماني سنوات من الحرب لم أستلم بيتي في المخيم القديم، وما زلت أسكن في بيت مستأجر بقيمة225 $، الأونروا تدفع لنا كل شهر 150$، وأنا أتكبد عناء تأمين الباقي، بالإضافة إلى أن الأونروا  قطعت المعونة الغذائية بحجة أن لدي محلا. لدي التزامات شهرية لعائلتي المؤلفة من زوجتي وأربعة أطفال، نحن لا علاقة لنا بالحرب، والأونروا هي الوحيدة المسؤولة عنا كلاجئين، لكنها تقوم بتقليص الخدمات لأهالي نهر البارد. فبعد أن كانت تعتبره في حالة طوارئ، عادت وتعاطت معه وكأنه مخيم عادي في حالة طبيعة ،وكأن المخيم لم يدمر، علماً أن ثلث سكانه لم يعد. كما أننا كأهالي،نرى أن هناك هدرا لمال إعمار مخيم نهر البارد، وإننا وإن ضاقت بنا السبل فسوف نتحرك ونقوم بتصرفات لا تعجب الأونروا”.

السابق
التطرف السني ضد التطرف الشيعي!
التالي
دريان للمسيحيين: نكون معاً أو لا نكون