هل رجال الدين أمميّون؟

في مرحلة من المراحل التي سيطرت فيها الشيوعية على روسيا وحوّلتها الى اتحاد سوفياتي، كان المناضلون اليساريون يجوبون القارات طولاً وعرضا للدفاع عن قضية نضاليّة أمميّة ما، ونذكر في لبنان منهم الياباني كوزو أوكوموتو. فهل أعاد الإسلام "المحمدي الأصيل" أمميّة القضايا الجهادية الى الواجهة؟

في المرحلة التي نعيش ونرى مشاهد الإجرام الداعشيّ باسم الإسلام، فان الرعب والخوف يجتاحنا من فكرة إستسهال القتل فحسب. فكيف بمسألة قتل رجل دين مُعمم له جمهوره، فقط لأنه معارض سياسي؟

هل يحق لأي نظام – مهما علا شأنه- أن  يسلب الانسان حياته بسبب رأيه؟ ألا تملك هذه السلطات حلولا أخرى كالإقامة الجبرية، أو الطرد، أو نزع الجنسية، أو السجن مدى الحياة؟ ألا يمكننا أن نواجه داعش والإرهاب بعقاب أقل ارهابا؟ خاصة أن المعدوم له صفة وحيثية معينة قد تؤلّب طائفة كبيرة ضد هذا النظام؟

هذا على الصعيد الداخلي لأي دولة أو بلد أو نظام. ولكن بالمقابل تعوّدنا على استنكار الدول الأوروبية لبعض الاحكام الجائرة التي تلجأ إليها دول عربية أو شرق أوسطية أو إسلامية ضد رعاياها، لكنها لا تألو جهدا في تخليص رعاياها من حبل المشانق حتى لو اضطرت لأن تقدّم تنازلات كبيرة سياسيّا، كما حصل سابقا في السعودية مع بريطانيين وقبلها في ليبيا مع بلغاريين..  

لكن اللافت هو تحوّل تصرف أرعن وظالم قامت به دولة إسلامية كالسعودية، الى حركة إحتجاجية من قبل دولة ثانية هي ايران. علما أن المعدوم هو سعوديّ الجنسيّة وليس إيرانيا.

هل يكفي أن تكون هويته شيعية حتى تتحرك الشعوب والأنظمة ضد قرار دولة ثانية؟ هل يحق لنا أن نتحرك ضد قرارات تتعلق بسيادة دولة ما، وإن كانت غير مُقنعة؟

أليست جنسيّة الشيخ نمر النمر أولا سعودية؟ وهل تحوّلت هوية رجال الدين الى هوية أمميّة، كما حصل مع الإتحاد السوفياتي في تحويله اليساريين في العالم أجمع الى مناهضين أمميين للسياسة الأميركية في كل مكان؟ وهل يملك هؤلاء الأمميون صفة أكبر وأوسع من مواطنيتهم؟

فإذا كان هذا هو المقياس فهذا يفتح الباب أمام تغييرات في الهوية والعقيدة الدينية لكثيرين من سجناء الرأيّ في سجون بلادهم لأجل ربط أنفسهم بدول ذات نفوذ لتتحرك من أجلهم؟

ولنا في عدوتنا إسرائيل عبرة وهي التي حاولت وتحاول المستحيل من أجل اطلاق سراح مواطنيها الذين خدموها في التجسس على البلدان الصديقة والعدوّة بعد اعتقالهم في كل من أميركا وأوروبا وبعض الدول العربية أيضا، لكنها لم تحاول لأجل عملائها العرب شيئا!

السابق
بري في لقاء الأربعاء يدعو لتفعيل عمل الحكومة
التالي
تجارة الجوع في مضايا