التسوية في الثلاجة ولن يجهضها الا اتفاق الموارنة على توافقي

البطريرك الراعي

تؤكد أوساط سياسية متابعة لمسار التسوية الرئاسية لـ”المركزية” أن الاخيرة لم تمت رغم الضربات القوية التي تلقتها من قبل الثلاثي المسيحي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب، والتصلب الذي ووجهت به من قبل “حزب الله”، مشيرة الى أنها حاليا في الثلاجة، وكل اللاءات التي رفعت في وجهها لن تتمكن من القضاء عليها، مؤكدة ان السبيل الوحيد لاجهاضها لن يكون الا باتفاق القادة الموارنة على مرشح رئاسي توافقي جديد.

وتوضح الاوساط أن المناعة التي تتمتع بها التسوية تستمدها من كونها أبصرت النور اثر توافق دولي – اقليمي، أجمعت فيه واشنطن وباريس والرياض برضى من طهران، على ضرورة ملء الشغور الرئاسي كمدخل لتفعيل المؤسسات الدستورية بما يحصّن لبنان واستقراره في فترة شديدة الدقة تمر فيها المنطقة، يسعى فيها كل لاعب اقليمي الى تحسين شروطه على أعتاب التسوية التي يعمل على إخراجها للنزاع السوري وللأزمات في المنطقة ككل، مذكرة بأن مبدأي النأي بالنفس وتحييد لبنان كانا أقرّا بدفع خارجي مماثل عشية انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان، بغية إبعاد الساحة اللبنانية قدر الامكان عن تداعيات التوتر في الاقليم، مشيرة الى ان المظلة الدولية نفسها لا زالت حتى اليوم تحمي لبنان وقد أفرزت مؤخرا التسوية الرئاسية بهدف تعزيز واقعيه السياسي والامني.

اما على صعيد مفاعيل التسوية على اللعبة السياسية المحلية، فترى الاوساط ان المبادرة بلا شك كسرت الاصطفافات القائمة وصدّعت جدران هيكلي 8 و14 آذار على حد سواء، وفتحت الباب امام خلط للاوراق قد تكون اولى نتائجه زرع بذور كتلة سياسية جديدة تضم الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية. الا ان أبرز تداعياتها حسب الاوساط، قد يتمثل في تعريتها موقف “حزب الله” من الاستحقاق الرئاسي. فاذا كان الهدف من اختيار فرنجية مرشحا هو تسهيل إنجاز الانتخابات كونه من صلب فريق الثامن من آذار المقاطع لجلسات الانتخاب، فإن حزب الله رفض التعاون مع التسوية وتمسك بدعمه ترشيح حليفه رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون، مؤكدا أنه لم ولن يبادر الى اقناع الاخير بسحب ترشيحه لان الامر هذا لا يعنيه.

ميشال عون

وفي سياق قراءتها لموقف الحزب، رأت الاوساط أن تشدده في الملف الرئاسي أثبت ان الفراغ لا يزعجه خاصة وأن للحزب هيكلية كاملة وذراعا عسكرية منظمة تجعلان منه كيانا تضاهي قوته قوة الدولة اللبنانية، وإضعاف الاخيرة عبر إبقائها مبتورة الرأس سيصب حكما في صالحه. أما السبب الثاني لتصلبه، فيكمن في أن الحزب لا تهمه الرئاسة بقدر ما يهمه ما بعدها، أي حصته في الحكومة وفي الحكم ككل، ومن هنا يطالب بسلة متكاملة تضم قانون الانتخاب وتركيبة الحكومة المقبلة، لضمان حصوله على أكبر كمّ من المكاسب السياسية خاصة في ظل الاصرار على تقليص النفوذ الايراني في المنطقة والذي تجلى في سوريا اثر التدخل الروسي، وقد ارتفع منسوبه بعد عاصفة الحزم وتشكيل الحلف العسكري الاسلامي بقيادة السعودية وقطع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران في أعقاب اعدام المملكة الشيخ الشيعي المعارض نمر النمر. أما السبب الثالث الذي يدفع الحزب الى عدم التجاوب مع التسوية، فيتمثل في حاجته خاصة في المرحلة المقبلة، الى الغطاء المسيحي الذي يؤمنه له محليا العماد عون. ولا تسقط الأوساط من حساباتها، عامل صراع الاجنحة في ايران وسير حزب الله بنهج المتشددين الذي يمثله الحرس الثوري الايراني لا المعتدلون الذين يمثلهم الرئيس حسن روحاني، وبالتالي فإنه لن يسهّل ولادة تسوية تعد الرياض جزءا لا يتجزّأ منها، خاصة اذا كانت ستفتح مجددا أبواب السراي امام الرئيس الحريري.

السابق
«الحاسة السادسة» حقيقة وهكذا نتعامل معها…‏
التالي
قاطيشا: تبنّي ترشيح عون قائم