«أمن إسرائيل».. بضمانة الأسد وبوتين وداعش

زهران علوش
يكشف تسارع الأحداث في سورية تفاهمات، ما بين بوتين – الأسد - داعش وهذا ما يغيظ طهران التي تنسحب. ويريح إسرائيل ويضمن أمنها. وكأن داعش تعيد انتشارها. فتنقل ثقلها العسكري إلى أبواب إيران. وذلك بعد أن قررت واشنطن إطالة أمد الحرب للضغط على موسكو.

غطّى مقتل رأس “جيش الإسلام” زهران علّوش على اتفاق خروج داعش الآمن من اليرموك والحجر الأسود جنوب دمشق إلى معقل داعش في الرقّة. وإن توالي الأحداث بات يظهر تفاهماً ثلاثياً بدأ يخلط الأوراق في سوريا. يجمع هذا التفاهم بين الأسد – داعش – بوتين، خيط رفيع متين يجمع بين الإغتيال الإسرائيلي لسمير القنطار والإنسحاب الإيراني المستمر من سوريا واغتيال روسيا لقائد جيش الإسلام. واللافت أن كل هذه الأحداث تدور في دمشق وجوارها. وأن إجلاء داعش عن بعد بضعة كيلومترات من القصر الجمهوري السوري بباصات وناقلات رسمية لأكثر من 2000 مقاتل داعشي مع عائلاتهم بإشراف الأمم المتحدة إلى مأمنهم في الرقة. كل هذه الرحلة التي تتعدى مئات الكيلومترات تحت مجهر القوات الروسية المستنفرة يعطي الكثير من المؤشرات على مرحلة مقبلة.

اقرأ أيضاً: هذا هو التكفيري الحقيقي

أبرز هذه المؤشرات، سكوت واشنطن والغرب عما يحققه التدخل الروسي في سوريا، بداية، وما يسمح لهم بالمزيد من السيطرة على الوضع في أوكرانيا. وثانياً، القرار الدولي الرقم 2254 بغموضه الخلّاق. وبالرغم مما تضمّنه من تحديدات زمنية لمرحلة التنفيذ فإنه لم يُلزم النظام أو الدواعش أو الميليشيات الأخرى بشيء.

والترجمة الغامضة لذلك، هو أن روسيا شنّت لأكثر من شهرين أكثر من 5300 غارة جوية لم تصب بنية داعش الأساسية بأي أذى. بل تؤكد واشنطن أن 85 في المئة من هذه الغارات موجّه ضد المعارضات السورية وبناها العسكرية وبعيداً من إيذاء داعش. وقل الشيء نفسه عن نظام دمشق. واللافت أنه حتى الغارة الإسرائيلية التي اغتالت القنطار لم تكن بعيدة عن هذا التوجه. وهذا الغموض ينعكس على مختلف الجبهات من القلمون إلى الغوطة إلى درعا إلى جنوب العاصمة دمشق مؤخراً. يقابل ذلك كف يد إيران وتعطيل ميليشياتها التابعة عن خطوات تنفيذ بعض هذه الإتفاقات.

زهران علوش

محور هذه القطبة المخفية، هو تحييد داعش. والخطورة الحقيقية ذهابها باتجاه العراق. والملاحظ وكأن هذه الإتفاقات المرفقة بغض نظر من النظام وقوّات بوتين، تستثمرها داعش في العراق، إذ يحوّل التنظيم وجهته العسكرية إلى بلاد الرافدين. وعليه يبقى تركيز خطة بوتين على سوريا كنقطة نفوذ. مقابل نفوذ أميركي متقاسم مع إيران على العراق، وهنا يمكن قراءة الإنسحاب الإيراني الهادئ من سوريا إلى العراق لتعزيز قواتها ونفوذها هناك، لأن العراق عملياً هو الخطر الحقيقي الذي يهدد العمق الإيراني.

إن تقاطعات مصلحية واضحة تجمع بين الأسد – بوتين – داعش. وهذه التقاطعات ما زالت تخدم العدو الإسرائيلي بقوة. ولكن لماذا يستمر بوتين في الإدعاء بقتال داعش ولا يفعل؟ يبدو الجواب لأنه لاحظ ببساطة أن واشنطن وحتى إشعار آخر هي مع إطالة أمد الحرب في سوريا. فكان الرد بتمتين هذه التقاطعات المصلحية بينه وبين النظام و”الدولة”. لتأكيد ضمان المصلحة الروسية في سوريا. وهو ما يريح النظام ولا يُزعج “الجارة إسرائيل” التي تقوم بتدخلات في العمق الدمشقي من دون أي روادع.

اقرأ أيضاً: الحسين اﻹمام العربي الثائر. هل أنت معنا؟!!

ولا يستبعد المراقبون قرب بدء انسحابات لقوات حزب الله من سوريا، والتي قد تبدو طبيعية في ظل انسحابات إيران التكتيكية. فلم تتكلم المعارك عن نفسها في القلمون. ولم تسقط الزبداني، بل سقطت الوعود بالنصر. وبدا حزب الله فعلاً كمن “لا يعلم” أنّه دعي إلى حفلة دموية. قدم فيها خيرة شبابه ومقاوميه. وهو لا يعرف لماذا. تحت شعارات لا علاقة لها بالترتيبات الروسية التي فاجأت الجميع إلا النظام السوري الذي استثمر الكل لهدف واحد، هو بقاؤه. لكن الخطورة على حزب الله وإيران هي أن موسكو التي باتت تقرر بقاء النظام أو عدمه. ومفتاح هذه اللعبة الروسية هو ارتياح الغرب لأمن “إسرائيل”. وهذا ما جعل الغرب وواشنطن يطمئنون لسياسة بوتين. لتفاهمها الأمني الإستراتيجي مع الكيان الإسرائيلي، ولهذه السياسة ارتدادات خطيرة ستظهر تباعاً.

 

السابق
الإرهاب اليهودي ابن شرعي للسياسات الإسرائيلية
التالي
عشيق «قمر» ضربها ثم خانها…ففضحته!‏