تفجير برج البراجنة: التحقيقات انطلقت ومواجهة جديدة مع الإرهاب

بعد الضاحية الجنوبية وتفجير برج البراجنة أطل الإرهاب في باريس عبر عمليات عدة متزامنة، صح وصفها بأنها 11 أيلول باريس، ليتأكد بعد ذلك أن ملف الإرهاب بات بنداً أولاً على أجندات الجميع. وفي لبنان فمع الإرهاب ينتظر الجميع ما سيكون عليه المشهد بعد أن نجح لبنان شعبياً وسياسياً في إظار وحدة في رده على تفجير برج البراجنة، بالتزامن مع كلمة بارزة اليوم للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، من المتوقع أن يكرر فيها طرحه لتسوية شاملة في لبنان.

أن الإرهاب يضرب فرنسا بعد لبنان، في دليل واضح على عولمة الإرهاب، وأنّ قدرته على اختراق الضاحية لا تختلف عن اختراق أيّ منطقة في العالم. وبالتالي فإنّ التضامُن الواسع الذي لقيَه من كلّ دول العالم سيتجلّى من جديد بالتضامن مع فرنسا، في موقف يوَحّد كلّ القوى العالمية ضد الإرهاب.

على المستوى الوطني العام، وعلى وقع تنكيس أعلام لبنان والمحكمة الخاصة به وقوات “اليونيفيل” حداداً على أرواح شهداء الهجوم الانتحاري المزدوج في برج البراجنة، عاش اللبنانيون أمس لحظات تضامن وترقب غداة الاعتداء الإرهابي.

وعلى رغم تصاعد المخاوف، برزت نقطة مضيئة في المناخ الداخلي تمثلت في مظلة التضامن العارم التي شكلتها ردود فعل سائر الفئات والجهات السياسية والحزبية والشعبية التي ربما عبرت عن تضامن وتعاطف قل نظيرهما لهذه الجهة، الامر الذي يشكل صمام امان اساسياً في مواجهة كل الاحتمالات المترتبة على التفجير وتداعياته

إقرأ أيضًَا: برج البراجنة: منطقة سنية شيعية فلسطينية.. والقاتل قتل منهم جميعاً

ظلّلت المجزرة الارهابية مجمل المشهد الداخلي الذي بدا غداة المجزرة رازحا تحت وطأة التساؤلات القلقة عن مآل النمط الارهابي الذي عاد يضرب في العمق اللبناني وما اذا كان التفجير يؤذن بمواجهة قاسية جديدة مع الارهاب واستهدافاته وخلاياه.

فصرح النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود بعد تفقده مسرح الجريمة بأن التفجير كان مزدوجا، اذ انفجرت المتفجرة الاولى التي كانت على دراجة نارية وزنتها سبعة كيلوغرامات والثانية عبر حزام ناسف على الخصر زنتها كيلوغرامان. واوضح انه لم يثبت بعد ان الانتحاريين كانوا ثلاثة.

ورجح مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر وجود رابط بين الانتحاري الذي أوقفه الجيش في طرابلس اول من امس والانتحاريين اللذين فجرا نفسهما في برج البراجنة.

وحول ما يمكن أن يلي عملية أمس الأوّل الخميس، فقد تحدّثت التقارير التي استُعرضت عن احتمال أن تتجدّد في أيّ وقت بالطريقة الانتحارية عينها بعدما باتَت محسومةً صعوبة استخدام سيارات مفخّخة لأنّه تمَّ تطويق حركة مفخّخيها ومستخدميها في الداخل والخارج. ويبدو أن تفجير برج البراجنة الأكثر تعقيداً بين العمليات الإرهابية التي استهدفت لبنان خلال السنتين الماضيتين. فحتى يوم أمس، لم تكن التحقيقات قد توصلت إلى تحديد هوية الانتحاريين، ولا تم تحديد خيوط يمكنها أن تؤدي إليهما.

 

إجتماع أمني

وأشارت الصحف الى الاجتماع الوزاري – الأمني – القضائي الذي ترأسه الرئيس تمام سلام للبحث في الجريمة والاحاطة بما ترتب عليها، واتخاذ ما يلزم من إجراءات للحؤول ما امكن دون تكرار جرائم الإرهاب المتجددة في لبنان.

واتفق بنتيجة الاجتماع على تنشيط التنسيق بين الأجهزة الأمنية، على الرغم من ان التنسيق والتعاون بين هذه الأجهزة في أعلى درجاته، بحسب ما أكّد مصدر أمني رفيع شارك في الاجتماع لـ”اللواء”، الذي ذكّر بما كشفته هذه الاجهزة من شبكات ارهابية في المدة الاخيرة، كاشفا عن معلومات امنية خطيرة توفرت لدى الاجهزة   حول امكانية قيام مجموعات ارهابية بتفجيرات خصوصا خلال الاشهر الثمانية الماضية.

وكشفت معلومات “الجمهورية” أنّ أحد منفّذي الجريمة استَخدم درّاجة نارية وسَلك الطريق المؤدي الى مسرح الجريمة انطلاقاً من طريق مقفل ببلوكّات الباطون المسلّح من جهة مستشفى الرسول الأعظم فعبَر في فجوة من فجواتها بأعصاب باردة سَمحت له بان يَعتقد البعض أنّه “ابن الحي”. ومن هذه الطريق تمكّن من الوصول إلى المنطقة المستهدفة مباشرةً في ساعة الذروة التي يتجمّع فيها الناس هناك، حيث فجّر درّاجته التي كانت تحتوي على سبعة كيلوغرامات من المتفجّرات الشديدة الانفجار. وأدّى الانفجار الى فصل جسمِه الى جزءين نتيجة العصف السطحي للعبوة، ما سَمح ببقاء القسم الأعلى من جسمه كاملاً من الرأس حتى الخصر وحافظَت جثّته على كامل شكلِه الخارجي.

وقال التقرير الرسمي والنهائي وفق “الجمهورية” إنّ الانتحاري الثاني لاقى الأوّل من الجهة الأخرى وانتظر عملية التفجير، وهو كان على بُعد حوالى 60 متراً من مكان التفجير الأوّل وهو ما سَمح له بالتسلل بين الناس وسط ذهولِهم ليفجّر نفسه، حيث تمّت العملية بعدما تيقّنَ أنّ الجَمع بلغَ الذروة، وهو ما أدّى إلى هذا العدد الكبير من الضحايا الذي فاقَ أيّ عملية تفجير سابقة.

اقرأ أيضًا: الفقراء من عرسال إلى طرابلس والضاحية هم ضحايا الإرهاب!

ترابط مع طرابلس

وفي مرحلة لاحقة استُعرضَت وفق “الجمهوية” التقارير الأمنية التي سَبقت الحادث، ولا سيّما تلك التي نتجَت عن توقيف إرهابي في طرابلس قبل ايام كشفَ أنه كان ينوي القيام بعملية مماثلة في بعل محسن في طرابلس وبحوزته حزام ناسف بنفسِ المواصفات المستخدَمة في تفجير الضاحية، ما جعلَ الترابط بينه ومنفّذي الجريمة منطقياً وواقعياً إلى الحدود القصوى، وهو ما ستُثبته التحقيقات المقبلة.

ورغم أن الموقوف (إبراهيم ج.) شديد التكتّم، فإن الفحص التقني للحزام الناسف الذي كان في حوزته، بيّن تطابقاً كاملاً في المواصفات بينه وبين الحزام الذي لم ينفجر وكان يحمله أحد انتحاريي برج البراجنة.

 

السابق
بالصور: أسر «جبهة النصرة» 3 عناصر من «حزب الله»
التالي
جريمة تتطلّب استفاقة وطنيّة