في انتحار السنّة والشيعة…

اليومَ تستشري هذه المذبحة التاريخية يتقدّمها رموزها "الجهاديون" من الجهتين يحدوهم الطمع في جنّة واحدة. تلك جنّة لن يطأها بأيّ حالٍ، موجودةً كانت أم غير موجودة، أحدٌ من الذين قادوا مجتمعاتهم نحو هذه المذبحة...

اختار بعض السنّة للسنّة طريق الانتحار، والسنّة هم الكثرة الكاثرة بين سكّان هذه المنطقة من العالم. سلكوا بهم هذا الطريق حين اعتقدوا أن في وسعهم فرضَ سيادتهم المذهبية على المنطقة، ظالمين كانوا، قبلَ ذلك، أم مظلومين. بين 2003 و2010، انتحر في العراق 1003 شبّان من السنّة ليقتلوا ألوفاً من مواطنيهم الشيعة مدفوعين إلى ذلك بسياسة المحتلّ الأميركي الذي زعموا مقاومته فيما لم يكن يصيبه من انتحارهم غير أضرارٍ جانبية.
قاتل السنّةُ من عرب العراق لاستبقاء سيطرتهم على البلاد، بما هم أقلّية، ويقاتل سنّة سورية لدفع سيطرةٍ أقليّة عليهم يتصدّرها نظامٌ لم تعرف هذه المنطقة نظيراً لإجرامه. على أن من يقاتل تحت الرايات الداعشية أو ما يشبهها من قريب أو بعيد في سوريا أو في غيرها ليس موعوداً بالنصر، مهما تطل الحروب، ولا هو موعود بمجرّد الحياة. هو موعودٌ بالانتحار وحسب.

إقرأ أيضاً:بعد تفجيري برج البراجنة:وقفة للتبصر والاعتبار والرد
وأمّا الشيعة فكانوا قد باشروا مسيرتهم الانتحارية أيضاً حين راحَ بعضُهم يزيِّن لهم، مغترّين بالطموح الإيراني، أن في وسعهم أن يكونوا قوّة واحدةً مقاتلة، بما هم مذهب، وأن يهملوا ما بين جماعاتهم من حدود وطنية وما تنتمي إليه كلّ جماعةٍ منهم من دولةٍ، وإن تكن هشّة الهياكل أو مستبدّة، وما يقوم بينهم وبين الجماعات الأخرى، في كلّ من أوطانهم وفي محيطها، من علاقاتٍ يُفترض أن يُرعى في موازينها الاعتدال والإنصاف.
اليومَ تستشري هذه المذبحة التاريخية يتقدّمها رموزها “الجهاديون” من الجهتين يحدوهم الطمع في جنّة واحدة.
تلك جنّة لن يطأها بأيّ حالٍ، موجودةً كانت أم غير موجودة، أحدٌ من الذين قادوا مجتمعاتهم نحو هذه المذبحة…
لا أحد يشبه صبياً واقفاً أمام الفرن في برج البراجنة أكثر من صبيّ واقف أمام المخبز في داريّا. ويستحيل أن يكون قتلُ أحدهما ثأراً لقتل الآخر، كائناً من كان البادئ بالقتل. يستجيل أن يكون قتل الواحد منهما غير مضاعفةٍ لقتل الآخر.

إقرأ أيضاً: التفجيرات و مسؤولية الطبقة السياسية!
لتكن شهادةُ مواطنينا (ولي بينهم قريبٌ عزيز) سلاماً لوطننا ولأوطان الجوار المنكوب! ليكن منها قوّةٌ تدفع نحو وقف المذبحة. ليكن منها تحريض على البحث عن صيغٍ لتدبير المجتمعات مُحبّةٍ للبشر!

السابق
ما علاقة انتحاري الشمال بانتحاريي برج البراجنة؟
التالي
بالصوت: تهديد داعشي بتفجير انتحاري في «حيّ السلم»