الشاعر محمد العبدالله على رصيف الوطن.. والخيام

محمد العبدالله
قصة لم تذهب من بالي حدثت منذ سنوات عديدة حين اكتشفت الزميلة هدى سويد ان الشاعر صفوان حيدر مرمي في سجن رومية به فقامت بحملة لإخراجه وهو اليوم يطل من على منابر"السفير"... فهل على الصحافة إنقاذ الشعراء من براثن الزمن اللئيم؟ وأين وزارة الثقافة اللبنانية المحترمة؟

محمد العبدالله شاعر لبناني “جنوبي” ابن بلدة شهيرة جدا تُدعى “الخيام”، تضم ربما عشرات المؤسسات، وتفتخر بالأسماء الكبيرة التي أنجبتها، لكنها ليست الا بلدة كباقي البلدات وقرية كباقي القرى، وتشبه الى حد بعيد في سطوتها سطوة الشهرة التي تسحب من المشهورين أحلى سنيّ أيامهم وترذلهم في آخر العمر.

اقرأ أيضاً: آراء ومواقف مجهولة للشاعر الراحل موسى شعيب تُنشر لأوّل مرّة

في مشهد مأساوي حزين، في ليلة ظلماء لمحتُ الشاعر الكبير محمد العبدالله على زاوية الشارع على بعد أمتار قليلة أوتوستراد هادي نصرالله، يرمي جسده التائه على سيارة تحت أسفل بناية قديمة، ويحمل عكازا، مطأطأ رأسه بشعر منكوش فرّقته العواصف التي هبت ليلا وشتته الضياع الذي أصاب شاعرنا الكبير ذي الصوت المميز برّنته وإلقائه القصائد الغزلية والوطنية والناقدة…

صرخت إنه محمد العبدالله!

خفت ان افتح هاتفي النقال والتقط له صورة فأكون قد أسأت إليه وهو الذي أحسن الى جمع من المثقفين يوما..

https://www.youtube.com/watch?v=f93ZDfB1eoM

أيّ مأساة تصيب شعرائنا يا ترى؟ أي هول يُرمى على اكتافهم وهم الذين جمعوا في بيوتهم أهم الاسماء وأعلى الهامات وهم الذين أداروا أهم المجلات (اليوم السابع) وسطروا أشعارهم في أهم الصحف.

أيّ مأساة تخفيها الأيام لشاعر تزوج وأنجب في الوقت الذي يُقال فيه ان الخوف الأكبرعلى من لم يؤسس عائلة ولم يركن الى زوجة!

أيّ كارثة تحلّ على من أغنى ثقافتنا وليالينا وأيامنا، على من نقل سخرياتنا من هذه السلطات الهشّة قبل عقود! على من ثمنّ صفحات مجلاتنا بنقده اللاذع اللماح!

أيّ مصيبة تنتظر مثقفينا.. مشاريع الشعراء.. الذين غالبا ما نلوم غياب إبداعهم! وأي ابداع في بلد المآسي، في بلد يشحذ فيه من نحفظ أشعاره غيبا، ولا نعرف أو ندرك أنها له، وأن المغنين سرقوها دون أن يدفعوا حقوق مؤلفيها!

أيّ هول أن نشهد قلم ناقد، بارع، يتلوى من غياب القدرة على الوقوف؟

ان كان من ملوم فهو وزارة الثقافة، وأهل الخيام، وعائلته الصغيرة وأخيرا هو الشاعر نفسه، لأنه ضحى بحبه لأجل عائلته الصغيرة وتخلى عن معشوقته في سبيلها..

ما هذا الزمن الرديء الذي يُرعبنا في الوقت الذي نطالب فيه أنفسنا بالحرية، والإستقلالية، والإبتعاد؟

أهذا هو عقاب مثقفينا؟

أهذا هو عقاب شعرائنا؟

هل من يسمع؟ هل من مجيب؟

كتب محمد العبدالله في العام 1984 خلال الحرب الاهلية كتاب “حبيبتي الدولة” إستهزءا بفكرة السلطة.. ها هي السلطات كافة تنتقم منه.. وربما سلطة السماء بالإشتراك مع سلطات الأرض.

نبذة عن الشاعر محمد العبدالله:

ولد عام 1946 في بلدة الخيام الجنوبية. حصل على إجازة في الفلسفة من الجامعة العربية ببيروت 1973، وعلى شهادة الكفاءة في الأدب العربي من كلية التربية – الجامعة اللبنانية، وعلى دبلوم الدراسات المعمقة في الأدب العربي 1975، وعلى شهادة السوربون الثالثة 1977. اشتغل بالصحافة في الصحف والمجلات الآتية: السفير، النهار العربي والدولي، الموقف العربي، المستقبل، كما قدم بعض الأعمال الإذاعية. وأصدر مجلة (اليوم االسابع) الثقافية التي توقفت.

الشاعر محمد العبدالله
محمد العبدالله مع مجموعة من الشعراء الاول على اليسار

حلّ ضيفا على صفحات مجلة “شؤون جنوبية” فميزها بسخرية من خبر الحياة فعجنته وطحنته…

اما أهم دواوينه الشعرية فهي:

– رسائل الوحشة 1979

– بعد ظهر نبيذ أحمر…بعد ظهر خطأ كبير(شعر – قصص) 1981

– جموع تكسير 1984

– حبيبتي الدولة(تغريبة) 1986

– تانغو(87) 1987

– حبيبتي الدولة 1990

– بعد قليل من الحب, بعد الحب بقليل 1992

– قمر الثلج على النارنج 1998.

ومن احدى قصائده العامية التي غناها الفنان مارسيل خليفة نختار:

منفلفش الجريدة (إلى كمال جنبلاط)

منفلفش الجريدة

ومنقرا الجريدة

ومنسأل الجريدة

صوتك وينو

وبعدا بتسكت وبتطلع بيضا الجريدة

منفلفش الجريدة

ومنقرا الجريدة

ومنسأل الجريدة إسمك وينو

وبعدا بتسكت وبتطلع بيضا الجريدة

صوتك غياب وشمس قالت رح تعود

رنة جرس زعلان ع كتف الجرود

ومحيو الجرايد كلها لكن بقي

إسمك خارطة الجرح موجود

صوتك طالع

من رايات المكسورة وما مالت

إسمك راجع بحكايات المقهورة الـ ما انقالت

جرحك ساطع

عالبواريد

للي بعدا ما انشالت عالمتاريس

دمّك بعيون الناس بيكتب جرايد

ع درب النصر الصعبة بـ ينظم قصايد

وبهالأرض المحروقة رح يبقى شاهد

غنى له الفنان مارسيل خليفة عددا من أشعاره منها: من هنا تبدأ الخارطة:

اقرأ أيضاً: عبد المجيد الحر: شاعر ومؤلّف طَوَّع الأوزان

 

السابق
بالفيديو: تفاصيل جديدة عن «حادثة المعاملتين»
التالي
بالفيديو : «سوزي»أكبر متحوّل جنسيًا: كنتُ أمارس الدعارة!