نصر الله إذ يخفّف من ذنوب إسرائيل

السيد حسن نصر الله
ماذا يريد أن يقول السيد حسن نصرالله في خطبته؟ هل يريد القول لجمهوره وللبنانيين إنه ضحية مخططات جهنمية وأنها هي التي جرتنا إلى مواقع قتالية، حظوظ الحياة فيها تتحق بالموت والتضحية فقط ؟ هل هو في خطبته الأخيرة يعلن مكامن الألم التي تسببت بها إستراتيجيته الإستباقية؟

أمّا وقد أعلنها صراحة السيد نصرالله في خطابه العاشورائي أنه ضد “الإدارة الأمريكية”، فإننا لا ندري لماذا خصصها بهذه التسمية أي إعتماد التجزئة دون الجمع، فلم يقل الادارة الفرنسية مثلا، بل فرنسا وبريطانيا والغرب الخ…، ولربما ذلك عائد إلى فقه التقية، فأحسب أن الكل بمن فيهم الجمع المحتشد في طريقه إلى الإلتحاق بالتضحية الإجبارية التي أتقن الخطيب التحريض عليها بدقة إنطلاقاً من عبارة “إنها حرب ثقافية إقتصادية سياسية أمنية وعسكرية شاملة تمارس علينا”، ونسي أو لربما سقط سهواً عنده أن مواجهتها لا تكون بالإصرار على إستراتيجية الموت وتجاهل نصر الحياة .

قد يكون خطاب السيد أقرب إلى الإقرار بواقع السقوط في الشرك الذي أعد له و لحزبه، فالحرب العسكرية التي فرضت عليه في سوريا والتي حاول جاهداً تبريرها بعناويين تخفيفية لم تعد تجدي نفعاً بعد الإعلان الروسي عن الغاية الحقيقة للصراع وعن أن مشاركته فيها هي فعلاً بالوكالة تمامًاً.

السيد حسن نصر اللهالحرب الأمنية التي أوقع نفسه بها، أوجبت عليه حالياً التقوقع داخل حدائق إسمنتيه، أما الحرب الثقافية فحدث ولا حرج إذ لا يحق لمن هو متخلف عنها لأسباب هو اختارها أن نجد تفسير لفهمها أو إدراكها، تبقى الحرب الإقتصادية التي لم يقدر عليها السيد ولن يقدر عليها نظراً لامتلاك عدوته الإدراة الاميركية مفاتيحها وهي تمسك بعقدها وتشعباتها بشكل يصعب عليه حلها أو تدميرها، والعجز هنا مكمنه ليس إلا سياسة الأمن وثقافة القتال العسكرية التي ينتهجها.
وحدها الحرب الإعلامية التي أشار إليها في إعلانه تكفي ليدرك الجمع سبب الفوضى والخراب الذي يلم بنا والفرقة التي نعيش فيها. ومنها على سبيل الذكر لا الحصر أسطورة داعش الروائية و(حزورة ) القاعدة الخيالية التي حولتها الأيام بالخوف والتخويف إلى واقعة حقيقة ساهمت فيها القنوات الإعلامية ومواقع التواصل والإتصال التكنولوجية الإميركية والفرنسية والبريطانية والدول الغربية ووقع ضحيتها من يشكو متأخراً من عظيم أمرها ومخاطرها .
قد تعجب أكثر عندما تسمع الكلام عن السلاح المستخدم ضد الشعوب العربية، وقصد به تحديداً النفط والغاز ومسألة التحكم بأسعارها من قبل الإدارة الدولارية في حربها على الأمة الممانعة الجهادية، وأحسب انه أباح عن سرّ من أسرار حربه على الدول المجاورة للسيطرة على هذا السلاح (النفط والغاز)، والتي أسهمت سياسة الإدارة الاميركية في إحباط محاولة الإفادة منه ومن عائداتها المالية، وكذلك فعل حاكم السعودية من آل سعود صاحب الجلالة سلمان بن عبد العزيز حين رفض تخفيض الإنتاج لكي لا يسمح للحزب والجمهورية التوسعية الإيرانية بالإفادة من غنائمهم وتمويل حربهم على الدول العربية وربما مستقبلا الخليجية.

السيد حسن نصر اللهمغالطة هو الكلام عن السلطات المحلية، ففيه غموض يلزمه توضيح خصوصاً وأن المتكلم سيد دويلة تتحكم بدولة مستقلة ويستعين عليها بجمهورية إقليمية، لقد عاب السيد على الدول العربية الخليجية جارة الجمهورية النووية إن تشتري أسلحة للدفاع عن نفسها، وكأنّ السلاح المقابل الايراني هو تقليدي، أو يصنف على أنه طقس إيراني يستخدم للترفيه ويخضع للعادات ويستخدم في الحفلات الفلوكلورية الشعبية!

إقرأ أيضاً: إلى السيد حسن نصر الله: «بعد إلك عين تتهم حدا بالعمالة»؟!

يبقى أن الطامة الكبرى الكارثية الفاقعة في خطابه كانت فتوى إعتبار العدو الصهيوني المغتصب أداة تنفيذية للإدارات الغربية، وكأنه بذلك يحاول أن يمنحه صفات تخفيفية تعذره على جرم اغتصابه لفلسطين وقتله أطفالها وإستباحة اعراضها، بحجة أنه أداة مغلوب على امرها وأمر الرد عليه متروك لأهلها إذا إن الخوض به قد يصنف على أنّه مزايدة تمنح مثيرها فرصة تسجيل النقاط على إدارة الحزب.

ما قاله السيد في خطابه وما أكد عليه وبلّغ به اللبنانيين، هو إستمرار الالم والمعاناة في وطننا، وأن “لا تراجع عن خيار القتال في سوريا ومن تراجع ـ وليس فينا من يتراجع ولكننا نفترض ـ من يفكر أن يتراجع فهو كمن يترك الحسين ليلة العاشر من محرّم في وسط الليل”!

السابق
رياض قبيسي لنوال بري: سدّيه…
التالي
وئام وهاب: كأن تمويل آل سعود للإرهاب ليس كافياً فأدخلوا تهريب المخدرات الى بلادنا