هي الحرب الآتية على العباد، لم يغيّر الله شيئا في بلاد الشام والجغرافيا السورية تحديداً، تلك الموصوفة تشبيهاً بأرض الرباط والجهاد والحسم، أي أرض القتل والقتال والسلاح والدماء والمدافن والأكفان في كل الأديان، حرب واجبة الوقوع لا لشيء إلا لكونها مسرح الروايات والقصص والأساطير التي طالما أغوت القاطنين والقانطين، لطبيعة ميزتها دون سائر المخلوقات، ربما بسبب الفيء و توفر الماء وتنوع المناخ. ومع الزمان تطوّر الحديث عنها وزاد التفسير ومجد الحكواتي وعظم من شأن الراوي وناقل الأخبار والحافظين.
السياسة في هذا العالم خسرت قواعد العقلانية وفقهها بمعظمه إن لم نقل برمته ونسيت الحقوق والإحترام للإنسان ولمخلوقات الله أو هي همشتها وقدمت عليها فلسفة الذاتية، وحكمت على الأفعال بالقياس إلى مصالحها وباركت لكل من صدق روايتها الرسمية، فأدخلت من تشاء جنتها على أساس المعطى الحديث والتشكل الجديد الذي به وحده تصطلح الأمور وتستساغ الفكرة وتكون محور التفكير الصحيح.
إقرأ أيضاً: نصرالله تغيّر.. من سيّد المقاومة إلى قائد فيلق عسكري
هذا ما برعت به الولايات المتحدة الأمريكية، وحددت بها الماهية كفيض الحرارة عن النار والضوء عن الشمس فكان فيض يمدها بالدوام والبقاء والإنتظام، ويجعل الكل مهما علا إسمه أو صورته أو حتى صوت ناقلات طائراته وقذائفه ورصاص رشاشاته دونها طالما هي سبقت فعلها بعقلها وكان لها مرادها.
شام الطائفة المنصورة، أرض الخلافة الراشدة، ساحة معركة الحسم مع اليهود، مركز إرتفاع الفتن ووقوع الملاحم، خروج يأجوج ومأجوج، الأعور الدجال ونزول نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام وظهور محمد مهدي الإمام، ومهما شبرناها ومترناها وقدرناها سنبقى في عجز عن إدراكها أو عن فهم ما فيها.
الماضون والآتون من السكان الأصليين لهذه البقاع لم يدركوا ولن يدركوا شيئا مما يحدث في سوريا أو الشرق الأوسط بالعموم، لا بالأمس، ولا الآن، ولا بالغد، لإنبهارهم بالقادمين القادرين المتصرفين الجدد وسيخفى عنهم (لشدة ظهورهم كما تخفي الشمس عن الأبصار الضعيفة) ما هو موجود، وكلما نزع هؤلاء المحليون عن الشيء صفاته كان أكمل وكلما أوجبوا عليه شيئاً زائداً كان مشبهاً وابتعدوا عن الواقع، فالفائض عن الذات فيه إستحالة على الفهم، ويصعب حتماً على الإدراك.
إقرأ أيضاً: في الذكرى السابعة لمحاولة اغتيال قاسم سليماني