في مديح العزلة والمنعزلين

العزلة

الإلتزام بالدوام هو نوع من عزلة يفرضها الموظف النشيط على نفسه بحجة الإخلاص المهني.. والإلتزام بالعائلة نوع من إلتزام إجتماعي يفرضه أحد ما على نفسه هربا من الواقع…

والإلتزام هو عزلة ظاهرها عمليّ، لكن باطنها هروب من مجتمع يريدك نسخة عنه في تفكيرك وإسلوب عيشك ونمطيته المفرطة في التكرار.

ان تخرج عن الإلتزام العام يعني انك خرجت عن القالب، وبت مجنونا، بل حرّا كالعاشق.. مسيطرا لا عبدا.. صاحب قرارك.. وخادم أهوائك.. ومبدع نصوصك.

العزلة هي الفعل الصحيح الوحيد الذي يُبعدك عن الإنصباب بالقالب العام الذي نحن جميعنا واقعون فيه.

وانعدام إبداعنا عائد الى القالب الذي يحتاج الى جنون مفرط في القوة لكسره، كحال العمل الاستشهادي، وكحال الانتحار، وكحال الدعارة، والشحاذة، والحرب، ووووو..

العزلة هي القابض الوحيد على إنعدام حريتنا.. الحرية مدخلها العزلة، والكره الإجتماعي، والرحيل الدائم، واللاسكوت، والموت في سبيل التجربة.

العزلة خلاصنا وهي إنفراط المجتمع الكاذب المحصّن بالمعتقدات والأوهام والتاريخ والقصص الخرافية والمضخّمة والوهميّة.

العزلة هي الفرد، هي الانسان، هي الكائن، هي الحياة بكامل حقيقتها، هي الحساب الوحيد الذي يمكن ان نطالب الله به، فإذا اراد محاسبتنا ككائن اجتماعي، لن يكون من حقه ذلك..

السابق
جعجع: محاربة الارهاب عسكريا لا تكفي والمطلوب مواجهة انفلاشه
التالي
لهذا السبب نتبادل «القبلة الفرنسية»