الستاتيكو اللبناني ليس قابلاً للتبدّل قريباً

مع ان أصوات رؤساء البعثات الديبلوماسية المؤثرة في بيروت قد بحت خلال ما يزيد على سنة وبضعة اشهر من ازمة الشغور الرئاسي حول عدم جواز الرهان على الاتفاق النووي من اجل حسم موضوع الاستحقاق الرئاسي، فإن ردود فعل سياسية اساسية سارعت الى كشف وجود رهانات فعلية لم تنجح النصائح الغربية في دحضها فيما هلل البعض لما اعتبره مكسبا ايرانيا لا بد ان ينعكس على توازن القوى في الداخل. تبدل ميزان القوى يفترض ان يسيل في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية في ظل تعويل على ان يكون المرشح العلني لقوى 8 آذار اي العماد ميشال عون هو من سترتفع حظوظه بناء على اقتناع يقول به البعض من انه على رغم ان ايران والمملكة العربية السعودية هما الاكثر تأثيرا على الساحة اللبنانية راهناً، فإن الانفتاح الاميركي على ايران ينبغي ان يضغط على السعودية المنشغلة في حربها في اليمن من اجل التسليم بمرشح 8 آذار.

ويعتبر كثر ان ثمة تبسيطا كبيرا في هذه المقاربة في حال تم التسليم جدلا بأن الاتفاق النووي يمكن ان يؤدي في احد نتائجه الى حلحلة في الداخل اللبناني في المدى المنظور، علما ان هذا الامر ليس مؤكدا ولا محسوما على رغم الامال التي رفعتها مواقف بعض السياسيين في هذا الاطار. وليس مؤكدا ولا محسوما كذلك بأن تصب انعكاسات الاتفاق النووي تعزيزا لمكاسب ايران في لبنان لان ذلك يعني تعزيزها في سوريا ايضا باعتبار ان ما يصح على احدهما ينسحب على الاخر بحكم اعتبارات مترابطة. ويقول سياسيون في هذا الاطار إن الجهد الذي سيبذله الرئيس الاميركي من اجل اقناع الداخل الاميركي بانه انجز اتفاقا جيدا او غير سيئ ومن اجل السعي الى طمأنة حلفائه في المنطقة اكانت اسرائيل ام دول الخليج العربي لن يترجم على الارجح بالتسليم لايران في سوريا وفي لبنان الى جانب مكاسبها في الاتفاق النووي ورفع العقوبات اضافة الى العراق الذي بات يسلم بالنفوذ الواسع لايران فيه. فمع ان هناك مخاوف من استشراس ايران في الحفاظ على نفوذ قوي لها في سوريا ولبنان، فإن الحسابات الدولية والاقليمية يفترض ان تأخذ في الاعتبار مصالح الدول المؤثرة المعنية. والنظرة الى التطورات الاخيرة في اليمن تظهر تزامنا تاما في التوقيت مع الاعلان عن الاتفاق النووي حيث عادت السلطة المعترف بها دوليا في اليمن الى اخذ موطىء قدم في عدن بدلا من ان تبقى في الرياض بما يفيد بان الرهانات اللبنانية قد تكون متسرعة ان لم تكن تتجاهل دولا واطرافا في المنطقة سيواصلون المواجهة من اجل الحصول على حصصهم ومواقعهم.

الاتفاق النووي الايراني
ولذلك، فإن عنوان المرحلة في المدى اللبناني المنظور يبقى الستاتيكو القائم من دون اي تغيير. فمع ان هناك اتجاها للعمل بآلية في مجلس الوزراء تستند الى التوافق وتمنع التعطيل لكن من غير المرجح ان يعطى رئيس التيار العوني ما يريده اي تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش بالتزامن مع حلول موعد بت تعيين رئيس جديد للاركان في الجيش في 7 آب المقبل. فهناك نية لدى كل الافرقاء لتذليل العقد التي توضع امام مجلس الوزراء والتي اضحت اخيرا تتعلق بجدول الاعمال، لكن الخط البياني بات واضحا في محاولة الانتقال الى التعيينات الامنية ومنها الى حقوق المسيحيين او الى اعطاء الحقوق للقوة الاكثر تمثيلا لدى المسيحيين تماما على غرار تدخل “حزب الله” في سوريا الذي انتقل من الدفاع عن المراقد المقدسة الى الدفاع عن القرى الشيعية فالدفاع عن النظام السوري واخيرا محاربة الارهاب. فالانفراج المأمول حتى الآن هو امكان تأمين تواقيع كافية من اجل فتح دورة استثنائية لمجلس النواب مع عدم استبعاد وضع قانون استعادة الجنسية على جدول الاعمال والذي يلتقي نواب من مختلف الطوائف على ان الطائفة المسيحية لن تكون مستفيدة من هذا القانون على غرار الطوائف الاخرى في حين ان قانون الانتخاب لن يخرج من اللجان للاعتبارات المعروفة والمعلنة لدى الرئيس نبيه بري. واذ تقول مصادر انه كان في امكان العماد عون ان يحصل على تعيين صهره قائدا للجيش وفق الافكار التي اقترحت عليه من بينها الذهاب الى تسوية تقضي بانتخاب رئيس يتوافق عليه الجميع، الا انه لم يوافق على هذه الافكار او الاقتراحات في حين ان انتخابات الرئاسة وعلى غير ما توحي الآمال المعلقة على بتها وفق ميزان قوى مختلف في المنطقة وتاليا في الداخل لن تذهب وفق ما تقول هذه المصادر نحو رئيس يعتبر طرفا تماما على ما قال رئيس الحكومة تمام سلام قبل يومين. فمع انه بات واضحا وثابتا للجميع ان “حزب الله” لن يترك حليفه العوني، الا ان حسابات الحزب وتاليا ايران مع الدول الخليجية السنية تفترض ان احتمال ان تحصل ايران على الاثمان لموقعها خارج لبنان وان شعرة معاوية ينبغي ان تبقى قائمة بين الجانبين لاعتبارات كثيرة ليس اقلها ان الصراع بين خطين اقليميين قد يستمر لبعض الوقت ولا يحسم في المدى المنظور وان الوضع لن يستتب في حال تسجيل مكسب او نصر لفريق على اخر. ما يؤدي الى خلاصة لدى اوساط سياسية عدة ان اثمانا داخلية ستترتب على اي صفقة وان كان هناك من سقوف مرتفعة للمطالب فإن حسابات الحقل قد لا تطابق حسابات البيدر.

(النهار)

السابق
لا أعياد هنا…
التالي
مباراة في الخبث