تمدد حزب الله (3): مخطط سرايا المقاومة في السيطرة على إقليم الخروب

حزب الله
يعيش أبناء اقليم الخروب وساحله قلقا ممزوجا بالخوف من المخطط الذي يحضّره حزب الله لبلداتهم. تحديداً بعد ارتفاع وتيرة تجنيده عناصر تابعة لسراياه، من شبّان سنّة، في هذه البلدات، والقلق الأكبر اليوم على بلدة الناعمة. فما هو دور "سرايا المقاومة" في بلدات لا تقع على الحدود مع إسرائيل؟

عاد القلق ليخيّم على مناطق خلدة والناعمة وإقليم الخروب، خصوصاً بعد حادثة السعديات الأخيرة التي «فتحت العيون» على خطر يتغلغل منذ أحداث السابع من أيار 2008 ويستهدف أبناء البلدات الساحلية وبلدات إقليم الخروب، ألا وهو خطر «سرايا المقاومة».

قبل أحداث أيار 2008 كان عدد المنتسبين إلى «سرايا المقاومة» لا يتعدّى عدد أصابع اليدين في إقليم الخروب. وبالتالي لم يستطع المنتسبون الى حزب الله تشكيل قوى عسكرية فعّالة وضاغطة على الأرض أثناء تلك الأحداث، فقد بقيت مناطق إقليم الخروب والناعمة آمنة ومستقرّة، لا بل استطاع أبناؤها تشكيل قوى ضاغطة من خلال نزولهم الى الساحل وقطعهم الطريق احتجاجاً على ما حصل في بيروت من اجتياح واحتلال نفّذه حزب الله وحلفاؤه.

شباب عاطلون عن العمل، استطاع حزب الله تجنيدهم، بعد محاولات عدّة من التواصل معهم والإلحاح عليهم للتغرير بهم

لذلك، وبعد أحداث السابع من أيار ادرك حزب الله أنّه يحتاج إلى تأمين خطّ الساحل الذي يربط الجنوب ببيروت وتعزيز وجوده في هذه المناطق، كي لا يتكرر سيناريو قطع طريقه الحيوي له ولجمهوره، من وإلى جنوب لبنان. لذلك فقد قرّر القيام بانقلاب جيوسياسي جديد داخل الأراضي اللبنانية.

إقرأ أيضاً تمدّد «حزب الله» (1): موقع السعديات من مخطط إيران الإمبراطوري

حرّك الحزب أدواته البشرية في هذه البلدات، ضخّ المال واستخدم أسلوب التغرير ليصطاد العاطلين عن العمل، استحدث المراكز وبنى المجمعات السكنية. وقد نجح اليوم بزرع عناصره وبأعداد لا بأس بها في إقليم الخروب والناعمة التي ينتمي أغلب أبنائها الى الطائفة السنية، مع قليل من المسيحيين، وهي مناطق تقع جغرافياً على حدود الشوف ذات الأغلبية الدرزية.

«سرايا الفتنة»، كما يسميها أغلب أبناء اقليم الخروب، ساهمت في انتشار السلاح بشكل عشوائي مع عناصر تابعة لحزب الله بين أبناء بلدات اقليم الخروب، من برجا الى السعديات والجية، كترمايا، وغيرها.

أمّا الشباب المنتمون الى «سرايا المقاومة»، وبحسب تأكيد أكثر من مصدر في الاقليم، «فهم شبّان عاطلون عن العمل، استطاع حزب الله تجنيدهم، بعد محاولات عدّة من التواصل معهم والإلحاح عليهم لتغريرهم، شبّان يعيشون ظروفا مادية صعبة. وفي النهاية نجح الحزب في إغراء عدد كبير منهم، بالراتب الشهري الذي يتراوح من 400 الى 700 دولار أميركي، كلّ حسب دوره، وبقطعة السلاح، والتأمين الصحّي أحياناً، وربمّا التعليمي للأطفال، لمن لديهم عائلات، وبالطبع الحماية السياسية والأمنية. كما يلتحقون بدورات عسكرية داخل معسكرات تابعة للحزب في البقاع.

إقرأ أيضاُ: تمدد «حزب الله» 2: تلال ومجمعات «تأكل» الخط الساحلي

في الآونة الأخيرة ذهب الحزب إلى استغلال الوضع المعيشي الصعب للاّجئين السوريين، فراح يجنّد بعضهم في إقليم الخروب، ولاجئين فلسطينيين – سوريين يعيشون في وادي الزينة، حيث يوجد تجمّع للفلسطينيين. جنّدهم الحزب لصالح مشروعه مقابل راتب شهري، و«هو الأمر الأخطر من تجنيد أبناء البلد» بحسب تعبير أحد أبناء الإقليم.

هناك لاجئوون سوريون تابعون لحزب الله شاركوا في أحداث السعديات ضدّ أبناء البلدة، وأسماؤهم معروفة وتسلّمتها قيادة الجيش

وبحسب مصدر خاص أنّ «هناك لاجئين سوريين تابعين لحزب الله شاركوا في أحداث السعديات ضدّ أبناء البلدة، وأسماؤهم معروفة وسلمناها لقيادة الجيش».

«اهتمام وتغلغل حزب الله في بلدات اقليم الخروب والبلدات المحاذية للخط الساحلي، تقلق أهالي هذه المناطق، فهم يتساءلون يومياً عن المخطط الذي يحضّر لمناطقهم. أمّا الخوف الأكبر اليوم فهو على بلدة الناعمة حيث تحاول سرايا المقاومة إحداث خلافات فتنوية بين أبناء البلدة الواحدة التي ينتمي البعض منهم إلى اتجاهات سياسية مختلفة»، بحسب مصدر آخر من وجهاء المنطقة طلب عدم نشر اسمه حفاظاً على أمنه.

وعن دور «سرايا المقاومة» التي باتت منتشرة في بلدات لا ينتمي أهلها إلى حزب الله لا سياسياً ولا مذهبياً، حتّى أنّها غير مهددة مباشرةً من قبل العدو الإسرائيلي، فيجيب أحد أبناء بلدة السعديات في اقليم الخروب بقوله: «إضافة الى هدف حزب الله الاساسي وهو في التواجد العسكري الذي يستخدم عند اللزوم، كما حصل مؤخرا في السعديات، فإن عناصر سرايا المقاومة هم عين ساهرة في بلداتنا، أي “جواسيس”. ويقومون بأعمال استفزازية كوضع أناشيد تابعة للحزب ولبشار الأسد والتجول داخل بلداتنا كما حصل في بلدة برجا منذ أسبوع تماماً، إلاّ أنّ عقلاء البلدة احتووا الإشكال يومها منعاً لحصول أي بلبلة».

السعديات

إذا لا يزال حزب الله يزرع عناصر له في كل مكان في لبنان، ليس من أجل محاربة اسرائيل بل من أجل زرع الفتنة، التي لا تخدم إلا أعداء لبنان، وعلى رأسهم إسرائيل. وهدفه أيضاً إيقاع بلبلة في مناطق خصومه، تحديداً في المناطق التي توالي “تيار المستقبل”. وهو لا يتوقّف عن التمدد عسكريا لبسط سيطرته على أكبر رقعة ممكنة من لبنان.

السابق
يوميات معتقل (20): لولا أحلامنا…لفقدنا عقولنا
التالي
ديلي تلغراف: «داعش» تفوّق على «القاعدة»