«من الانتداب إلى الانقلاب – سوريّة زمان نجيب الرّيِّس»

تحت عنوان: "من الانتداب إلى الانقلاب – سورية زمان نجيب الرّيّس" كتبت الكاتبة والشاعرة السورية سعاد جروس كتابها الجديد. روت فيه صاحب ألقاب "مناضل الكلمة الحُرّة"، "الثائر المتطرِّف" "أسدُ الصحافة المخيف"، "كاتبُ أبلغ الافتتاحيات في الجرائد العربية" الصحافي نجيب الريس.

نجيب الريس الذي كان وطنياً متطرفاً، وبكل ما تعنيه كلمة التطرّف الوطني من معنى، وحتى رمقه الأخير، تمتّع بألقابٍ معنويّة عدّة، استحقّها عن جدارة، كانت بمثابة هوية حياتية له، منها: “مناضل الكلمة الحُرّة”، “الثائر المتطرِّف” “أسدُ الصحافة المخيف”، “كاتبُ أبلغ الافتتاحيات في الجرائد العربية”، كان صاحب صحافة رسوليّة، بلورها – وعلى وجه الخصوص – على الصفحة الأولى لجريدته “القبس”، التي وصفها عميد جريدة النهار اللبنانية، غسان تويني، في العام 1951، بأنها صاحبة “الرسالة الثورية التحرّرية”.

هذا الكتاب، يغطّي مضمونه المدعم بالوثائق والصور والشهادات الخاصة، حقبة زمنية تاريخية ممتدة من العام 1898 (أي العام الذي ولد فيه نجيب الريس)، إلى العام 1952 (أي العام الذي توفي فيه).

يستعرض الكتاب التاريخ السياسي لسوريا، ودور الصحافة السورية التي كان نجيب الريس، رمزها الأكبر ورجلها الوطني الابرز، في هذا التاريخ، خلال الحقبة المذكورة، التي شملت زمن الانتداب الفرنسي، والزمن الذي شهد الانقلاب العسكري الأول في سوريا، بعد الاستقلال.

وهذا الكتاب، قدّم له النّجل الأكبر لصاحب السِّيرة، النّاشر رياض نجيب الرّيّس، ومما قاله في نصّ التّقديم: “إنّ سورية التي تكتب عنها سعاد جروس هي غير سوريا اليوم. فقد مرت أحداث جسام، وسنوات عجاف على سوريا غيّرت الكثير من معالمها الحضارية والبشرية والإنسانية والسياسية والاقتصادية، وأمعنت في تشويه صورتها. ولكن لم تغير من نضالات شعبها وتمسكه بسوريته وعروبته، وفي مواقفه النضالية. ضد كل أنواع الاستعمار، والارتهان للاستبداد في سعيه الى الحرية والاستقلال. ويضيف الريس قوله: إنه كان من أهم عناوين هذا الكفاح، دور الصحافة السورية التي غبن حقها، وحجب دورها، وكانت صحافة غنية في تعددها وتنوعها السياسي والفكري.

وعن زمان نجيب الريس تروي سعاد جروس حكايات سورية، منذ العهد الفيصلي وإقامة أول حكومة عربية مدنية، مروراً بحكايات الانتداب وشخصياته، والحياة الحزبية العشائرية ورجالاتها. وزعماء حركات الاستقلال والانفصال، وضباط الانقلابات، وعساكرهم وولاءاتهم الإقليمية المختلفة. أما العلاقات بين سوريا ولبنان، فهي منجم من المعلومات والحكايات.

الأهم من ذلك، تقوم المؤلفة بشرح مهني، حول ما حوت «القبس» من مواضيع عصرية، وتغطيات صحافية وافلام تقدمية ونقاد وشعراء جدد.

هي تروي تاريخ سوريا المعاصر وكيف تشكل عن طريق سيرة فتى جاء من حماه، وهو في الثامنة عشرة من عمره، بالقنباز الحموي، ليصبح أشهر صحافيي بلاده، ويصير نائباً عن دمشق التي تنتخب لأول مرة رجلاً من غير ابنائها ليمثلها في البرلمان. فالخمسون سنة هذه هي تاريخ نصف قرن سوري، من الانتداب الى الانقلاب، كما عاشها نجيب الريس وعاصرها وكتب عنها. ولأول مرة تروي سيرة وطن عن طريق سيرة شخص، وهي سيرة فيها الكثير من المغامرة والمثابرة والعناد، كما فيها من صداقات مثالية ووفاء نادر من عداوات لا ترحم. وينهي الريس نص تقديمه قائلاً: “إن هذا كتاب يتحدث عن نفسه، ولا يحتاج إلى تقديم مني ليصبح مرجعاً مثيراً يعتمد للحركة الوطنية السورية، من العهد الفيصلي إلى الانتداب إلى الانقلاب. وهو كتاب تمسك سعاد جروس فيه يد القارئ، لتصل به الى استيعاب تلك الحقبة السورية المجهولة فيعيش فيها وتعيش فيه بمتعة كبيرة دون عناء”.

وتُوضح سعاد جروس في مدخل هذا الكتاب: “إنها بعدما قرأتْ عن نجيب الريس، وبعدما قرأت أعماله الصحافيّة، اختارت الكتابة عنه دون سواه، “لما لمسته من تجاهل متعمّد لدوره في أكثر من مرحلة شهدت أحداثاً جساماً في حياتنا الوطنية، ما زلنا نعاني من ذيولها الى الآن، وكانت الفكرة ان يكون الكتاب أقرب الى كتب التراجم (حياته، أعماله، أسلوبه، نماذج من كتاباته). لكن الأمر الذي بدا سهلاً، كان مستعصياً، إذ اختلطت حياة الصحافي المناضل مع حياة سوريا، وكلما بحثت في سيرته وجدتني متورطة في تفكيك سيرة وطن”.

السابق
ملف حزب الله (10): الوظيفة الأسهل في الجنوب أن تنتسب الى حزب الله
التالي
حزب الله: بلدة عرسال محتلة من عصابات ارهابية وتكفيرية