الأطفال الضحيّة الاولى للأحكام الفقهية المتشددة في الاسلام سنةً وشيعة

كنت صغيرة ولم أتعرّف الى الدين إلا حين صرتُ في الجامعة، حيث أعتقدت أن الاسلام أعطى المرأة حريتها فألزمها بالحجاب. وبعد ان كبرت أختي الصغيرة وجدت انني انا ايضا ألزمها بالحجاب والصيام من عمر 8 سنوات تطبيقا للاحكام الشرعية.. لماذا؟ هل مارست عليها سلطة غيبية دون ان أدري؟

في خبر وزعته وكالات الانباء جاء فيه: “قام تنظيم “الدولة الإسلامية” بـ”صلب” طفلين دون الـ18 سنة، على سور مقر الحسبة في شارع البوكمال في مدينة الميادين، وعلّق عناصر التنظيم في رقبتيهما لافتة كتب عليها “مفطر في رمضان”.

الوحشية الداعشية هذه طغت على ما عداها من وحشية في العالم لعل الهتلرية والنازية والستالينية وأجهزة المخابرات التابعة للانظمة العربية الرسمية لم تصل الى ما وصلت إليه داعش من فظاعات.

الى هنا والوضع منطقي ومقبول في التوصيف، لكن ما هو غير منطقي ومقبول هو ان الداعشيين ينفذون الاحكام الاسلامية بحذافيرها من خلال ما يُعرف بالقصاص. والذي شهدنا اول مفاجآته حين تم سبيّ وجلد العراقيات على يد الفرقة الداعشية نفسها منذ عام تقريبا.

داعش تصلب طفلين

يُقال ردا على استنكار ما تقوم به داعش “انهم ليسوا من الاسلام بشيئ”. لكن وخلال البحث نرى ان العديد من الفقهاء الاسلاميين الذين يتغنّون بالاسلام فكرا وعقيدة وأحكاما، ان سبب تغنيهّم هو ليس ان الاسلام بريء من أفعال داعش، بل انهم لم يطبقوا من الاسلام النصيّ والحرفي أي شيء، وان ما يطبقونه في مجتمعاتهم ومحاكمهم الشرعية ليس الا نسخة معدلة من الأنظمة المدنيّة الغربيّة!

يجبرون الفتاة “الطفلة” ابنة التسع سنوات على الحجاب والصوم ايضا

فالاسلام القانوني، الشرعي بأحكامه القاسية، البعيدة عن الشفقة والانسانية يتطّلب منا التخليّ عن كل الأحكام المدنيّة الأرضية وإتبّاع الأحكام الالهية السماوية، والتي اذا دخلنا الى قلبها لوجدناها مفجعة وآخرها ما جرى على الطفلين السوريين المذكورين أعلاه.

ولا يمكننا التهرب من الإعتراف ان النظام الإسلامي الذي حكم ايران منذ ثلاثة عقود تقريبا لم يتصد لتنفيذ الأحكام الاسلامية بحذافيرها خوفا من ردات الفعل الغربيّة عليه، وهو الساعي الى عدم استثارة الغرب ضده، فلجأ الى الاستناد الى ما يُعرف بالإجتهاد تهربّا من قساوة الأحكام كقطع يد السارق والجلد للزناة وغيره…

والملفت ان الاحكام الشرعيّة لدى السنّة فيما يتعلق بالاطفال مثلا لا تُلزم الفتاة بالحجاب قبل سن 12 سنة، الا انه لدى الشيعة – اصحاب نظرية الاجتهاد في الاحكام – يجبرون الفتاة “الطفلة” ابنة التسع سنوات على الحجاب والصوم ايضا، رغم ان بعض المراجع الشيعة وهو السيد محمد حسين فضل الله يقول بما يقول به السنّة الا ان البيئة الشيعية الملتزمة فتاوى السيد فضل الله لا تلتزم تطبيق فتواه بهذا الخصوص لان البيئة المجتمعيّة المتدينة ترفض أي مسّ بأي جديد فيما يخص المرأة تبعا لعقلية داعشية عربية متحجرة.

الاسلام القانوني، الشرعي بأحكامه القاسية، البعيدة عن الشفقة والانسانية يتطّلب منا التخليّ عن كل الأحكام المدنيّة

والانكى من كل هذا نجد الفتاة “طفلة” بعمرها، لكنها إمرأة ناضجة بتكليفها- راقب التناقض في الموضوع- ومُلزمة بالصوم أيضا في عمر 9 سنوات هجرية، رغم ان عقلها ونموها النفسيّ والبناء الجسمي لديها لا يشي بأي بلوغ او تكليف. ففي زيارة لي الى غزة وجدت ان طفلات “حماس” أكثر حرية من طفلات” حزب الله”.. والمثل هنا للمقارنة بين موقفي حزبين مذهبيين متشددين دينيا.. حيث انهن غير محجبات وقمن بالمشاركة في احتفالية راقصة امام الوفود المتشددة من السعودية والبحرين.. فهل ان الاسلام المتشدد بالتطبيق السنيّ لا يزال رحمة أمام الاسلام المتشدد بالتطبيق الشيعي؟

وهل سنترحم على النظام الايراني “السبور” امام ما قد يصيبنا خلال سيطرة الاسلام الشيعي السلفي؟ على اعتبار ان الاسلام الشيعي الحاكم ليس الا نسخة مدنيّة بنظر السلفيين الشيعة..

والغريب انه عندما يريد المسلمون تطبيق إسلامهم فإنهم يبدأون تطبيقه على المرأة اولا، ولا ادري لماذا لا ينطلقون في تطبيقه على أخلاقياتهم وسلوكياتهم وقضائهم الأسري والعملي؟

فحجاب الفتاة ملزم من عمر 8 سنوات، ونسأل لماذا؟ فيأتيك الجواب:” لتتعود”! لكن ألا يكفيها ثمانية عقود قادمة؟ لماذا تسرقون منها طفولتها من خلال احكام الخوف المزروع داخل عقل فقهائنا، خاصة في ظل وجود فتاوى مخزية يخجل المرء التحدّث بها في الاعلام؟

السابق
جورج حاوي: أكبر من هذا التكريم
التالي
خفايا حياة خامنئي(3): ثروة المرشد النقدية ومصدرها