مشروع بصمة.. خارطة فلسطينية من دون أي تقسيم

لم يقف الاحتلال والظروف الصعبة هذه المرة، لإعادة جمع الشعب الفلسطيني على خارطة واحدة وإن كانت افتراضية، بعد أن أنهكت بين تقسيم الاحتلال الصهيوني مرة، والانقسام السياسي والطائفي مرة أخرى، بصمة هو المشروع الذي أعاد جمع الفلسطينيين، من الداخل المحتل، الضفة، والقطاع، واللاجئين، ليثبتوا بأنهم (شعب واحد .. دم واحد .. وطن واحد).

تعود فكرة المشروع إلى الشاب والرسام الفلسطيني هاني خوري، والتي تقوم أساسا على جمع 10 آلاف بصمة بمختلف ألوان العلم الفلسطيني أحمر، أخضر، أسود على خارطة فلسطين المرسومة على قطعة قماشية تبلغ 10 أمتار، حيث تجوب الخارطة 45 مدينة فلسطينية، بتأطير 300 منسق، وتكون بذلك قد حطمت رقما قياسيا للدخول في كتاب غينس، وقد عرف المشروع مشاركة شرائح عمرية مختلفة بين أطفال، شباب وحتى شيوخ، متحدين بذلك كل أنواع التقسيم المفروضة عليهم.

صرح ابن الناصرة هاني خوري للإعلام أن المشروع الذي تم إطلاقه في الثاني من شهر مايو والذي يستمر شهر كاملا، يهدف إلى توجيه رسالتين أساسيتين، الأولى للعالم العربي حكاماً وشعوباً ومضمونها أن العرب داخل الأراضي المحتلة عام 1948 هم جزء من هذه الأمة من المحيط إلى الخليج وما زالوا متمسكين بأرضهم ويدافعون عن هويتهم العربية، أما الثانية فهي للتأكيد على الهوية العربية الثقافية ووحدتها الاجتماعية، وقال أيضا أن هذا المشروع يجمع شمل الفلسطينيين داخل خارطة فلسطين، ويوصل للعالم أن شعبنا الفلسطيني واحد، وحقه في الوجود حق مقدس، معتبرا أن إقبال المواطنين على التوقيع، تأكيدا على رغبتهم بالوحدة الوطنية، مؤكدا على أن المشروع رسالة إلى أن شعبنا الفلسطيني شعب واحد، ومن حقه أن يعيش بحرية وكرامة، له كيان ووجود، وله بصمة في الحياة، ويعبر عن رأيه، ورغم أن فلسطينية الداخل المحتل، فرضت عليهم حمل الهوية الزرقاء، إلا أن فلسطين هي كيانهم ودولتهم وأرضهم، معتبرا أن عودة اللاجئين حق مقدس، لا يمكن للأجيال نسيانه والتنازل عنه.

سجى في مشروع بصمة

في حديث خاص مع “سجى درويش” مندوبة مشروع بصمة في مدينة نابلس صرحت بالتالي:

تم إعلامي بالمشروع في مطلع شهر مايو، ما جذبني للفكرة أنها تطمح إلى توحيد شعب فلسطين وإيصال ثقافة فلسطين للعالم من خلال صورة فلسطين الثقافية وتواصل الأراضي المحتلة بمناطق الضفة “مسميات مفروضة علينا”، والمشروع أظهر أن الشباب الفلسطيني يمتلك طاقة.

كيف يتم التنسيق بينكم، وبين المحافظات الأخرى؟

التنسيق كان يتم من خلال تقديم طلب للمحافظة من أجل الموافقة، التعامل معهم كان فقط من أجل الموافقة “لأنه ممنوع عمل أي فعالية بأي مكان بدون موافقة” باعتبار المشروع غير محزب وغير سياسي، كان من أجل فلسطين وفلسطين فقط .

ما هي الصعوبات التي تواجهكم؟

كانت ثمة بعض الصعوبات في التنسيق لكن كانت تحل.

كلمة إلى جهة معينة للوقوف معكم للنهوض أكثر بالمشروع.لمن توجهينها، وماذا تقولين؟

لو يدعموا المشروع من الناحية المادية لأنه غير مدعوم ماديا ولو يتم الترويج له أكثر من أجل فلسطين وصورة فلسطين الثقافية.

bara 1

لمعرفة انطباعات المشاركين في بصمة قامت جنوبية بالحديث مع بعض الشباب الذي ترك بصمته، فأكدت “سجود عمارية” ذات 18 عاما، من طيبة المثلث (الداخل المحتل) أن مشروع بصمة هو أحد المشاريع الوطنية التي استطاعت تقديم طابع فلسطيني خاص من خلال أهداف المشروع التي لا تتمحور فقط على دخول موسوعة غينس وتحطيم أرقام قياسية، بل لأهداف أسمى والتي منها إيصال الصوت الفلسطيني إلى العالم وإثبات وجوده وصموده، ولإثبات أننا نستطيع الدفاع عن الوطن والمحافظة عليه ليس فقط بالحجارة بل أيضاً عن طريق الفن والثقافة، أؤمن من أجل مجتمع ناجح نحتاج لأن نؤمن بالفن ونسعى إلى تعزيز الثقافات، كما أن الجميل في هذا المشروع تخطيه للتفرقة التي لطالما رأيناها بين الشعب كفلسطينيي الأراضي المحتلة، والضفة، وغزّة، واللاجئين هذا المشروع وحد بين الجميع ووطد علاقات جميلة، كما أنني أدعم مشروع بصمة لأترُك بصمتي في هذا العالم، وليعلوَ صوتي، وأثبت وجودي في زمن تجاهل العالم قضية وطني، وتضيف أنها من خلاله استطاعت تكوين علاقات أكثر من رائعة من جميع أنحاء الوطن، ليس بعيدا عن ما أدلت به سجود، تقول “ميساء منصور” ذات 23 ربيعا من مجد الكروم (الداخل المحتل)، أحببت المشروع كفكرة، ذهبت إلى مركز التجمع للشباب وبصمت على الخريطة، التقيت بهاني خوري ووجدته إنسانا جيدا، وقد جاءت مشاركتي لاعتباري أنه واجب علي دعم مثل هذه المشاريع للشباب في الوطن، ومن جهته أعرب”براء الفار”، 22 عاما، منسق الطاقم الرئيسي للمشروع بمحافظة جنين، أنه بهذا المشروع سنرفع أسم فلسطين عالياً ، رغم الإمكانيات القليلة والضغوطات التي تواجهنا من الاحتلال ، لنؤكد على أننا ما زلنا هنا، متجذرين كأشجار الزيتون بالأرض وسنكون يوماً ما نريد، مضيفا أشجع على المشاركة وبشدة ليعرف العالم أننا جزء منه، ولن نتخل عن هويتنا وأرضنا الفلسطينية، لكي نتماسك جميعاً يداً بيد وبصوت واحد دون أي حدود وأرقام فرضها علينا الاحتلال، لنترك بصمة على جبين الوطن، ذلك ما تزيد عليه تقوى فيصل، 21 عاما، نابلس مشجعة الجميع على المشاركة في هذه المبادرة إثباتا للعالم، والأجيال القادمة والاحتلال أنه رغم السياسة الممنهجة لمسخ الهوية الفلسطينية من خلال الإعلام، المدارس والوسائل الأخرى، ستبقى الأرض فلسطينية، وللفلسطينيين فقط، وسيبقى القلب الفلسطيني واحد رغم وجود الهوية الزرقاء والهوية الخضراء.

فلسطين تدخل غينيس بأعمال أخرى

من جهة أخرى سيقوم أيضا الخوري، وبالاعتماد على موهبته، التأكيد وإبراز الهوية والثقافة الفلسطينية من خلال ثلاثة لوحات، يهدف من خلالها إلى الدخول في كتاب غينيس للأرقام القياسية: الأولى هي (لوحة وجه الشاعر الفلسطيني محمود درويش)، مصنوعة من الخبز المحمّص غير الصالح للأكل، كرسالة للعالم وكيف يتم رمي الكثير من الخبز فيما يموت جزء آخر جوعاً، وتم اختيار درويش كرمزية ثقافية وأدبية وتجسيدا لاستعارة قصيدته “فكّر بغيرك”، أمّا العمل الثاني فاختارت المجموعة أن يكون (مجسّم شجرة زيتون) من قناني بلاستيكية فارغة كطريقة لدق ناقوس الخطر الناجم عن التلويث البيئي، علاوة على دلالة شجرة الزيتون بالنسبة للأرض الفلسطينية، خاصة الأراضي المحتلة منها، (امرأة قيادية) هو العمل الثالث، حيث اختارت المجموعة أن يكون لوحة للملكة رانيا، مصنوعة من رسائل مكتوبة على ورق حجم A4 بمساحة 180 متر مربع، وتهدف إلى تسليط الضوء على دور المرأة في النضال وحقها في القيادة، بالإضافة إلى وضع شخص الملكة رانيا تحت المجهر.

ختاما، المشاريع الإبداعية التي جاء بها الخوري، ليست أرقاما قياسية تسعى إلى الدخول في كتاب غينيس، بقدر ما هي إثبات أن فلسطين حضارة، ثقافة وهوية راسخة في ذاكرة الأرض، الشعب والوطن، والعمل على إيصال ذلك للعالم، وتحمل رسالة مبطنة مكتوب في طياتها، على هذه الأرض ثمة حياة رغم تتابع الحروب والموت، وثمة ثقافة، فن وروح إبداعية رغم الإمكانيات والظروف، وأن العزيمة قائمة رغم الاحتلال والصعوبات التي يفرضها، وتجسيدا للمبدأ الدرويشي “سنكون يومًا ما نريد”.

السابق
الخبرات العسكرية الإيرانية.. دعاية تسقطها الحرب السورية
التالي
يوميات معتقل 19: كيف كان عيد الإستقلال وطنياً في المعتقل