اسرائيل :حكومة نتنياهو الرابعة بدون ورقة توت

نتنياهو

شكل رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو منتصف ايار مايو حكومته الرابعة و الثالثة فى اخر ست سنوات الحكومة التي جاءت كالعادة اكثر تطرفاً من سابقتها خلت لاول مرة من ورقة التوت الوسطية او اليسارية بالمعنى الاسرائيلي طبعا والتي كانت دوما ضرورة لتخفيف الضغوط الدولية على اسرائيل فيما يتعلق بعملية التسوية والعلاقة مع الفلسطيين والادعاء ان المفاوضات مستمرة بشكل او باخر وان العربة ما تزال على السكة حتى لو كانت فى حالة سكون او توقف.
شكل نتن ياهو حكومته الاولى فى العام 1996 من حلفائه الطبيعيين والتى ضمت انذاك الليكود والاحزاب الدينية ولان عملية التسوية وسيرورة اوسلو فى ذروتها ومع وجود الرئيس بيل كلينتون فى البيت الابيض اضطر نتن ياهو للاعتراف بالاتفاق والتساوق معه بشكل ما والتوصل حتى الى اتفاق واى ريفر الشهير فى العام 1998بينما على الارض فعل كل ما بوسعه ليس فقط لافراغه من محتواه وانما حتى لجعل الاتفاق الام اى اوسلو نفسه بدون جدوى وحبرا على ورق عبر افراغ السلطة من صلاحياتها وسيادتها وابقاء مجرد ادارة للحكم الذاتي.
للمفارقة وفي هذه الفترة تحديدا طور نتن ياهو او حدث بالاحرى مقاربته للتسوية مع الفلسطينيين والمتضمنة حكم ذاتي موسع يمكن تسميته دولة على طريقة ميكرونيزيا – وحتى امبراطورية مع علم نشيد ومشاركة فى الاولمبياد شرط ان تكون خاضعة فعليا للسيادة الاسرائيلية في الابعاد الامنية والاقتصادية تحديدا.
عندما عاد نتن ياهو للسلطة فى 2009 كانت الظروف قد تغيرت وبعد تبني لفكرة الانفصال الاحادي زمن ارئيل شارون عادت عملية التسوية بقوة مع بوش الابن وكوندليزا رايس بغرض التوصل الى اتفاق سلام نهائي ضمن النظرة الامريكية العامة للمنطقة التي ربطت العملية بغزو العراق واعادة رسم المشهد الاقليمي برمته.
لذلك سعى نتن ياهو الذى تزامنت عودته للسلطة مع وصول باراك اوباما الاكثر تحمسا للتسوية من سلفه في البيت الابيض الى توفير ورقة توت او قناع لحكومته لتجميل صورتها والتغطية عما تمارسه على الارض لافراغ العملية من جدواها والقضاء بشكل نهائي على امكانية اقامة دولة فلسطينية مستقلة بالمعنى الحقيقي للكلمة وهكذا كان الامر مع اهود باراك كوزير للدفاع والذي تحول عمليا الى وزير خارجية بدلا من ليبرمان خاصة في العلاقة مع البيت الابيض واوروبا بشكل عام مع الاستفادة الى الحد الاقصى من وجود شيمون بيريز فى سدة الرئاسة الذى تحول بدوره ايضا الى مبعوث خاص في الامم المتحدة ودول عربية واقليمية واخرى كما مندوب الى المفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع ايقافه في الامتار او اللحظات الاخيرة كما حصل فى لقاءات عمان فى العام 2011.
اضطر رئيس الحكومة الاسرائيلية في حكومته الثالثة الى التخلي عن شركائه الطبيعيين اي الاحزاب الدينية تحت ضغط تحالف زعيمي هناك مستقبل والبيت اليهودى ليبيد – بينت مع دعم واضح من زعيمي اسرائيل بيتهم والحركة افيغدور ليبرمان وتسيبي لفني ولكنه حول هذه الاخيرة – مع ليبد الشاب والوسطي – الى ورقة التوت الاساس لحكومته ليس فقط كوزيرة للقضاء وانما كمسؤولة عن المفاوضات او الثرثرة مع السلطة الفلسطينية كما كان يقال فى الدوائر المحيطة به وهكذا جالت لفني العالم شرقا وغربا للترويج وطلب الدعم الدعم للتسوية ودعمت بدون تحفظ جهود وزير الخارجية الامريكي جون كيري فى فترة اوباما الثانية وهى سعت قدر امكانها لتجميل الوجع البشعلحكومة نتن ياهو – يعلون – ليبرمان – بينيت والادعاء ان حكومتها جادة فى مساعيها من اجل التوصل اتفاق سلام نهائى مع الفلسطينيين على قاعدة حل الدولتين.
الان وفي حكومته الرابعة وفى ظل اندلاع الثورات العربية و انكفاء ادارة اوباما عن المنطقة يعتقد نتن ياهو انه لم يعد بحاجة حتى الى ورقة التوت فشكل حكومة يمينية خالصة من حلفائه الطبعيين والمتطرفين حتى بالمعنى الاسرائيلي مع اشارات او دلالات لافتة عبر تعيين تسيبي حوتبيلى كنائبة لوزير الخارجية وهو المنصب الذى ما زال شاغرا بعدما رفضه ليبرمان لدواعي داخلية وهي التى لا تتوانى عن استخدام مصطلحات عنصرية تجاه الفلسطينيين مع اعتبارها فلسطين ارض لليهود فقط ومطالبتها دبلوماسيي الوزارة فى اول لقاء معهم بتبني مصطلحات ومفاهيم توراتية في مخاطبتهم لنظرائهم فى العالم.
نتن ياهو كلف كذلك نائبه ووزير الطاقة سلفان شالوم بملف التفاوض مع السلطة الفلسطينية علما ان هذا الاخير يرفض فكرة التسوية من اساسها وحتى حل الدولتين بمفاهيمه وترجماته الاسرائيلية.
نتن ياهو لم يكتف بذلك بل عين زعيم حزب البيت اليهودي المتطرف نفتالي بينيت في منصب وزير التربية وزميلته من نفس الحزب ايلي شاكد فى منصب وزيرة القضاء وزميلهم الاخر وزير الاسكان السابق اورى ارئيل فى وزارة الزراعة مع الاشراف على لواء الاستيطان في الضفة الغربية اضافة الى منصب نائب وزير الدفاع المسؤول عن الادارة المدنية في الضفة ايضا اي ان نتن ياهو اعطى للحزب العنصري والرافض للتسوية والمنادى بضم اكثر من نصف الضفة مع حكم اداري محدود للنصف الاخر صلاحية الاشراف على الاستيطان وشؤون الفلسطينيين تحت الاحتلال كما ادارة الوزارة التى يفترض ان تعلم الاجيال الاسرائيلية الجديدة ثقافة السلام والمساواة والتعايش داخل الدولة وخارجها.
رئيس الوزراء االاسرائيلى ظل دائما وفى لقناعاته الايديلوجية اليمينية المتطرفة مع تحديثات تتعلق بموازين القوى الحزبية الداخلية كما التطورات والمستجدات في المنطقة والعالم وهو اعتقد دائما ان الصراع غير قابل للحل وانما الادارة الحذرة مع اقل ثمن او اثمان ممكنة وبات يعتقد الان ان لا حاجة حتى لورقة التوت كون الملف الفلسطيني لم يعد ذا اولوية اقليمية او دولية كما انه يؤمن ان التطورات الاقليمية العاصفة لم تصل بعد الى مالاتها النهائية وبالتالي لا بد من الانتظار والحفاظ على الوضع الراهن لأبعد مدى زمني ممكن.

السابق
مسلحون يقتحمون مكتب الاونروا في عين الحلوة ويحطمون محتوياته
التالي
مذكرات عن الضاحية الجنوبية وحروبها الكثيرة