مسلحو القلمون إلى جرود عرسال

كتبت صحيفة “الأخبار” تقول : على وقع تقدّم حزب الله والجيش السوري في القلمون، يتجه المسلحون للتجمع في جرود عرسال، حيث خطوط إمدادهم مفتوحة على الداخل السوري. وفيما لا يشارك الجيش اللبناني في المعركة، يبقى الخطر على الداخل اللبناني، مع طموحات المسلحين بوصل الداخل السوري بعكار وطرابلس
منذ أن طرد الجيش السوري المسلّحين من قرى القلمون إلى جرودها في ربيع 2014، بالتوازي مع إخراجهم من مدينة حمص، تحوّلت جرود القلمون إلى أكثر من ضرورة بالنسبة إلى المعارضة المسلحة والدول الداعمة لها، في سياق بقاء “منطقة عازلة” بين لبنان وسوريا، يمكن أن تتمدّد في أي وقت حتى قرى القلمون وحمص والقصير من الشرق والشمال، وإلى الداخل اللبناني من الغرب والجنوب الغربي.
فانتشار المسلحين في المنطقة الممتدة شمالاً من جبال الحسياء في الجنوب الشرقي لمدينتي حمص والقصير، الواقعة خلف جرود “مشاريع القاع” اللبنانية المفتوحة على البادية السورية، إلى جرود بريتال والطفيل حتى قوسايا جنوباً، يعني إمكانية تهديد هؤلاء طريق دمشق ــ بيروت، وطريق حمص ــ دمشق، وبالتالي عزل دمشق، على وقع التحولات السياسية و”مسودات” الخرائط الجديدة، من الموصل والبصرة، إلى إدلب وحلب ودرعا والسويداء.
التقدّم الميداني الأخير عبر وصل الجيش السوري ومقاتلي حزب الله جرود عسال الورد بجرود بريتال، سبقه في الشهرين الماضيين فصل مدينة الزبداني التي يسيطر عليها مسلحو القاعدة في “النصرة” و”حركة أحرار الشام”، عن جرودها الممتدة إلى جرود الطفيل وعسال الورد، ما يعني منع المسلحين من تشكيل أي تهديد على طريق دمشق ــ بيروت، وخصوصاً بعد تحريكهم خلايا نائمة في بلدتي يابوس وكفير يابوس، ومن ثمّ دفعهم أكثر فأكثر في اتجاه الجرود الشمالية، الممتدّة من جرود عرسال إلى مشاريع القاع. وتقول مصادر بارزة في قوى 8 آذار إن “العمليات العسكرية حقّقت غايتها جنوباً. أبعدت المسلحين عن بريتال ومحيطها من القرى اللبنانية، وحمت طريق بيروت ــ دمشق”.
لكن الفرار السّريع لمسلحي القاعدة وأخواتها من جرود بريتال وعسال الورد والجبّة، وتالياً في الجرود اللبنانية المقابلة لجرود رأس المعرة والسحل السورية، لا يعني أن الأمور ستبقى على هذا النحو. في جرود عسال الورد والجبّة، “إمكانية المسلحين للمقاومة ضئيلة للغاية” بحسب القادة العسكريين. فعدا عن قوّة الهجوم والقصف التمهيدي الذي يشنّه حزب الله والجيش السوري، لا يملك المسلحون خطوط إمداد بفعل خسارتهم قرى القلمون العام الماضي.

فيما تتغيّر الظروف كلّما تقدّم حزب الله والجيش السوري شمالاً، واقتراب المسلحين من جرود عرسال، حيث خطوط إمدادهم مفتوحة، وإمكانية استقدام تعزيزات عسكرية وبشرية متاحة. ويتوقّع القادة العسكريون أن “يقاوم المسلحون في تلة موسى الاستراتيجية بالنسبة إلى كامل السلسلة الشرقية، بسبب جغرافيتها الوعرة وارتفاعها، ووجود عدد كبير من المغاور والحفر فيها، بالإضافة إلى التحصينات التي بناها المسلحون في المرحلة الماضية”.

 
هل يكمل حزب الله هجومه على جرود عرسال؟

ليس خافياً قرار حزب الله بعدم التقدم باتجاه جرود عرسال، لحساسيات مذهبية معروفة. غير أن بقاء المسلحين في هذه الجرود وخلفها في جرود مشاريع القاع، يعني استمرار الخطر على حمص من جنوبها وغربها، بالتوازي مع اشتداد الخطر على الداخل اللبناني. وتقول المصادر في قوى 8 آذار، إن “المسلحين عاجلاًً أو آجلاً سيحاولون الدخول إلى العمق اللبناني، ومحاولة ربط الداخل السوري بالشمال اللبناني، أي عكار وطرابلس، عبر جبال أكروم ومدينة تلكلخ السورية”. وليس خافياً أيضاً، النشاط المتزايد للمجموعات الإرهابية على مختلف تصنيفاتها، كـ”داعش” و”النصرة” و”جيش الإسلام” في ريف حمص الشرقي، ومحاولات استعادة الواقع السابق في المحافظة الوسطى، في إطار رسم مستقبل الأجزاء الوسطى من سوريا في الميدان.
وتقول المصادر إن “القرار الذي منع الجيش اللبناني من المشاركة في المعركة الحالية وأبقاه على الحياد، يعدّ خطأً استراتيجياً، مع أن المساحة الكبرى التي تجري عليها المعارك الحالية، هي على الأراضي اللبنانية التي تحتلها المجموعات المسلحة”. فمستقبلاً، بحسب المصادر، “سيتجمّع المسلحون في جرود عرسال والقاع، مع خطوط إمداد مفتوحة من البادية عبر خراج بلدات مهين والقريتين، وبالتالي، الإعداد لمشروع غزو الأراضي اللبنانية باتجاه الساحل، وعندها سيكون الجيش اللبناني وحيداً في مواجهتهم، بدل مساعدة الجيش السوري وحزب الله الآن للتخلص منهم”.
قبل بدء العدوان السعودي على اليمن، جرى الحديث عن مشاركة الجيش في معركة تطهير الجرود اللبنانية. وتقول المصادر إنه “بعد بدء العدوان، جرى الضغط على الجيش وربط التمديد للعماد جان قهوجي بالمعركة وتهديد تيار المستقبل في السّر بعدم تغطية مشاركة الجيش بقتال الجماعات التكفيرية، والاكتفاء بدفاع الجيش عن مواقعه الحالية القريبة من القرى”، علماً بأن “ممثلي المستقبل في جلسات الحوار، طرحوا أسئلة تشكيكية على ممثلي حزب الله حول معركة القلمون، من دون أن يبدوا اعتراضاً واضحاً أو إشارات إلى تصعيد محتمل”. وتقول المصادر إن “محاولات الربط بين القلمون وإدلب باءت بالفشل عبر تسمية جيش الفتح في القلمون، على غرار جيش الفتح في إدلب الذي يحظى بغطاء سعودي ـــ تركي، بينما لا يمكن فعل الأمر عينه في القلمون والحصول على تغطية المستقبل، في ظلّ قتل التكفيريين جنود الجيش والممارسات التي تطاول أهالي عرسال أنفسهم”.
وتشير المصادر إلى أنه “قبل بدء تقدّم حزب الله والجيش السوري في القلمون، حاول مسلّحو النصرة الشهر الماضي البحث في إمكانية حصول تسوية، تسمح بانسحابهم إلى الداخل السوري مع أسلحتهم الثقيلة، مع علمهم المسبق برفض الدولة السورية هذا الأمر”. وتربط المصادر بين فشل التسوية والتصعيد الميداني العام في سوريا من محور تركيا ـــ السعودية، مشيرةً إلى أن “باب التسوية لخروج المسلحين من دون سلاحهم لا يزال مفتوحاً”. وفي سياق التصعيد أيضاً، تؤكّد المعلومات أن المفاوضات لإطلاق العسكريين المختطفين لدى “النصرة”، والتي وصلت إلى مراحلها الأخيرة بانتظار التنفيذ، توقّفت قبل 12 يوماً من قبل “النصرة “، فيما المفاوضات في ملفّ المخطوفين عند “داعش” متوقّفة أصلاً. وتتخوّف مصادر في قوى 8 آذار من “سيناريو يجري الإعداد له، لإطلاق الجنود باستثناء الشيعة منهم، بغية تحميل حزب الله المسؤولية”.

السابق
الوضع الامني يتصدر الاهتمامات.. والجيش لن ينزلق الى أي مشاركة
التالي
الحريري في موسكو بعد واشنطن.. والحكومة تُكثِّف إجتماعاتها ولا تشريع