خطاب بلا عنوان ولا هدف: السيد الحيران

السيد حسن نصر الله
عن خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الأخير، الذي حاول خلاله رفع معنويات جمهوريه، على الرغم من عدم تطرقه للقضايا اللبنانية، كما أنّ الخلفية الزرقاء خلت من أي عنوان. فلو قدّر للسيد أن يختار لكان تمنى لو أن ديمقراطية التكليف أعانته و أعفته مما هو الآن فيه حيران.

 

 

إختلط الأمر فكأننا أمام السيد نديم قطيش نستمع إلى حلقة من برنامجه اليومي D N A، لكن وبعدما أدركنا خطأ وعينا انتبهنا إلى واجب تشغيل بعض حواسنا الأخرى اللازمة لكي تستوي الصورة ونستوعب ما يعتزم صاحب الصوت قوله، ومن هي الفئة المستهدفة في مفرداته وما المقصود من كلامه.

مشهدية قلّ نظيرها، ظهر الأمين العام لحزب الله وهو يتنبأ حلول ما هو أسوء من القائم خصوصاً بعد أن نمى الحديث عن اختلال ميزان الصراع في المنطقة لصالح الخصوم المفترضين من قبله. فكان التركيز عنده واجب على الشق النفسي في محاولة منه لرفع معنويات جمهوره الذي وعلى ما يبدو تسببت وتكفلت بإحباطها عاصفة الحزم وإستتبعت بتكليف شباب لولاية العهد، فتعكرت صورة نصره و باتت تقلقه، أقلها أن ما حدث ويحدث من تطورات منذ مدّة وهي إلى الآن مستمرة رسّخت قناعة لديه – بالتحديد بعد أن تم توصيفها من قبل العرب على أنها صحوة مجيدة – أن في ذلك تأسيس لمرحلة جديدة كان له الفضل فيها رغماً عنه، إذ أنه وحدّ الدول العربية و لو صورياً – كما سيحلو للبعض القول – و كثف بينهم الزيارات الدبلوماسية حتى بات السعي عندهم لإقامة قوة دفاعية مشتركة وارد. والأنكى من كل ذلك بالنسبة لنصرالله يتلخص في مواقف من هم على حد علمه معه وبعد العاصفة مواقفهم تبدلت، أو بأحسن تقدير هم صمتوا أو إنكفؤوا.

عناوين الأمين العام خلت من الملفات اللبنانية، اللهم إلا من أخبار المعارك الحدودية والجبهات الثابتة منها، والقتالية

عناوين الأمين العام خلت من الملفات اللبنانية، اللهم إلا من أخبار المعارك الحدودية والجبهات الثابتة منها، والقتالية، وركز بالمطلق في حديثه على أهداف هي في الجغرافيا يمنية أو على أراضي عراقية وكثير منها سورية. مؤكداً بذلك مقولة الدبلوماسية العسكرية الإيرانية وإقرارها باحتلال عواصم ثلاثة دول عربية .

الخلفية الزرقاء خلت من أي عنوان، لا هي معنونة بنصرة الحوثيين اليمن، ولا هي تشيد بممانعة الرئيس بشار الأسد في سورية، ولا هي من المناسبات والأيام المجيدة، ولا عن الأماكن المقدسة العالمية، و لا فيها ذكر للقضية الفلسطينية.

ولو قدر أن يكون وراءه كلمات تشكل مع بعضها عنوان لربما صلحت تلك المتصلة بمعالجة الحالات النفسية للقاعدة الجماهيرية في البلدان الثلاثة العربية من دون إغفال تململ القاعدة اللبنانية. أما الخوض بتفاصيل الكلام فيلزمه متخصصين في علم اللغة والنحو وفي أحكام التحريك والحركات، والتبحر فيه شبيه بالسباحة وسط المحيط حيث لا بصيص لرؤية شاطىء يوحي بالفوز أو النجاة.

من المستحيل على أي كان مهما وصل به الأمر أن يسيطر على الطبيعة أو أن يغيرها حتى وإن غرر به

لا أعلم إن قدّر للسيد أن يختار أكان تمنى لو أن ديمقراطية التكليف أعانته وأعفته عندما كان سيد التحرير و الإنتصار، ذلك أنّ الكثير من النفوس عشقته حينها بالإجماع لصدقه وأمنه وأمانه وعلمه وكلامه ودينه وعمامته ولسواد الوقار في لباسه، ولا يفوتها طبعاً إبتسامته التي فقدها العالم الحر بدأ من يوم الرد على ثورة الأرز في لبنان وعلى ثورات الشعوب العربية الطواقة حينها للكرامة والإستقلال.

وللمفارقة لقد إسترقت السمع وسمعت حديث أم شهيد عاد حديثاً من الجبهات جثة هامدة، تتمنى له أن يستقيل لعشقها له وهي التي قالت يوم زفاف إبنها و يوم موته كلنا فداك، وبناء على كلامها المنشور في المقالة تترسخ القناعة حول أن الحرب الدينية موصوف زمانها دائماً بعصر الإنحطاط و القادة المذكورة أسمائهم فيها كانوا منعوتين رغم كثرتهم بحفاري قبور.

من المستحيل على أي كان مهما وصل به الأمر أن يسيطر على الطبيعة أو أن يغيرها حتى وإن غرر به وقيل له زوراً أنه يستطيع او يقدر عليها، ومشروع الأمل الذي تحدث عنه سماحته إستهزاءً هو آخر محاولات الطبيعة لإنقاذ الإنسان فيها من الإنتحار.

السابق
«طالبان» تتبنى إسقاط المروحية التي تقل ديبلوماسيين اجانب في باكستان
التالي
التقرير الاسبوعي حول سلامة الغذاء