هاجس تكريس المناصفة الفعلية في لقاء السفارة الاميركية

تكاد المطالبة المسيحية باستعادة الحقوق على مستوى الدولة من خلال تكريس مبدأ المناصفة قولا وفعلا وتحقيق الشراكة الحقيقية لا التبعية، تكون غائبة من واجهة المشهد السياسي العابق بالخلافات حول الرئاسة والتشريع والتعيينات الامنية، ومنكفئة اعلاميا حتى من الحوار المسيحي الذي تشكل احد ابرز بنوده في ورقة “اعلان النيات” التي طال انتظارها، الا انها ليست كذلك كما يبدو في كواليس السياسة الداخلية اذ تشكل موضع متابعة دقيقة وتخضع لمعاينة ميدانية من بعض القوى السياسية بحثا عن السبل الكفيلة بتحويل المبدأ الى واقع.

وتكشف مصادر سياسية مسيحية شاركت في لقاء غداء جمع السفير الاميركي ديفيد هيل مع شخصيات تدور في فلك الرابية السياسي يوم الجمعة الماضي في مقر السفارة في عوكر لـ”المركزية” ان الملف شكل الطبق الرئيسي في المداولات حتى انه تقدم البحث في موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية من زاوية ان مصير المسيحيين في الشرق عموما ولبنان خصوصا يتقدم كل الاولويات، واذا استمر الحال على ما هو عليه، قد لا يبقى مسيحيون لتكون لهم رئاسة، مشيرة الى اننا نعيش زمن اضمحلال الجمهورية كما مؤسساتها وقد اضحى الفريق المسيحي عاجزا عن اختيار مدير عام فكيف برئيس جمهورية، في حين ان سائر القوى تختار من تريد ان لرئاسة المجلس النيابي او للحكومة.حتى النواب في الشارع المسيحي يتم اختيار معظمهم اما باصوات المسلمين او بارادتهم.

وتتابع ان مجموعة الشخصيات المشار اليها فندت للسفير الاميركي اسباب تمسكها بقانون انتخابي عادل يعكس صحة تمثيل جميع المكونات والطوائف ومدى اهميته في تأمين حقوق المسيحيين عبر اختيار نوابهم الـ64 استنادا الى آلية محددة تمنع المحادل والبوسطات، وتجعل المناصفة المكرسة في دستور الطائف حقيقة في الميادين كافة، لافتة الى ان المسيحيين سئموا من الهيمنة على القرار المسيحي والاكتفاء عند كل استحقاق بالتشاور مع الزعماء الروحيين على اهمية موقعه ودورهم، للوقوف على خاطرهم في تعيين موظف في الفئة الاولى في حين ان قرارا مماثلا لدى اي طائفة اخرى يتخذ من جانب المرجعيات السياسية.وتشير الى ان رفع شعار الشخصية الوفاقية لا يطبق الا على مواقع المسيحيين في الدولة.

وتكشف المصادر ان السفير الاميركي ابدى تفهما كبيرا لهذا المنطق، الا انه اوضح ان لا خريطة طريق لدى سلطات بلاده لمعالجة هذا الجانب في الحياة السياسية اللبنانية وجل اهتمامها منصب راهنا على الابقاء على الستاتيكو الامني المتحكم بالساحة اللبنانية وعدم المس بالخط الاحمر الذي تؤمنه مظلة الاستقرار الدولي للبنان.

وتشدد على ان الممارسة الحقيقة للمناصفة توجب، الى جانب قانون الانتخاب العادل، اعادة الصلاحيات التي سلبت من المسيحيين في اتفاق الطائف وفي مقدمها الرئاسية، بعدما ثبت بالعين المجردة ان الثغرات التي تعتري هذا الاتفاق توجب سدها من خلال اعادة النظر في الشكل لا الجوهر لتحصين المسيحيين الذين يشكلون العمود الفقري لمسيحيي المنطقة ، في ضوء ما يتعرضون له خصوصا في سوريا والعراق من اضطهاد وتهجير ممنهج.
(المركزية)

السابق
لماذا حزننا على موت الممثّل ولم نحزن على شهيدي فوج الإطفاء؟
التالي
لبنانيون يعتذرون من السعودية خوفاّ من الترحيل: شكراً وعذراً وكفى