المشنوق ودور لبنان الجديد: منبر بدل صندوق بريد أو ساحة

نهاد المشنوق ووفيق صفا
أطلق وزير الداخلية نهاد المشنوق حملته ضد حزب الله وايران ردّا على هجوم الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله على السعودية. لكن بدا أن المشنوق يعرف كيفية تحريك سقفه تحت سقف الحوار وبما لا يخدش الهدوء الداخلي والاستنفار الإقليمي.

لم يأتِ هجوم الكلام الصاعق الذي شنه وزير الداخلية نهاد المشنوق في حفل تكريمه من قبل العائلات البيروتية مساء الثلاثاء من خارج سياق الحملات الإعلامية المتبادلة بين تيار المستقبل وحزب الله على ضوء الاشتباك الحاصل في المنطقة بين ايران واتباعها من جهة والمملكة السعودية وحلفائها من جهة اخرى. اشتباك وصل الى اعلى مستويات التأزم على الساحة اليمنية بعد دخول السعودية المباشر على الخط عبر قيادة عاصفة الحزم.

من المعلوم ان “عاصفة” وزير الداخلية التي وصلت رياحها الى ايران تخطت كونها مجرد رد دفاعي عن الهجمة الشرسة التي تعرضت لها السعودية على لسان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. فقد رفع المشنوق هجومه الى اعلى سقف ممكن عبر تناوله لشخص المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، حتى وان لم يسمه بالاسم. وجاء تشبيهه لـ”معاناة بيروت” من قبل ايران بما عانته ابان الاجتياح الاسرائيلي للعاصمة، بمثابة استعماله للسلاح المحرّم دوليا، والذي يمكن ان يقلب الطاولة رأسا على عقب. ولعل هذه المقاربة المرتفعة جدا كانت لتشكل 5 ايار جديد يتبعها 7 ايار آخر لولا القرار الاقليمي الممسك بزمام الامور والمانع من اي تفلت قد يصيب لبنان في هذه اللحظة.

طبعا هذا الامر ومترتباته لم يكن ليخفى على مخضرم كالوزير نهاد المشنوق، ما يستولد سؤالا بديهيا عن الضابطة التي جعلته يقدم على خطوة كهذه دون الخوف من التسبب بانهيارات هي حتما لا تخدم توجهات تياره السياسي. او بصياغة اخرى: ماذا اراد المستقبل برفع سقف الدفاع الى هذا المستوى؟ وما هي الاجراءات الوقائية التي سبقت هذا الهجوم الدفاعي من اجل تفادي تفاعلاته الميدانية؟للإجابة على هذا التساؤل هناك فرضيات عدة يطرحها المتابعون. واحدة منها ان شخصية المشنوق بحد ذاتها لم تعد تشكل حالة استفزازية عند حزب الله وجمهوره، خصوصا من خلال الأداء الذي مارسه ويمارسه مذ تسلم وزارة الداخلية. وخصوصا بسبب ما يحكى عن عمق العلاقة التنسيقية التي أنشأها مع حزب الله، لا سيما في مجال محاربته للعدو المشترك بين المستقبل وحزب الله والمتمثل بالحركات التكفيرية، وتحديدا بعد النجاحات التي حققها المشنوق في هذا المجال وكان آخرها العملية النوعية لشعبة المعلومات في طرابلس ومقتل اسامة منصور وتوقيف خالد حبلص.

الامر الثاني هو ما تم تسريبه بعد انتهاء جلسة الحوار الاخيرة التي منها توجه المشنوق الى فندق فينيسيا حيث مهرجان التكريم وحيث ألقى كلمته النارية. فقد نشرت “السفير” أن المشنوق “أبلغ المجتمعين في ختام جلسة الحوار أمس انه متوجه الى فندق “فينيسيا” لإلقاء كلمة في احتفال بيروتي تكريمي له، وأن وفد الحزب أبلغه انه في حال لجأ الى التصعيد الكلامي فسيتم الرد عليه، لكن المشنوق بادر فعلا الى شنّ حملة عنيفة على إيران ومرشدها الامام علي الخامنئي من دون ان يسمّيه”. فهل هذا كان كلام المشنوق للمتحاورين أقرب إلى “تمهيد” لما سيسمعونه؟ إلى هنا كل المؤشرات توحي بأن الامور لا تزال ضمن “الستاتيكو” المرسوم دوليا للبنان والملتزمة بها جميع الاطراف. فالمتغير الوحيد هو رفع السقف في الخطاب الموجه من الداخل إلى الدول الإقليمية المتحاربة في اليمن. نصر الله يهاجم المملكة السعودية والمشنوق يهاجم إيران. لكن يبقى في الداخل كل شيء على ما عليه.

هذا يجعلنا امام دور جديد للبنان بعد خلق ساحات صراع جديدة في سوريا والعراق واليمن. وهذا يعني ان الدور المنوط بلبنان بهذه المرحلة هو لعب دور المنبر فقط، وليس صندوق البريد ولا الساحة. وهذا ينطبق على كلام السيد حسن نصرالله مساء الجمعة. سيكون تصعيدا كلاميا بوجه الخارج، من دون أي “تصريف” داخلي.

السابق
لن تنتهي الحرب إلا بانكفاء «الحرس الثوري»
التالي
حزب الله: ارتباط المستقبل بالسعودية لن يجعلنا نسكت على العدوان عاليمن