سلاح «حزب الله» بعد الاتفاق النووي: هل تتبدّل «الوظيفة»الإقليميّة مع «التطبيع»؟

ماذا عن سلاح “حزب الله” بعد الاتفاق النووي بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران؟

السؤال يفرضه امران: الاول الكلام عن تداعيات ما بعد الاتفاق النووي ان على صعيد تأثير الاتفاق على طبيعة العلاقات الغربية مع ايران في المرحلة المقبلة أو عودة الاستثمارات المحتملة الى ايران أو أيضاً سعي ايران الى زيادة انخراطها أو تورطها في دول المنطقة تأكيدا لنفوذها الاقليمي في حين ان هذه التداعيات يفترض ان تشمل احد ابرز مواقع القوى لايران في المنطقة وهو “حزب الله”. والثاني المتغيرات التي سيدخلها الاتفاق حكما على معادلات سياسية كانت سائدة ولن تبقى على حالها. يضاف الى ذلك ان الكم الهائل من الاسلحة التي تمد به ايران “حزب الله” انما كان بهدف ان يشكل هذا السلاح رادعا لاسرائيل عن القيام باعتداءات ضد المواقع النووية في ايران على غرار ما فعلت بالنسبة الى المفاعل النووي العراقي في العام 1981 أو قصف المفاعل النووي السوري في دير الزور في العام 2007. وعلى رغم ان الحزب رفع طويلا شعارات تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي وهو امر تحقق في العام 2000، فان هذا لا يخفي واقع ان اسلحة الحزب المدمرة انما كانت من اجل ردع اسرائيل عن القيام باي اعتداء على ايران أيضاً بحيث ان الحكومة الاسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو كانت هددت مرارا بالقيام بعملية عسكرية ضد المواقع النووية الايرانية لاقتناعها بان ايران لن تردعها العقوبات الدولية فحسب وانما ستستمر في السعي الى بناء قنبلة نووية. ومن شأن التوصل الى اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وايران ان يزيل خطر تعرض اسرائيل لايران من جهة كما ان كلام الرئيس الاميركي باراك اوباما عن ضمان امن اسرائيل وقوله قبل ايام ان “اي اضعاف لاسرائيل خلال عهده أو بسببه سيشكل فشلا ذريعا لرئاسته” يترجمه مراقبون كثر بضمانه امن اسرائيل في الاتفاق النووي المنوي انجازه مع ايران على رغم ان الرئيس الاميركي اكد انه من غير المرجح الطلب من ايران الاعتراف باسرائيل من ضمن الصفقة نفسها. لكن في أي حال فان الذرائع الاساسية الذي بنيت عليها عوامل تقوية “حزب الله” بالسلاح الايراني خصوصا خلال الاعوام الماضية ولو تداخلت مع عناوين مختلفة ستنتفي واقعيا مع انجاز الاتفاق النووي. اذ لا التهديدات الاسرائيلية ستبقى قائمة على هذا الصعيد على رغم انحسارها منذ بعض الوقت اقله تجاه طهران ومن غير المرجح ان يستمر الخطاب الايراني العدائي نفسه تجاه اسرائيل ولو تراجع نسبيا أيضاً أو شهد تعديلات خففت منه.
تبعا لذلك يثار موضوع المبرر الاقليمي للسلاح المتعلق بردع اسرائيل ضد أي عدوان على ايران وسيثير ذلك اسئلة كثيفة في هذا الاطار ولو انه لا يعتقد ان ايران قد تتخلى بسهولة عن ذراعها العسكرية الاقوى في المنطقة ومرتكز نفوذها على البحر المتوسط. وهناك مراقبون كثر لا يتوقعون ان تنهي ايران تغذية الحزب بالسلاح باعتبار انه وكما في العام 2000 بعد اضطرار اسرائيل الى الانسحاب من جنوب لبنان استعين بلبنانية مزارع شبعا “السورية” المحتلة من اجل تبرير امتلاك السلاح وتشريع “المقاومة” خصوصا انه نشأت على جوانب المسألة النووية وفي خضم المفاوضات التي قامت بين ايران والدول الكبرى مسألة تنظيم الدولة الاسلامية ومحاربة “التكفيريين”. وتراجع الى حد بعيد عنوان الصراع مع اسرائيل مع هدوء الجبهة الجنوبية منذ العام 2006 واضحى الهدوء في الجنوب نموذجا يتم الثناء فيه على محافظة الحزب على الامن على الحدود. في المقابل تم ايجاد وظيفة جديدة للحزب اعطت مبررات قوية لبقاء عسكرته وتسليحه وهي انخراطه في الحرب السورية الى جانب النظام ما ساهم في انقاذه من الانهيار وتحت عنوان يجد تبريرا قويا له امام اعين الدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة وكذلك اسرائيل أي محاربة القوى التكفيرية. وهذه وظيفة جديدة تفترض الى جانب استمرار وجود اراض لبنانية محتلة ولو انها تنتظر اقرارا سوريا بذلك امام الامم المتحدة استمرار تسليح الحزب من اجل الاضطلاع بالمهمات الجديدة التي بات يقوم بها منذ بعض الوقت بناء أيضاً على القواعد الجديدة التي كان حددها الامين العام للحزب قبل شهرين تقريبا من التحرك على “امتداد ساحات المقاومة” في المنطقة. وتجدر الاشارة في هذا السياق الى ارتياح غير مسبوق من جانب سياسيين قريبين من الحزب الى”التطبيع” الاميركي الايراني الاستباقي للاتفاق النووي والذي وصل الى لبنان عبر عدم انزعاج اميركي من انخراط الحزب في سوريا باعتبار انه ساهم في ردع امتداد تنظيم داعش الى لبنان فضلا عن انه مدد لبقاء الاسد في السلطة حتى يصار الى ايجاد الحلول اللازمة نظرا للمخاوف الاميركية من انهيار المؤسسات السورية. كما ان من الدلالات التي بات هؤلاء يقيمون اعتبارا لها عدم تحفظ الكونغرس الاميركي عن مد لبنان بالاسلحة اللازمة لجيشه.

(النهار)

السابق
هل يُنقذ بري وجنبلاط تراث بيروت؟
التالي
«نكبة نصيب»: خسائر الشاحنات بملايين الدولارات