مشاهدات من اليرموك.. توزيع مساعدات ينتهي باقتحام داعش للمخيم

اقتحمت صباح الأربعاء 1 – 4 – 2015 حشود من تنظيم داعش، منطقة شارع الـ15 في مخيم اليرموك جنوبي العاصمة السورية دمشق، وأفاد نشطاء بالمخيم أن الاقتحام أسفر عن احتلال التنظيم لعدة مناطق في اليرموك أبرزها شارع الـ15 ومحيط جامع فلسطين، وشارع المغاربة جنوبي اليرموك.. قبل أن تتمكن كتيبة أكناف بيت المقدس وكتائب الجيش الحر المساندة لها من دحره عن معظم تلك المناطق.. بالتعاون مع خدمة مركز تطوير للدراسات للأخبار المباشرة من اليرموك، ينشر موقع جنوبية مشاهدات اليوم الأربعاء داخل المخيّم المحاصر في سوريا.

اندلعت معارك عنيفة بين تنظيم داعش من جهة، وكتيبة أكناف بيت المقدس وكتائب الجيش الحر المساندة لها من جهة أخرى، وذلك عقب اقتحام الأول لشارع الـ15 غربي مخيم اليرموك قادما من حي الحجر الأسود المجاور والذي يسيطر عليه بالكامل، وحي الزين جنوبي المخيم.

وتواردت أنباء من مصادر محلية بالمخيم، أن جبهة النصرة سهلت دخول داعش إلى المخيم، في سعيها للحصول على مساندة ضمن عملية التوسع والسيطرة التي تسعى إليها في المنطقة الجنوبية لدمشق. وأوضحت المصادر عينها أن الجبهة سلمت داعش قسما من المناطق التي كانت تخضع لسيطرتها جنوبي المخيم، ولم يدخل التنظيم إليها بقوة النيران.

هذا وبدأت الاشتباكات في شارع نوح إبراهيم الذي يعد بحسب نشطاء خط التماس الأولي بين كتائب المخيم وتنظيم داعش، واستمرت وقتا طويلا فيه قبل أن تنتقل لمناطق أخرى باليرموك.

في الأثناء، أفادت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا أن عددا من المجموعات القادمة من حي التقدم لنصرة أكناف بيت المقدس وهي الفصيل الفلسطيني الوحيد في المنطقة الجنوبية بدمشق، قطعت النصرة طريقها بداية الأمر في منطقة دوار فلسطين، واشتبكت معها هناك.

في السياق، أكد نشطاء ميدانيون أن عددا من عناصر جبهة النصرة باليرموك والذين كانوا ينشطون معها، انشقوا عنها وانضموا إلى الكتائب المدافعة عن المخيم، وهو ما حال دون سيطرة التنظيم على اليرموك واحتلاله بالكامل.

كتيبة أكناف بيت المقدس

إلى ذلك، أكدت مصادر ميدانية، أن كتائب جيش الإسلام دخلت المخيم بعد طلب من كتيبة أكناف بيت المقدس المؤازرة منها لدحر التنظيم عن اليرموك، هذا وتمكنت الكتائب القادمة من يلدا من الدخول في وقت لاحق.

بدورها، أعلنت كتيبة أكناف بيت المقدس سيطرتها التامة على أحياء شمالي المخيم، وأكدت في وقت لاحق سيطرتها على شوارع وأحياء رئيسية جنوبي المخيم، كان يتواجد فيها مقاتلو داعش، وذلك بعد معارك عنيفة معهم. وأبرز المناطق التي استاعدتها الأكناف الأحياء والحارات المحيطة بجامع فلسطين، ومنطقة محيط مؤسسة الكهرباء في شارع اليرموك الرئيسي، ومنطقة مفترق الأهرام قرب دوار فلسطين.

وأضافت كتيبة الأكناف أنها أحرزت تقدما مهما في منطقة شارع المغاربة، وقامت بتمشيطها فيما بعد.

وكان قادة في كتيبة أكناف بيت المقدس ظهروا في مقطع فيديو مصور، أكدوا فيه صمودهم وثباتهم داخل المخيم في مواجهة من أسموهم بـ”العملاء والمتكالبين على اليرموك”.

إلى ذلك، أعلنت كتائب مساندة في الجيش الحر أنها استعادت السيطرة على منطقة العروبة أقصى جنوبي المخيم، بعد تراجع تنظيم داعش منها باتجاه الحجر الأسود في ظل المؤازرة الكبيرة التي وفدت للمخيم.

حظر تجوال

وبحسب نشطاء، أقدم تنظيم داعش على زرع العديد من القناصات في مناطق واسعة من المخيم، وهو ما فرض حالة من حظر التجوال على الأهالي وحال دون خروجهم من المنازل. وقال أحد المدنيين في اليرموك ويدعى “س.أ”: “لا نجرؤ على الوقوف عند النوافذ من شدة الاشتباكات التي تحصل، وخشية تعرضنا لرصاص القنص”.

جيوب داعش

وأفادت مصادر إعلامية صباح الخميس “أن تنظيم الدولة لا يزال يتواجد داخل بعض مناطق المخيم يمكن وصفها بجيوب للتنظيم، لكنه فقد وزنه الذي كان عليه عند الاقتحام، وهو ما أضعف وتيرة الاشتباكات وكان آخرها طلقات نارية سمع صداها تمام الساعة 1.30 صباحا بتوقيت دمشق ودامت عدة دقائق ثم توقفت”.

من جهتها، بادرت وسائل إعلام النظام وفصائل فلسطينية موالية له، لنشر الشائعات حول سقوط المخيم بالكامل في أيدي تنظيم داعش، ويأتي ذلك تزامنا مع قصف عنيف قامت به قوات النظام والفصائل الفلسطينية الموالية له على المخيم بحسب مصادر إعلامية بالمخيم.

وعقب سيطرة كتائب الأكناف والجيش الحر على معظم مناطق المخيم، أطلق نشطاء فلسطينيون هاشتاغ بعنوان (لن يسقط اليرموك) تأكيدا على الصمود بالمخيم والعمل على حمايته من أي خطر.

حصيلة الأربعاء
وأسفرت الاشتباكات بحسب نشطاء عن سقوط عشرات الجرحى وارتقاء 3 شهداء جميعهم فلسطينيون، وذلك حتى لحظة نشر التقرير، وهم: الناشط الإعلامي والإغاثي جمال خليفة والذي ارتقى بشظايا قذائف سقطت بالقرب من مشفى فلسطين، أثناء تغطيته الإعلامية للأحداث الجارية وللحالة الميدانية والطبية هناك، ويذكر أنه من أعضاء حركة فتح سابقا.

كما استشهد الناشط الإغاثي عبد اللطيف الريماوي بشظايا القصف على المخيم. هذا ووري الشهيدان الثرى في حديقة فلسطين بالمخيم، بعد الصلاة عليهما. لتعذر دفنهما في مقبرة الشهداء الجديدة جنوبي المخيم حيث يحتلها تنظيم داعش.

إلى ذلك، استشهد مساء الأربعاء الحاج محمد خير تميم برصاص قناص يرجح أن تنظيم داعش زرعه في إحدى أحياء المخيم.

وقام التنظيم باحتلال مشفى فلسطين وهو الوحيد العامل داخل المخيم، حيث أصيب عدد من كوادر الهلال الأحمر الفلسطيني بجروح طفيفة إلى متوسطة، بشظايا القصف الذي استهدف المشفى قبل أن يتم إجلاؤهم منه. وبحسب مصادر في الهلال الأحمر، فإن نقصا حادا في المواد الطبية والأدوية يعاني منها المخيم، وإن عددا من الجرحى يصعب علاجهم مع انعدام الدعم الطبي بالكامل عن اليرموك.

إلى ذلك، أقدم عناصر تنظيم داعش على اختطاف 5 أشخاص من داخل مخيم اليرموك ظهر الأربعاء يرجح أنهم من النشطاء، كما اقتحم مقاتلو التنظيم مكتبا إعلاميا جنوبي المخيم، وعدة مكاتب لحركة حماس في منطقة شارع الـ15، وسرقوا محتوياتها بالكامل.

اغتيال الناشط يحيى حوراني

ويأتي ذلك بعد أيام من اغتيال الناشط الطبي الدولي والقيادي في حركة حماس يحيى حوراني أبو صهيب على أيدي مجهولين داخل المخيم. وكان أهالي اليرموك شيعوا الشهيد حوراني إلى مثواه الأخير في مقبرة الشهداء القديمة بمشاركة ممثلين عن جميع الفصائل الفلسطينية والتشكيلات العسكرية المتواجدة داخل اليرموك تزامنا مع ذكرى يوم الأرض 30-3-2015.

هذا وأفاد نشطاء في اليرموك أن الملثمين الذين اغتالوا أبو صهيب، توجهوا جنوبا باتجاه منطقة حي الزين الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، دون وجود تأكيدات على ذلك.

في وقت أكد فيه محمد جلبوط وهو مسؤول مؤسسة نور الخيرية العاملة في دمشق والمعنية بتوزيع المساعدات الغذائية في اليرموك “أن التأخير الذي حصل في إخراج أبو صهيب كان من داخل المخيم وليس من خارجه”، وأوضح الجلبوط أنه هرع بسيارة الإسعاف إلى نقطة التوزيع المعتمدة في المخيم لنقل حوراني إلى مستشفيات دمشق، غير أن تأخيرا حدث من داخل المخيم زاد الأمر سوءا وحال دون إمكانية إسعافه.

والجدير ذكره أن عمليات الاغتيال طالت العديد من أبناء المخيم، أبرزهم الناشط الإغاثي ومسؤول حركة فتح في المخيم محمد طيروية “أبو أحمد”، ومسؤول الهيئة الخيرية لإغاثة الشعب الفلسطينية والكادر في حركة الجهاد الإسلامي محمد عريشة “أبو العبد”، ومؤخرا أبو صهيب حوراني.

مبادرة التحييد
هذا ويرى العديد من نشطاء المخيم، أن مبادرة تحييد اليرموك عن الصراع الدائر في سوريا أصبحت على المحك، بعد سلسلة الأحداث الأخيرة والمتمثلة بقنص الشابة سارة عودة عند نقطة توزيع المساعدات بتاريخ 19-3-2015، واغتيال والناشط الطبي والقيادي في حركة حماس أبو صهيب حوراني في 30-3-2015، ومؤخرا اقتحام تنظيم داعش للمخيم ودحره عن معظم المناطق. ويذهب بعضهم لاعتبار أن هذه الأحداث تهدف لجر المخيم إلى المجهول وتعطيل أي حل حقيقي ينهي مأساة سكانه ويأتي بالانفراج عليهم.

وبحسب النشطاء، فقد أفشلت 10 مبادرات سابقة عبر افتعال الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام اشتباكات عند نقطة توزيع المساعدات ومواصلتها القصف على المخيم في فترات الحديث عن المبادرة.

يشار أن مخيم اليرموك شهد استئنافا لتوزيع المساعدات خلال أيام الخميس والجمعة والسبت الماضية، عادت لتتوقف يوم الأحد والإثنين والثلاثاء بناء على نظام الـ3 أيام الذي تتبعه وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين الأنروا والمؤسسات الخيرية العاملة خارج المخيم. وكان من المقرر استئناف التوزيع أمس الأربعاء، غير أن تطورات الأحداث واقتحام تنظيم داعش للمخيم حال دون ذلك. ووزعت في المخيم 5025 سلة غذائية خلال الفترة الممتدة من الـ5 وحتى الـ28 من آذار/ مارس الماضي.

حصار قوات النظام السوري

ويخضع اليرموك لحصار تام تفرضه عليه قوات النظام السوري مدعومة بالفصائل الفلسطينية الموالية لها منذ 637 يوما، حيث يمنع من تبقى من سكانه من الخروج بشكل نهائي، كما يمنع من المهجرون من العودة إليه، بحسب نشطاء متابعين في المخيم. هذا وأدى الحصار لاستشهاد 175 شخصا نتيجة الجفاف وسوء التغذية، أو لقلة الرعاية الطبية وفقا لتوثيق صادر عن مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا. كما يعاني المخيم من انقطاع في مياه الشرب منذ 207 أيام، وانقطاعا في التيار الكهربائي منذ أكثر من 700 يوم.

السابق
مراقبو وزارة الصحة دهموا مصنعا للمخللات في سهل الفرزل
التالي
قرار بإعتماد النموذج النهائي للوصفة الطبية الموحدة ابتداء من أول حزيران