السيّد الأمين: مشاركة العرب بانتخابات اسرائيل ليس تطبيعا

محمد حسن الامين
فازت اللائحة العربية المشتركة بـ14 مقعدا وحلّت بالمرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية الاسرائيلية الأخيرة، وهذا ما طرح اشكالية حول أن المشاركة في هذه الانتخابات هي شكل من أشكال التطبيع ويشملها التحريم الشرعي أم لا، يجيب السيّد محمد حسن الامين ويشرح هذه المسألة لجمهور المستفسرين مبديا رأيه الفكري و الشرعي في هذا الخصوص.

سجّل في انتخابات الكنيست التي جرت في اسرائيل الاسبوع الماضي واسفرت عن فوز حزب الليكود باكبر عدد من المقاعد، وقوع حدث تاريخي بارز وهو حصول القائمة العربية الموحدة على 14 مقعدا، وهي تمثل تحالف الأحزاب العربية في إسرائيل توحدت لأول مرة وحلّت بالمرتبة الثالثة بعد “تحالف المعسكر الصهيوني”.

يطرح هذا الفوز اشكالية متعددة الأوجه سياسية، وفكريّة ودينيّة، حول مشاركة العرب المسلمين بالعمليّة السياسيّة في اسرائيل، هل يعدّ ذلك اعترافاً؟ وهل تخسر الأمة مناعتها من وراء تلك المشاركة؟ وأين دعوات عدم التطبيع مع العدو المحتل في ظلّ اجراء انتخابات تشريعية يشترك بها عرب ترشحا وانتخابا؟

يجيب سماحة العلامة المفكر السيد محمد حسن الأمين عن هذه التساؤلات بطريقة مباشرة فيقول: “ان انخراط العرب في الانتخابات الإسرائيلية لا يعني نفي علاقة الخصومة بل العداء مع الكيان الصهيوني، ولكنه جزء من الدور العربي الذي لا يمكن القيام به إلاّ في خلال فلسطيني الداخل. ولعلّ من يلفت النظر إيجابياً هو هذه الدرجة المتقدمة التي فاز بها العرب الفلسطينيون في هذه الانتخابات وهذا في نظري هو مظهر من مظاهر التماسك فيما بينهم وليس مظهراً من مظاهر دعم النظام الصهيوني”.

ويعترف السيد الأمين للعدو بتقدّمه في مجال الاجتماع السياسي على العرب ويشرح:”أما الظاهرة التي مكّنت العرب من حصد هذه النتائج فهي وإن كانت تعتمد على نظام ديموقراطي لا نستطيع أن ننكر وجوده في الدولة الصهيونية، إلا انها أيضاً تشير كما أسلفت إلى محاولة الاستفادة من أي دور ممكن لتثبيت الوجود العربي في فلسطين، سواء أمام الشعب الإسرائيلي نفسه أم أمام العالم كله وهذا أمر ذو أهمية خاصة في الوقت الذي حقق فيه التطرف الإسرائيلي نجاحاً برئاسة نتنياهو المعروف بتطرّفه وعداوته لأي صورة من صور التسوية حتى التي لا توفّر سوى الحدّ الأدنى للحقوق الفلسطينية، فهل نتمكن نحن العرب من استثمار هذا الحضور الفلسطيني في برلمان العدو بما يمكّن من استمالة ولو جزء من الرأي العام العالمي ومواقف الدول المنحازة للكيان الصيوني؟

بالنسبة لمسألة التطبيع، يوضح السيّد الأمين: “من وجهة نظرنا هناك شكلان من أشكال التطبيع، الأولى هي التي تجعل من مظاهر التطبيع أمراً لا مفرّ منه، وهو الذي يتمثل بما تحدّثنا عنه أي المشاركة في العملية السياسية التي تحصل داخل الكيان الصهيوني، وهناك شكل آخر من التطبيع والذي يعني الاعتراف العربي الرسمي والشعبي بشرعية الكيان الصهيوني. وهذا ما نعتقد أنه لا يجوز أن يحصل من ناحية مبدئيّة شرعية وسياسية خاصة في ظل وجود احتلال صريح للأرض، إضافة الى أن موازين القوى الراهنة ستمكّن العدو من فرض طبيعة العلاقة ومستواها مع العالم العربي، وكل تطبيع لا يقوم على العدالة بين الخصوم فهو لا يعود تطبيعاً بقدر ما يعدو تسليماً لشروط العدوّ، والخضوع لمصالحة وأحسب أن التطبيع الذي قام بين بعض الأنظمة العربية والكيان الصهيوني أثبت أن لا مستقبل مشرقاً لهذا التطبيع بل هو مرفوض من الغالبية الكبرى من هذه الدول التي قامت بتطبيع العلاقة مع العدو وأبرزها دولة مصر التي ما زال شعبها يرفض هذا اللون من التطبيع ومن العلاقة، وقد أفشل إلى حدّ كبير الأهداف الكامنة وراءه”.

ويستدرك السيد الأمين في النهاية وينبّه الى أن “فلسطين تخضع بصورة فاضحة الى استعمار استيطاني، وقد يكون من أبرز مظاهره وصوره هو الدعوة الناشطة داخل الكيان الصهيوني لإعلان فلسطين دولة يهودية، وهذا يلقي الكثير من الضوء حول الحقيقة المزيّفة لما يسمّى بالديموقراطية التي تتغنّى بها إسرائيل والغرب المساند لها. إذ أن استعماراً استيطانياً يلغي الهوية المغايرة لهويته لا يمكن وصفه إلا بكونه شكلاً فادحاً من أشكال العنصرية وهو يعني أيضاً أن الديموقراطية تصبح هي وسيلة من وسائل تثبيت العنصرية اليهودية”.

السابق
الحريري وصل الى انقرة
التالي
هذه حقيقة الأزمة في انتخابات دار الفتوى الشرعية