السياسة والمحاصصة تقفلان مستشفى صيدا الحكومي؟

يبدو أن غياب سياسة صحيّة عامّة تتضمن رؤية لعمل المستشفيات الحكومية في لبنان، قد أوقفت عدداَ من المستشفيات عن العمل وأوقعت عدداً آخر في عجز مالي لا إمكانية لسده في المستقبل المنظور. مستشفى صيدا واحد من ضحايا

تحولت استقالة رئيس مجلس إدارة المستشفى الحكومي في صيدا الدكتور علي عبد الجواد إلى قضية سياسية عامة في المدينة. فقد فاجأ عبد الجواد الجميع بإعلان استقالته، وإدارة وجهته نحو العمل الطبي الخاصّ. خصوصاً أنّ خطوته هذه جاءت بالتزامن مع أزمة مالية شديدة تمر بها المستشفى، قد تؤثر على مستوى خدماته وصولاً إلى إمكانية توقفه عن العمل.

المشكلة ليست وليدة الأمس، فمنذ افتتاح المبنى الجديد، واجه مجلس الإدارة الذي عُيّن على رأسه الدكتور علي عبد الجواد، أزمة في بناء توازن يشبه السياسة في المدينة، سياسة وزارة الصحة التي عمدت إلى تخصيص حدّ أدنى من الموازنة للمستشفى لا تقارن مع مستشفيات حكومية أقل شأناً وأقل خدمات.

المبرّر الوحيد كان غياب المستشفى عن خارطة المحاصصات السياسية الأساسية في البلد، لكن مجلس الإدارة استطاع تطوير إداء المستشفى وفرض رفع قيمة الموازنة الشهرية التي تقدمها وزارة الصحة ونجح المستشفى في تقديم نموذجاً ناجحاً لإدارة موقف رسمي عام.

في الوقت نفسه استطاع عبد الجواد عد خيوط علاقة مع سائر ألوان الطيف السياسي في المدينة. في الآونة الأخيرة، برز توجه عند عبد الجواد للتفرغ للحل الخاص خصوصاً بعد تعرضه لحملة إعلامية لكنها لم تثبت أي من الاتهامات التي وجهت إليه، وجرى تسريب خبر عن نيته بالاستقالة. وكانت جنوبية قد نشرت تقريراً في حينها عن خطوة قام بها النائب السابق أسامة سعد تجاه وزارة الصحة خصوصاً بعد قدوم وائل أبو فاعور إليها، مضمون الخطوة تثبت مجلس إدارة المستشفى الحكومي وحده بالتحويل اللازم، على أن يُشكل مجلس إدارة المستشفى التركي من الفرق السياسي الصيداوي الآخر. لكن أبو فاعور لم يعط يومها جواباً.

ومؤخراً استقال عبد الجواد من دون إبلاغ حتى الطرف السياسي الذي دعمه منذ تعيينه، ما دفع سعد إلى عقد مؤتمر صحافي دفاعاً عن المؤسسة (مستشفى الحكومي). يومها سأله أحد الصحافيين إذا كان قد اتصل بوزير الصحة أبو فاعور، وجواب سعد كان قاطعاً: “إذا وصلت إليه أخبرني”. ويقول مصدر مقرّب من سعد إنّ الأخير حاول الاتصال بأبي فاعور أكثر من مرة ولم يوفّق. ويضيف المصدر: “بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده سعد، اتصل أبو فاعور بسعد إلا أن الأخير بدوره لم يرد على اتصاله”.

وماذا عن مستقبل المستشفى الحكومي؟ يجيب أحد الناشطين الصيداويين: “من المرجح أن يشكل أبو فاعور لجنة للإشراف على المستشفى المذكور من دون أن يغرق في الرمال المحلية ويعين مجلس إدارة جديد للمستشفى، وخصوصاً أن الطرف الذي يمثله أبو فاعور له حساباته اللبنانية العامة وسياسة المحاصصة المتبعة بينه وبين القوى السياسي الأخرى قد تحرجه في تشكيل مجلس جديد”.

ولكن هل تستطيع لجنة معينة من وزير الصحة أن تدير مستشفى حكوميا ناجحا مثل مستشفى صيدا أم تكون خطوة على طريق إقفاله. ويبقى الصامت الأكبر في المدينة، بلدية صيدا المستقيلة من دورها في الإشراف على المؤسسات الصحية العامة.

السابق
مذكرات نقيب أرمني قاتل إلى جانب الجيش العثماني
التالي
جون كيري: على واشنطن التفاوض مع الأسد لإنهاء الأزمة في سوريا