أم المصائب في لبنان.. من تكون؟

كهرباء لبنان
الكهرباء! أم المصائب والمشاكل، والجرح النازف الذي لا يندمل في هذا الوطن، ماذا عساي أقول، وماذا سأكتب لأتحدث عن مشكلة عجز جهابذة المسؤولين والسياسيين على حلها، ووقفت أمامها عقول المفكرين حائرة.

منذ نشأة لبنان، ومروراً بكل الأحداث والحروب والمعارك التي رافقته، يغرق وطننا في ظلمات فوق بعضها البعض، فلان كان يدرس على ضوء الشمعة، ليس بسبب أن الكهرباء لم تكتشف بعد، كلا وألف كلا، وإنما بسبب وجودها وعدمه في نفس الوقت، هي موجودة بالشكل فقط، ولكن على الأرض وعند التطبيق، فإنها تغيب ساعاتٍ وساعات.

إحتار المسؤولين في ابتداع وابتكار مشاريع الحلول، فتارة يرتفع سعر الاستهلاك مع ارتفاع كمية المصروف، وتارة أخرى يفرضون ما يسمى بعشرة آلاف إعادة التأهيل وطوراً يقوننون مسألة مولدات الاشتراك وتقوم وزارة الطاقة المنوطة بتأمين الكهرباء أربعة وعشرين ساعة في الأربعة والعشرين ساعة بإصدار قرار حكومي رسمي يسعرون بموجبه ثمن الكيلو الكهربائي في المولدات الخاصة والتي يقوم أصحابها بمد أسلاكهم على عواميد الدولة العمومية، وفي هواء البلدية الخاص، دون حسيب أو رقيب.

يحك رأسه أحدهم ذكاءً وفطنةً، فتتولد عنده فكرة مشروع ربط المولدات الخاصة بالشبكة العامة، ويا لهول ما اقترح، ويا لعارٍ لحق بكهربائنا الحكومية أن يأتي أحد أبناء هذا الوطن فيشتري من ماله الخاص مولداً ثم يتم دعوته لربطه بالشبكة العامة!

منذ منتصف آذار في العام 1996 ودولتنا الموقرة تقوم باستيفاء مبلغ عشرة آلاف ليرة لبنانية عداً ونقداً عن كل إيصال كهربائي على مساحة الوطن، وتحت إسم إعادة التأهيل، يمصون دمنا وعشرات الآلاف من الليرات اللبنانية شهريا بمبالغ لا تعيد تأهيل القطاع الكهربائي فحسب، بل ربما تستطيع أن تنشئ وطناً كاملاً بالمبالغ المحصّلة تحت هذا العذر.

أنا كمواطن موجود في أراضي هذا الوطن، أحصل على الكهرباء أربعة وعشرين ساعة ضمن الأربعة والعشرين ساعة، جزءٌ منها من كهرباء الدولة الرسمية، والجزء الآخر، مسحوب من أحد مولدات الاشتراك الكهربائي الخاص، وبالتالي فإني أسدد ما يتوجب علي لمؤسسة الكهرباء، كما أسدد في نفس الوقت ما يترتب علي لصاحب المولد الخاص.

ألا يحق لي كضحية من ضحايا التيار الكهربائي، أن أطرح سؤالاً بسيطاً يحتاج إلى صدق في الإجابة؟ طالما أنني أحصل على تيار كهربائي أربعة وعشرين ساعة وطالما أنني أستطيع تسديد كامل المستحقات الناشئة عن هذا الأمر، فلماذا لا تقوم الدولة بإعطائي التيار كاملاً وتقبض مني المتوجبات كلها؟

لماذا لا تشترِ دولتنا الموقرة العدد الكبير من المولدات الكهربائية أسوةً بالمولدات الخاصة، وتقوم هي بوضعها ووصلها على الشبكة العمومية وتوزع لنا التيار الكهربائي كاملاً على مدار الساعة في اليوم.

في حسابات بسيطة أجراها العديد من الدارسين والباحثين على فواتير الكهرباء، يتبين لنا الظلم والجحاف الواقعين على كاهل المواطن اللبناني منذ نشأة الوطن، سواء برسم إعادة التأهيل، أو برسم إيجار العداد المدفوع ثمنه كاملاً من قبل المواطن، أو بتدوير الكسور أو بالضريبة المفروضة على القيمة المضافة أو بثمن المصروف المتصاعد استطرادياً مع مجموع المصروف، إلى آخر هذه الألغام التي توضع في دروب المواطنين، لنكتشف أننا فعلاً أمام مغارة علي بابا… و الله أعلم كم حرامي!

السابق
الممثل عابد فهد يستعيد جنسيته اللبنانية!
التالي
كلب يشخص سرطان الغدة الدرقية