خامنئي يسرع تحضيرات خلافته

انتظر المرشد اية الله علي خامنئي مائة يوم  لإجراء انتخاب خليفة لرئيس مجلس الخبراء المتوفي اية الله كني . في وقت غير الان كان يمكن للمرشد ان يسمح بإجراء الانتخابات بعد اقل من عشرة ايام ، فلماذا انتظر كل هذه الفترة ، علما ان الخليفة الذي انتخب وهو اية الله محمد يزدي لن يبقى اكثر من سنة واحدة ، لان موعد انتخابات المجلس يجب ان تجري قبل آذار من العام ٢٠١٦ وبالتوافق مع انتخابات مجلس الشورى ، فلماذا اكتسبت بهذه الأهمية والمتابعة ؟

لا شك ان علي خامنئي كسب جولة مهمة ضد خصمه اللدود هاشمي رفسنجاني ، وفي الوقت نفسه دق جرس الانضباط للرئيس حسن روحاني ، لكنه لم يحقق ما يحلم به ضربة ” كش ملك ” ، واضطر الى الانخراط مباشرة في المعركة . الفيلم القصير لانتخابات مجلس الخبراء تؤشر الى :

* ان اية الله محمد يزدي ليس مجهولا لانه شغل مناصب عدة منها : رئاسة السلطة القضائية بين عامي ١٩٨٩ و١٩٩٩ اي عشر سنوات وهو حتى الان عضو مجلس صيانة الدستور وكان ايضا عضوا في مجلس الخبراء نفسه .ومن الواضح ان كبر سنه (٨٣سنة) ليس السبب في بقائه في الخلف بعيدا عن الصفوف الأمامية ، وإنما لانه ليس من الذين خاضوا اويخوضون المواجهات ، باختصار فانه محافظ وليس من الذين لهم مقلدين يعطونه الحضور الواسع . لذا فان اختياره هو حل وسط بين المحافظين المتشددين الكبار .

* ان الهدف كان إسقاط رفسنجاني وقد تحقق ذلك لكن كلفته تبدو مرتفعة . لقد جرى اولا إنزال ثلاثة مرشحين ضد رفسنجاني وذلك لتشتيت الأصوات ، علما ان يزدي كان المرشح الجدي اما اية الله شهرودي فانه وان كان مؤهلا للرئاسة فانه في مرحلة المد القومي التي تعيشها ايران حاليا لا يمكن انتخابه رئيسا لانه ” نجفي” وما زال يلحن في الفارسية حتى الإنجيل اي عربي ( اي يقول الواو واو وليس ف ،والعين عين ،والحاء حاء وليس هاء ) . اما اية الله مؤمن فهو شبه مجهول .

رغم ذلك فان ما بين ١٥ عضوا و١٢ عضوا غابواعن الاقتراع . وان يزدي نفسه فاز  بسبعة واربعين صوتا فقط اي النصف زائد أربعة أصوات ( عدد أعضاء المجلس ٨٦ عضوا) . ولذلك شطحت بعض وسائل اعلام الممانعة بإضافة أصوات رفسنجاني الى أصوات يزدي .

* ان اية الله محمد مصباح يزدي الذي يطلق عليه لقب ” الطالباني ” لم يرشح نفسه حتى لا “يتعرى ”  سياسيا واهمية مما كان سيسبب ضربة قاسية للتيار الذي يقوده ، وهو على أبواب الانتخابات للمجلسين الخبراء والشورى . والملاحظ ان هذا التيار شدد مؤخرا في حملته ان الاصلاحيين ورفسنجاني يريدون ” سرقة ” المجلسين ويجب منعهم .

* ان الرئيس حسن روحاني دخل بقوة على خط حملة رفسنجاني لرئاسة مجلس الخبراء . ويبدو ان زيارته الى قم لم تكن فقط للاحتفال الشعبي والرسمي بالبدء ببناء خط القطار بين قم وأصفهان وإنما لان لقاءاته بالمراجع الكبار التي جرى التعتيم عليها كليا كانت تشمل الى ما قيل اطلاعهم على المفاوضات النووية  ترتيبات الانتخابات الحالية والقادمة ، مما ازعج المرشد خامنئي وهو الذي ادخل كبار المراجع في قم عالم الصمت والفقر بالنسبة ما كان من المعروف عنهم من إمكانات ومقلدين ، وذلك لأنهم رفضوا التسليم بأحاديته المرجعية لانه الولي الفقيه . وما فعله روحاني انه أعاد لهم الحضور حتى ولو من باب العلم والاستشارة .

يبقى ان الجمهورية الاسلامية في ايران ، وهي تقف متأهبة لمواجهة استحقاقات وارتدادات الاتفاق النووي ، فإنها على مواعيد مفصلية في ظل الكلام المتزايد عن صحة المرشد خامنئي وتدهورها . وقد اصبح شائعا انه دخل المرحلة الرابعة من مرض سرطان البروستات الذي من مفاعيله انخفاض قدرته على العمل كما حصل مع الرئيس فرانسوا ميتران ، ولذلك فانه مضطر للاسراع في رسم خريطة السلطة القادمة بكل ما يملك من قوة حتى لا يدفع معسكره ثمن مرضه  ، وما انتخاب اية الله محمد يزدي  سوى معركة من سلسلة معارك عديدة ستشهد بعضها ليالي “سكاكين طويلة “لا رحمة فيها .

المصدر: المدن

السابق
حركة التوحيد الإسلامي: لا وجود لتمددات سياسية في طرابلس
التالي
هذه حدود دويلة حزب الله الموسعة.. قليلا وتكتمل