رغم الحريات.. المرأة اللبنانية خاضعة للتمييز بكلّ أشكاله

المرأة والتمييز والحريات الشخصية
على الرغم من التطورات التي حصلت خلال العقود الأخيرة التي ضمنت وكرّست حقوق المرأة الإنسانية وخصوصاً بعد مؤتمر فيينا عام 1993 ومؤتمر بكين 1995 غير أن أشكالا من التمييز لا تزال قائمة ضد المرأة وعلى مستويات عدّة.

في لبنان على الرغم من توقيعه اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1997، وتحفظه على بعض بنودها،لكنه يبدو مقصراً في تنفيذ البنود التي وافق عليها أصلاً. ويتأثر في سياسته هذه ليست النساء اللبنانيات فحسب بل النساء المقيمات على أرضه.

ففي موضوع مكافحة استغلال المرأة، فإن مجلس النواب في لبنان أصدر في آب 2011 قانوناً يمنع الاتجار بالبشر حيث عدّل قانون العقوبات و أكّد على أن الاتجار بالبشر جريمة، لكن نص القانون يركز على العقاب أكثر مما يركز على الوقاية والحماية والمقاضاة. وفي هذا المجال يمكن الحديث عن واقع النساء العاملات الأجنبيات اللواتي يعانين الكثير من التمييز والعنصرية وانتهاك الكرامة، وخصوصاً خضوعهنّ لنظام الكفالة وهو نظام استعباد جديد.

بالإضافة إلى المعاناة في المنازل وهي كثيرة وكبيرة من حيث المعاملة والأجر وظروف العمل، وفي السنوات الأخيرة و بعد نزوح الآلاف من السوريين والسوريات إلى لبنان بدأت وسائل الإعلام تتحدّث عن عمليات استغلال للنساء والاتجار بهنّ، والتزويج المبكر لفتيات لا تتعدى أعمارهنّ سن 12 عاماً والتواطؤ مابين بعض رجال الدين و أولياء أمور الفتيات لتسهيل هذا الزواج وهو الطريق الأقصر لطلاقهن لاحقاً و انحراف الكثير منهنّ.

أما حول اتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة، أي أن يكون لهنّ الحق بالتصويت الانتخابي و أن تكون ممثلة في مؤسسات الدولة. فإن المرأة اللبنانية نالت حق الترشّح والانتخاب عام 1952 أي قبل نساء سويسرا ب 19 عاماً. إلا أن مشاركتها في الحياة النيابية مازالت خجولة، و أن 12 امرأة ترشحت عام 2009 للمجلس النيابي نجح منهن أربع نساء فقط وبظروف لا علاقة بهن كنساء بل بأوضاعهن الاجتماعية والعائلية. وفي مجال السلطات المحلية أي البلديات فإن 91 إمرأة نجحت في بلديات الجنوب التي يبلغ عدد مقاعدها أكثر من ثلاث آلاف مقعد وعلى الصعيد الوزاري فإن وزيرة واحدة موجودة في جكومة مؤلفة من 24 وزيراً، وهي محسوبة سياسياً على الرئيس السابق ميشال سليمان أي لا علاقة لها بالقوى السياسية الأساسية في لبنان و المهيمنة على مؤسساته. وإذا كانت المراة تحتل مواقع عدّة في الادارات العامة إلا أن وصولها إلى مواقع سياسية شبه خجول.

وعلى الرغم أن الدستور اللبناني الصادر عام 1926 ينص على أن اللبنانيين متساوون في الحقوق والواجبات إلا أن قانون الجنسية الصادر عام 1925 ينص على أن اللبناني هو كل من يولد من أب لبناني. وهذا يعني أن لبنان يحصر حق ننقل الجنسية للاولاد والزوجة بالأب فحسب.

وترى جمعيات ناشطة أن السبب وراء منع المرأة من إعطاء جنسيتها لعائلتها مرتبط بقرار سياسي، وترى جمعيات أخرى أن السبب يعود للتوازن الطائفي في البلد. وتشير دراسة أعدها برنامج الأمم المتحدة الإغاثي و اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة عام 2010 إلى أن عدد النساء اللبنانيات المتزوجات من غير لبنانيين فاق العشرين ألف إمرأة. ما بين 1995-2010، إن 77400 قد تضرروا من قانون الجنسية و أن عدد الأشخاص الذين ولدوا من أم لبنانية نحو 41400 شخصاً.

أما بشأن حصول المرأة على حق متساو مع الرجل في ميدان التعليم. و إن الوضع في لبنان ليس جيداً بالنسبة لأنظمة التعليم وعلى الرغم من أن عدد الصبيان والبنات متساو تقريباً في المدارس الثانوية إلا ان تمييزاً واضحاً بينهما تظهر في مناهج التعليم العام.

ففي كتب القراءة والتربية، تظهر صور النساء كزوجة و أم والرجل كقائد، مدير، نائب، مؤلف، شاعر، وفي مجال التوصيف، تصف الكتب الرجال بالعقلانية و القيادية و الإدارة والإبداع. وتصف النساء بالحنان و العطف كما يتم مخاطبة الطلاب بالأسئلة عبر صيغة المذكّر. وفي مجال التخصيص، فإن النساء تختار اختصاصات تعيد ترتيب الأدوار النمطية حسب الثقافة السائدة ( تدريس، تمريض……) .

وإذا كانت الاتفاقات والعهود الدولية تطلب إلغاء التمييز ضد المرأة في ميدان العمل، ومع أن الدستور اللبناني في مادته السابعة تنص على المساواة الكاملة في الحق بالوصول إلى عمل إلا أن الواقع يشير إلى شأن آخر، فعدد النساء العاملات أقل بكثير من عدد الرجال العاملين، كما أن المرأة تعمل في مجالات لها علاقة بالأدوار النمطية للمرأة. كما أن معدلات البطالة بين النساء أكثر منها عند الرجال. وإذا تساوى المستوى المهني والمؤهلات بين الرجل والمرأة، فإن الرجل يتقاضى راتباً أعلى.

وفي مجال العمل فإن النساء يحصلن على إجازة تبلغ سبع اسابيع بسبب الأمومة. وتحصل على كامل راتبها أثناء إجازة الأمومة ويمنع صرفها أو توجيه إنذار بالفصل أثناء مدة العمل.

أما بالنسبة للمرأة العاملة في الريف فإنها محرومة من الضمانات الصحية والاجتماعية كافة ولا يخضع عمل المرأة في الريف لقانون العمل.

ويلاحظ أنه لا يوجد تمييز قانوني بحق النساء في مجال المساواة أمام القانون.

ففي عام 1993 نالت المرأة في لبنان الاعتراف بأهلية للشهادة في السجل العقاري.

وعام 1994بأهلية لممارسة التجارة من دون إذن الزوج. وفي عام 1996 نالت الاعتراف بأهليتها لتوقيع عقود التأمين على الحياة لكن المرأة تشهد في هذا المجال تمييزاً مجتمعياً وعلى الرغم من حق النساء بحرية التنقل قد أقرّ قانونياً عام 1974 فإن المرأة تواجه قيوداً فعلية بالنسبة لحرية التنقل والحركة.

بالنسبة للمساواة في قانون الأسرة. فإن قوانين الأحوال الشخصية في جميع الطوائف تميز بين اللبنانيين بسبب الجنسن فالتمييز بين الرجل والمراة يبدأ مع الزواج ويستمر بعد انحلاله، في الطلاق، الإرث، الحضانة، الولاية أو القوامة.

في لبنان، 15 قانون للاحوال الشخصية تطال 18 طائفة وبالتالي لا تخضع النساء لنفس القانون.ومن الأمور التمييزية في قوانين الأحوال الشخصية. نرى شهادة رجل واحد معادلة لشهادة إمرأتين. الرجل رأس المرأة والعائلة، على المراة إطاعة الرجل وهي بحاجة إلى إذن للخروج من المنزل،واذن للعمل خارج المنزل.

وعليها تلبية طلبات زوجها في العلاقة الجنسية و أن تقبل بتعدد الزوجات وهي مجبرة لتسكن مع زوجها حيث يشاء.

وللزوج حق التأديب، كما تتفق الطوائف المختلفة على حرمانها من حضانة أطفالها ويختلف سن الحضانة بين طائفة وأخرى.

كما يجري التمييز ضد المرأة في قوانين العقوبات وخصوصا جرائم الشرف وارتكاب الزنا، كما تميز القوانين ضدها في حال تعرضها لعنف منزلي.

السابق
ابو فاعور: بعد 3 اشهر كل مؤسسة مياه لا تلتزم ولا تستوفي الشروط سيتم اقفالها
التالي
نريد نقداً بالجملة والمفرّق