الجمهورية تدخل شهرها العاشر من دون رئيس التمديد مجدّداً لعسكريين يُفاقم الأزمة الحكومية

قد تتبدّل الجلسة المخصصة اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بالشكل دون المضمون. فبعد مرور عشرة اشهر على الشغور، قد تطل وجوه وتغيب أخرى عن الجلسة الـ19 التي لن يكتمل فيها النصاب القانوني الضروري للانتخاب. الثابت في الجلسات الاجراءات الامنية التي ترافقها والتي تعرقل السير وحياة المواطنين. لكن الاكيد ان الرئاسة الاولى تراجعت، وتقدمتها الازمة الحكومية المرشحة لمزيد من التأزيم في ضوء اعتراض “تكتل التغيير والاصلاح” على قرارات اتخذت واخرى متوقعة لوزير الدفاع سمير مقبل بالتمديد لعسكريين في الخدمة، مما يقفل الباب أمام رغبة العماد ميشال عون في تولي صهره منصب قيادة الجيش. فقد أعلن عون سحب الثقة من مقبل الذي أكد انه لم يخالف القانون بل عمل ضمن صلاحياته. وبرر الامر “بتجاوز الوزير الصلاحية في ممارسة الحكم، والتغاضي عن المخالفات المرتكبة في مؤسسة الجيش”، ودعا الحكومة مجتمعة الى “تصحيح هذه الاخطاء وإلاّ تحمّلت مسؤولية ونتائج الاخطاء المتراكمة”.

وعلمت “النهار” من مصادر سياسية ان قائد الجيش ليس في وارد طلب التمديد للعميد شامل روكز لان قاعدة تأجيل التسريح محصورة بالمجلس العسكري ومدير المخابرات (الذي مدد له ايضاً ستة اشهر) ولأن عدداً كبيراً من العمداء ومن هم أعلى رتبة سيكون لهم الحق في ذلك، واما الحل فيكون برفع سن التقاعد لكل العسكريين على اختلاف رتبهم مدة ثلاث سنوات، وهو مشروع أعد بطلب من المجلس الاعلى للدفاع سابقاً برئاسة الرئيس ميشال سليمان وأحيل الى الامانة العامة لمجلس الوزراء.

غانم
وعن خطوة سحب الثقة ومفاعيلها، سألت “النهار” رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية النائب روبير غانم، فأجاب: “إن ما طرحه العماد عون هو موقف سياسي. لكنه بصفته نائباً يمكنه ان يقدم خلال دورة عادية أو إستثنائية طلب استجواب الى رئيس المجلس الذي يدعو المجلس الى الإنعقاد لاستجواب الوزير ويقرر ما إذا كان يقبل بسحب الثقة من الوزير أم لا. وبما أننا في وقت لا وجود لدورة إستثنائية أو عادية، فعلى النائب عون أن ينتظر موعد فتحها ليتقدم بالطلب المشار اليه”. وأعرب عن اعتقاده “أن العماد عون اتخذ موقفه تحسباً لتمديد جديد لقائد الجيش. وفي رأيي أن التمديد الاخير كان خطوة ناقصة، فبعد تعيين قائد الجيش بثلثي أعضاء مجلس الوزراء، إذ بالتمديد له يأتي بموجب قرار صادر عن وزير الدفاع بحجة الظروف الاستثنائية”.

حرب
وسألت “النهار” وزير الاتصالات بطرس حرب عن رأيه، فأجاب: “من المفروض ان يكون تعيين قيادات جديدة متعلقاً بوجود رئيس للجمهورية لارتباط ذلك بالامن والميثاق وخصوصا منصب قائد الجيش الماروني، فلا يجوز أن يأتي إشغاله بعيداً من رأي رئيس الجمهورية”.

الأزمة الحكومية
في غضون ذلك، تابع الرئيس تمّام سلام اتصالاته مع القوى السياسية للتوافق على آلية للعمل الحكومي قوامها التصويت بالاكثرية العادية من ضمن ثلثي الحاضرين في المرحلة الاولى. وفيما يلتزم سلام الصمت المطبق ازاء نتائج مساعيه، قال وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج إن لا تقدم في شأن الآلية. فبعض الاطراف في الحكومة يرفضون تطبيق المادة 65 من الدستور لانها، على حد تعبيرهم، تكرس مبدأ ان البلد “ماشي” من دون رئيس.
ونقلت مصادر وزارية عن سلام إنه حريص، من وراء البحث عن آلية جديدة لعمل الحكومة، على تفعيل عملها لا تعطيله. وقد أبلغ من التقاهم امس أن تعليق عمل مجلس الوزراء ليس هدفه الضغط بل دفع الاطراف الى إستشعار المسؤولية فلا تتحول الحكومة حكومة تعطيل الاعمال. وأشار الى انه لا يريد ان يكون هناك انطباع أن ثمة سعياً الى تطبيع البلد على غياب رئيس الجمهورية، وإنما لتسهيل شؤون الناس في انتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ورأى ان من يؤيد الآلية الحالية او يعارضها عليه عدم التخبط في هذا الموضوع بل الذهاب الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
واذ تغيب جلسة مجلس الوزراء غداً الخميس، من المتوقع ان يثار الموضوع في الجلسة السادسة من حوار “المستقبل – حزب الله” مساء اليوم في عين التينة، وقد سبقه موقف لكتلة “المستقبل” التي اجتمعت برئاسة الرئيس سعد الحريري وتمنت “أن تتمكن الحكومة اللبنانية من العودة إلى العمل وفق الأصول القانونية والدستورية ومن دون اعتماد أعراف جديدة خارجة عن الدستور تزيد التعقيدات وتربك عمل المؤسسات وتحول دون تحقيق الهدف الأساس من حسن رعاية مصالح المواطنين”.
وأبلغ النائب عمّار حوري الذي تلا بيان الكتلة “النهار” أن موقف الكتلة هو ثمرة مشاورات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتبنى موقفاً مماثلاً ومع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي بدأ عملية مراجعة الآلية المعتمدة حالياً.
وقد سئل الرئيس بري عن السجال الذي دار بين الرئيس الحريري والسيد حسن نصرالله في خطابيهما الاخيرين، فأجاب أمام زواره: “بعد الانتهاء من حوار المنابر سنذهب غداً (اليوم) الى حوار المحابر بغية اتخاذ قرارات وتنفيذها”.
ولفتت مصادر سياسية بارزة الى ان البلاد محكومة حتى إشعار آخر ببقاء الحكومة الحالية واستمرار الحوار بين “المستقبل” و”حزب الله”، متخوفة من ان يؤدي التمديد لعسكريين من تعطيل اضافي للحكومة يفتعله وزراء “التكتل”.

وفد البرلمان الاوروبي
من جهة أخرى، يزور بيروت اليوم وفد من لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي يضم رئيس اللجنة إيلمار بروك والنواب رامونا مانوسكو، وآنا غوميز، وأفزال خان، ومارك جوريك.
ويلتقي الوفد الرئيس بري، والرئيس سلام، والرئيس الحريري، ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، إلى عدد من المسؤولين وممثلين لأحزاب سياسيةولمنظمات شريكة للاتحاد الأوروبي في مجال المساعدات.
وستركز المحادثات على العلاقات الثنائية، والأوضاع السياسية والأمنية في لبنان، وآفاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما تأثير الأزمة السورية على لبنان، والتطورات الإقليمية.
وقال المفوض الأوروبي للمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات خريستوس ستيليانيدس لـ”النهار” إن “لدينا عدوا مشتركا هو الإرهاب. ومن المفيد أن يكون لدينا تعاون أعمق في هذا الإطار”. واضاف: “إن الأعمال الارهابية لا تطاول ديناً أو حضارة معينة، انما يجب أن نعلم أن لدينا عدواً مشتركاً يعتدي على إرثنا المشترك”.

السابق
سوريا الثورة اليتيمة والتمرّد على الأبد
التالي
«داعش»: الموجة الثانية من «الربيع العربي»