هل إقتراح إنشاء هيئة إدارة الكوارث على جدول اللجان يمهّد لإلغاء الهيئة العليا للإغاثة؟

منذ عام 2001، والبحث جار لانشاء هيئة ادارة الكوارث. عامذاك، قدّم الوزير الراحل بيار الجميل اقتراح قانون يتعلق بانشاء الجهاز الترقبي للحوادث، وقد درس الاقتراح في لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه، وقتا طويلا من دون نتيجة.

بعدها، تعدّدت الحوادث والكوارث. استشهد الجميل وبقي اقتراحه في ادراج مجلس النواب. وكانت آخر جلسات لجنة الاشغال في 14 تشرين الثاني 2006، في حضور الجميل نفسه. في ختام الجلسة، شكلت لجنة فرعية لبلورة نقاط الاقتراح، الا ان قدر هذه اللجنة كان التوقف نظرا الى تراكم الاحداث الاليمة حينها، من الاضطرابات الامنية، وصولا الى الازمات السياسية التي كانت تعرقل انعقاد مجلس النواب وفق وتيرة اعتيادية. فكانت النتيجة ان توقف عمل العديد من اللجان.
خلال تلك الفترة، كان لبنان ايضا على موعد مع “كوارث” من نوع آخر: هزّة خفيفة من هنا، وانهيار مبان من هناك، ابرزها كان مبنى فسوح، مطلع العام 2012.
وعاد الكلام يتكرر على ضرورة انشاء هيئة لادارة الكوارث. وبين الفترة الممتدة من 28 تشرين الاول الى 2 كانون الاول 2013، عقدت اللجنة الفرعية سلسلة اجتماعات برئاسة النائب محمد قباني، وكان امامها، اقتراحا قانون، الاول من قباني ويهدف الى انشاء الهيئة، والثاني من الجميل ويتعلق بما يسمى الجهاز الترقبي للحوادث.
وفي الحصيلة العامة، تبيّن ان الاقتراحين يتشابهان من حيث النتيجة والهدف، وبعض الاسباب الموجبة، التي تركز على تغير التطور العمراني وازدهار الصناعات وتبدّل اسلوب التنظيم الحديث للحياة الاجتماعية، مما بات يهدّد بانفجار وحدوث كارثة، وخصوصا في المدن المكتظة، الامر الذي يستوجب وجود الهيئة.

هيئة الاغاثة؟
اليوم بات المشوار الاشتراعي لانشاء الهيئة على وشك الانتهاء، اذ ادرج الاقتراح في جدول اعمال جلسة اللجان المشتركة. قباني يتمنى “انجاز القانون سريعا لان لبنان يتعرّض لاخطار جديّة، وخصوصا في موضوع الزلازل، فهو يقع على فوالق عدة، لعلّ ابرزها فالق اليمونة في البر، والفالق الموازي بحرا في الشاطئ اللبناني”. ويطالب ايضا “بالاستفادة من اقتراح الجميل”.
“النهار” حصلت على نص الاقتراح الذي يعدد مهمات الهيئة كالآتي: “تطوير الخطط والنشاطات المستندة الى الاجراءات الوقائية في المناطق المعرّضة لخطر وقوع كارثة، تحضير الخطط والاجراءات بهدف تنبيه السكان الى خطر احتمال وقوع كارثة، الاستجابة السريعة عند حصول الكارثة لانقاذ الضحايا واعادة الاعمار”.
هذه المهمات تشمل اذاً مختلف المراحل المتعلقة بالكوارث، انما المشكلة الاكبر في لبنان هي تضارب الصلاحيات بين الاجهزة المعنية وعدم التنسيق بين الادارات والوزارات، مما يجعل الجهود مجزأة، الامر الذي يفقد العمل فعاليته ويغيّب وجود جهاز موحد لدمج الامكانات والعناصر. من هنا، كان التركيز على ضرورة توحيد الجهود ضمن الهيئة. والسؤال: اذا سلكت هيئة ادارة الكوارث الطريق الى الاقرار، هل تبقى ثمة حاجة الى الهيئة العليا للاغاثة، وما الفرق بين الهيئتين؟
ان هيئة الاغاثة مولجة فقط برصد الاضرار ومتابعة التعويضات لا بترقب الكوارث، الامر الذي دفع النائب نواف الموسوي الى ايراد جملة ملاحظات على اقتراح القانون المقدم الى اللجان، أبرزها: “المطالبة بالغاء الهيئة العليا للاغاثة، على ان توكل مهماتها الى جهاز تنفيذي”.
هذه الملاحظة ليست يتيمة، اذ علمت “النهار” ان الموسوي ارفق الاقتراح بملاحظات، يطلب فيها ان “ينشأ مجلس اعلى لادارة الكوارث يكون برئاسة رئيس الجمهورية، على ان يضم رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الدفاع والداخلية والصحة والاشغال والطاقة والاتصالات والشؤون الاجتماعية والاقتصاد والاعلام والزراعة والخارجية والمال”.
ويطالب الموسوي بأن “يعيّن الامين العام للهيئة لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد، على ان تضم الامانة العامة للهيئة المدير العام للدفاع المدني والامين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية ورئيس مجلس الانماء والاعمار”.
انما اللافت في ملاحظات الموسوي حصر بعض مهمات الهيئة بمجلس الوزراء مجتمعا، لا سيما لجهة ان تقوم الهيئة “باعداد التوجهات والسياسات العامة بدل اقرارها، على ان يكون الاقرار مرتبطا بمجلس الوزراء”.
مرة جديدة، تشديد على دور الوزارات وربما خوف من انتقاص لبعض اعمالها. في المقابل، تختلف ملاحظات النائب سامي الجميل، لا سيما لجهة انشاء مجلس اعلى لادارة الكوارث، اذ يلفت الجميل الى ان “الاقتراح ينص على وجود مجلس اعلى، مما يعني ان الهيئة باتت تعتبر حكومة مصغرة، الامر الذي يعوّق عملها عند وقوع الكارثة”، ويسأل: “هل كلّما فاض نهر البردوني مثلا، على المجلس الاعلى ان يجتمع ليأخذ قرارا بالتحرك؟”.
يفضل الجميل ان تسمى الهيئة “هيئة ترقب وادارة الكوارث”، وان تكون لها “موازنة خاصة”.
والاهم انه يفضل ان “يتم تحديد صلاحيات الاجهزة في القانون بدل انتظار مراسيم مجلس الوزراء، لا سيما انه تم وضع هيكلية للهيئة من دون تحديد طريقة عملها وطريقة اتخاذ القرارات فيها”.
14 عاما وهيئة ادارة الكوارث تنتظر، فهل ستنصف اللجان المشتركة الاقتراح اخيرا وتوصله الى الهيئة العامة؟! والاهم هل يمهد اقرار الهيئة الطريق لإلغاء الهيئة العليا للاغاثة، ام ان مزاريب الاهدار وتضارب الصلاحيات ستبقى سائدة؟

(النهار)

السابق
«أكاديميّة بي بي سي»: دليل الصحافة بالعربيّة
التالي
جريحان في حادث سير في كفرشيما