بروجردي: مَددنا اليد للريـاض وباتت الكرة في ملعبها

يؤكّد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن في مجلس الشورى الاسلامي السيّد علاء الدين بروجردي انّ بلاده تنتظر من القيادة السعودية الجديدة ان تردّ على المبادرة الايرانية لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، معتبراً انه اذا صحّ انّ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قال للرئيس باراك اوباما انّ الرياض ليس لديها تحفظات على المفاوضات النووية مع ايران، فإنّ ذلك يعتبر «تحوّلاً وتوجهاً جديداً في السياسة السعودية». وقال إذا فتحت صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين «فإنّ هناك كثيراً من الانجازات الايجابية تترتّب عليها». وإذ اعتبر الاستحقاق الرئاسي اللبناني شأناً داخلياً، قال انّ اللبنانيين إذا كانوا يعتقدون ان هذا الاستحقاق يتوقف على طبيعة العلاقة بين طهران والرياض فإنّ ايران من جهتها «أثبتت صحة نيّتها ورغبتها في فتح صفحة جديدة ايجابية مع السعودية». ورأى انّ «داعش» بدأت العد التنازلي وأنها باتت مصدر قلق للأميركيين والاوروبيين، داعياً الرياض الى موقف مختلف عن السابق «تجاه هذا التنظيم الارهابي الذي بات يشكّل خطراً على السعودية نفسها». ولفت الى انّ توصّل ايران والدول الغربية الى اتفاق نهائي على الملف النووي في حزيران «مسألة غير ميؤوس منها، لكننا لسنا متفائلين جداً بإمكانية التوصل الى الحل النهائي»، محذراً من انّ واشنطن والدول المرتبطة بها «ستكون الخاسر الأكبر» من عدم الاتفاق، وكاشفاً انّ مجلس الشورى الايراني يعدّ قانوناً يُلزم الحكومة الايرانية بالعودة الى تخصيب اليورانيوم والمضيّ سريعاً في البرنامج النووي اذا لم تتوصّل مع الدول الست الى النتيجة المرجوّة في الملف النووي السلمي. «الجمهورية» التقت السيد بروجردي خلال زيارته الاخيرة لبيروت، وكان هذا الحوار:

مواجهة ليست مستجدة

بعد الغارة الاسرائيلية على القنيطرة واستشهاد العميد في الحرس الثوري الاسلامي (الباسداران) علي الله دادي مع ثلة من مقاتلي حزب الله، هل أصبحت ايران في مواجهة مفتوحة ومباشرة مع اسرائيل؟

ـ أودّ في البداية ان اقول انّ معركتنا مع الكيان الصهيوني بدأت منذ اللحظة التي انتصرت فيها الثورة الاسلامية المباركة في ايران، والتي بادرنا من خلالها الى اغلاق سفارة الكيان الاسرائيلي في العاصمة طهران واستبدالها بسفارة لفلسطين. واريد القول انّ معظم الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الاميركية على الجمهورية الاسلامية الايرانية بعد انتصار الثورة كانت البصمة الاسرائيلية واضحة فيها.

وايضاً لا يخفى على أحد الدور التخريبي الذي يقوم به العدو الصهيوني في مجال ملف المفاوضات النووية ضد ايران، وقد قتل عدداً من علمائنا النوويّين، وآخر تجليات الاعتداءات الاسرائيلية تمثّل في استشهاد العميد علي الله دادي في القنيطرة.

ونحن على مدى الفترات الماضية رددنا على هذه الممارسات الصهيونية، ومن نماذج هذا الرد وتجلياته البارزة المؤازرة التي تبديها الجمهورية الاسلامية الايرانية تجاه فصائل المقاومة وحركاتها في المنطقة، وخصوصاً تجاه المقاومة الاسلامية في لبنان وحركتي «الجهاد الاسلامي» و»حماس» في فلسطين. اذاً، المواجهة مع العدو الاسرائيلي ليست مستجدة وانما بدأت منذ فترات طويلة.

الحل سياسي وسوري ـ سوري

• الى اين تسير المنطقة بعد عملية حزب الله في مزارع شبعا ضد الاسرائيليين انتقاماً لشهداء القنيطرة؟ وما هو مستقبل الازمة السورية في رأيكم، وتالياً ما هو موقفكم من المبادرة الروسية في صددها؟

– في هذا الاطار ينبغي ان نجيب عن سؤالين منفصلين بعضهما عن بعض، الاول يتعلق بالكيان الصهيوني والثاني يتعلق بالازمة السورية.
لقد ثبت منذ فترة بنحو قاطع الهزائم التي تلحق بالكيان الصهيوني، وهذا الأمر يدلّ على انّ المنحى البياني لقوة العدو الصهيوني بات في عدّ تنازلي خصوصاً اذا استعرضنا تاريخ النزاع العربي – الاسرائيلي منذ احتلال فلسطين عام 1948 وسلسلة الهزائم المتلاحقة التي لحقت بدول الطوق وأدّت الى انسحابها من مزيد من الاراضي المحتلة لمصلحة الكيان الصهيوني. واعتقد انّ المعادلة في هذا النزاع بدأت تتغير منذ اللحظة التي تمكنت فيها المقاومة في لبنان من تحرير الارض اللبنانية من نير الاحتلال الصهيوني في ايار عام 2000.

ومن هنا استطيع القول انّ هناك محورين برزا على مستوى هذه المنطقة: المحور الاول يتمثّل بمحور المساومة والمفاوضة مع العدو الصهيوني، والمحور الثاني يتمثّل بمحور المقاومة والممانعة الذي يحسن مخاطبة العدو الصهيوني باللغة الوحيدة التي يفهمها، وهي لغة القوة والاقتدار.

اذاً، في إمكاننا القول انه منذ أيار 2000 اللحظة التي شهدنا فيها هزيمة الكيان الصهيوني على يد المقاومة الاسلامية في لبنان والتي تجَلّت بتحرير الاراضي اللبنانية المحتلة، ومنذ تلك اللحظة بدأت مرحلة هزائم العدو الصهيوني وانتصارات محور المقاومة، ومن ثم شهدنا السلسلة المتلاحقة من هذه الهزائم التي لحقت بالعدو، وبالتالي الانتصارات التي أحرزها محور المقاومة وقد تجلى ذلك في عدوان تموز 2006 على لبنان ومن ثم الاعتداءات الاسرائيلية الغاشمة على فلسطين المحتلة وعلى غزة سواء في 2008 او 2012 او 2014.

من هنا فإنني اعتقد انّ مسار التطورات التي سنشهدها في المستقبل ستكون مستندة الى هذه التحليلات والتطورات التي شهدناها طوال الـ 15 عاماً الماضية لأنّ المقاومة أصبحت أقوى ممّا كانت عليه أضعافاً مضاعفة، والعدو الصهيوني لم يعد لديه ما يفتخر فيه بأنه يزيد من منسوب قوّته لأنّ القنابل النووية، وهي أقصى درجات الاسلحة الفتاكة، يمتلكها منذ سنوات كثيرة.

واعتقد انّ المعادلات او قواعد الاشتباك التي حدّدها حزب الله في الأمس، وهي انه مقابل كل ضربة اسرائيلية ستكون هناك ضربة قاصمة تسددها المقاومة الاسلامية في لبنان، قد عقّدت الامور وضيّقت الآفاق أكثر من اي وقت مضى أمام الكيان الصهيوني.

لذا، نستطيع القول انّ المتاعب والمصاعب التي يعانيها، سواء كان على المستوى السياسي او العسكري او النفسي، باتت اكبر بكثير ممّا كانت عليه في السابق. واعتقد انّ الساحة السورية باتت ساحة تتجلى من خلالها، ليس هزائم العدو الصهيوني فقط، وانما تتجلّى فيها هزائم المشروع الاميركي والمتحالفين مع الولايات المتحدة الاميركية سواء على المستوى الاوروبي او على مستوى الاقليم.

ولن ينسى أحد ان تلك الاطراف أعلنت في كثير من المناسبات انّ الرئيس بشار الاسد سيسقط خلال شهرين او ثلاثة اشهر. والآن مَضت اربع سنوات على الازمة السورية ولم يحدث هذا التوقع، واعتقد انّ هذا الانتصار ليس نصراً لسوريا فقط، وانما هو نصر للمقاومة أيضاً لأنّ الجمهورية الاسلامية الايرانية أدّت دوراً مهماً في هذا الاطار، والمقاومة الاسلامية أدّت دوراً مهماً ايضاً في الاطار نفسه.

اذاً، لم يعد هناك من مخرج للأزمة السورية إلّا العملية السياسية، خصوصاً انّ التيارات التكفيرية المتطرفة باتت تشكل ازعاجاً وإرباكاً حتى للأطراف التي أوجدتها في الاساس، إذ انّ القلق بات يعتري الاميركيين من جهة والاوروبيين من جهة اخرى. وهذا التهديد ايضاً بات يطاول الدول الاقليمية التي كانت تدعم هذا التطرف في المنطقة.

ومبادرة موسكو هي في اتجاه إيجاد مخرج سياسي للأزمة السورية. صحيح انّ الفصائل المعنية لم تشارك بكاملها في اجتماع موسكو، ولكن في ايّ حال فإنّ هذا الاجتماع حمل رسالة مهمة ومفادها أوّلاً انّ الحل المُتاح لهذه الازمة هو الحل السياسي، وثانياً انّ الحل هو حل سوري ـ سوري، وليس هناك من أمر أو من مبادرة سياسية بعيداً من دمشق ومن جنيف في إمكانها أن تنتج حلاً للأزمة السورية.

الجواب في السعودية

• في ضوء تولّي القيادة السعودية الجديدة مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية بعد وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز، هل يمكن توقّع حصول تلاق بين الرياض وطهران ينتهي بتوافق على فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين تنعكس ايجاباً على العالمين العربي والاسلامي؟

– أنا اعتقد انّ هذا السؤال ينبغي ان نعثر له على جواب في السعودية، ربما الطاقم السابق لم يعطِ الجواب الناجع على هذا السؤال، وربما الطاقم الحالي يقدّم الاجوبة المطلوبة.

وأنتم تعرفون اننا منذ اللحظة التي تسلّم فيها فخامة الرئيس الدكتور حسن روحاني رئاسة الجمهورية في ايران مَددنا يد الصداقة والانفتاح نحو المملكة العربية السعودية. مساعد وزير الخارجية الايرانية (امير حسين عبد اللهيان) ذهب الى الرياض. ومعالي وزير الخارجية محمد جواد ظريف ذهب الى هناك ايضاً.

ومن هنا اعتقد انّ الكرة الآن هي في الملعب السعودي، وعلى الرياض ان تقدّم التجاوب المطلوب للرأي العام على مستوى هذه المنطقة. ونحن كجمهورية اسلامية ايرانية أبدَينا هذا الاحترام لهذا الرأي العام في المنطقة ولكل الدول التي تنتمي اليها وقمنا بالمبادرة المطلوبة منّا. وبالتالي، من المؤكد انه إذا حدث تحرّك ما وفتحت صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الثنائية فإنّ هناك كثيراً من الانجازات الايجابية التي تترتب على مثل هذا الانفتاح.

مستعدون لمناورات ودفاع مشترك

• هناك مخاوف تُبديها دول الخليج على مصيرها، ويقال انّ البعض يزرع الخوف لديها بذريعة تعاظم قوة الجمهورية الاسلامية الايرانية ودورها الاقليمي، ماذا فعلت الجمهورية لتبديد هذه المخاوف وتطبيع العلاقات مع هذه الدول؟

– من الطبيعي عندما يذهب وزراء خارجية الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وغيرهما الى دول الخليج الفارسي، فإنهم لا يروون لها قصصاً وحكايات، فالمحور الاساسي في المفاوضات التي يجرونها مع مسؤولي هذه البلدان هو مسألة «ايران فوبيا»، والهدف الاول والاساسي من ذلك هو تصدير الكميات الضخمة من الاسلحة الاميركية والاوروبية لهذه البلدان، وكانوا موفّقين جداً في هذا الامر.

والهدف الثاني هو إيجاد المواقع العسكرية لهم في هذه البلدان، وايضاً كانوا موفّقين جداً في هذا الامر. أمّا الهدف الثالث فهو تأمين الحضور الاميركي والغربي الدائم في هذه المنطقة، وهذا ما يتجلى في الاساطيل التي تصول وتجول في دول المنطقة. نحن أبدينا استعدادنا لإزالة وجوه القلق هذه، كذلك أبدينا استعدادنا لعقد اتفاقات أمنية مع هذه الدول.

وقد عقدنا هذه الاتفاقات بالفعل مع بعضها، وفي بعض الاحيان نقوم ببعض الاعمال العسكرية المشتركة، وبالأحرى لدينا استعداد لإجراء بعض الانجازات العسكرية المشتركة.

وعلى سبيل المثال نحن مستعدون لإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع هذه الدول أو وَضع خطط عسكرية مشتركة لكي ندافع عن مصالح هذه المنطقة ودولها دفاعاً مشتركاً. ولكن في أيّ حال نحن نرى انّ تلك الدول، للأسف، تعطي ثقتها لبعض الأطراف والدول التي تعتبر من أعداء هذه المنطقة وليس من أصدقائها.

هل يهبط توافق سعودي ـ إيراني على لبنان؟

• هل يكمن لبنان ان يتوقّع هبوط توافق إيراني ـ سعودي في لحظة ما قريباً يمكن مجلس النواب اللبناني من انتخاب رئيس جمهورية جديد طالَ انتظاره، وذلك على غرار التوافق الذي هبط في شباط من العام الماضي وسهّلَ تأليف حكومة الرئيس تمام سلام بعد تعثّر دام عشرة أشهر؟

– هذا السؤال طُرح عليّ خلال المقابلات الإعلامية والصحافية التي اجريتها اليوم بعد اللقاءات التي عقدتها مع المسؤولين اللبنانيين، وأنا قلت لهم حقيقة الأمر، وهي انّ الجمهورية الاسلامية الايرانية تعتبر هذا الاستحقاق من الامور الداخلية اللبنانية.

فإذا كان الجانب اللبناني يعتقد أنّ في إمكان الجمهورية الاسلامية الايرانية تقديم مساعدة ما في هذا المجال، فإنّ إيران أثبتَت انّها لا تبخل في تقديم هذا الدعم وهذه المؤازرة لتدعيم وترسيخ الأمن والهدوء والاستقرار في لبنان.

وإذا كان الجانب اللبناني يعتقد أيضاً أنّ هذا الاستحقاق الرئاسي يتوقّف أيضاً على طبيعة العلاقات الثنائية بين ايران والسعودية فإنّني أعيد هذا إلى السؤال الفائت وأقول إنّ الجمهورية الاسلامية الايرانية أثبتَت صحّة نيّتها ورغبتها في فتح صفحة جديدة إيجابية من العلاقات الثنائية مع المملكة العربية السعودية.

الحصار صار سلاحاً صدئاً

• هل المنطقة باتت على أبواب اتّفاق بين ايران ودوَل الـ5+1، خصوصاً أنّ هناك من يقول إنّ محطة آذار التفاوضية هي تمهيد لموعد الاتفاق النهائي في حزيران في الملفّ النووي؟

– نحن حقيقةً تصرّفنا بشكل صادق جدّاً في هذا الملف على رغم المعارضة الجديّة التي لقيناها في مجلس الشورى الإسلامي في ايران. وإنّ ما تحقّق في جنيف، إنْ دلَّ على شيء فإنّه يدلّ على الإرادة الحقيقية والصادقة الموجودة لدينا لإيجاد مخرج مناسب لهذا الأمر.

ونعتقد أنّ الكلام الذي تدّعِيه الولايات المتحدة الاميركية انّ الجمهورية الاسلامية الايرانية وافقَت على الجلوس الى طاولة المفاوضات لأنّها تعاني ما تعانيه من جرّاء العقوبات المفروضة عليها، هو كلام ليس له أيّ قيمة، ذلك أنّ التجربة العملية أثبتَت أنّ معظم الإنجازات الباهرة التي حقّقتها إيران إنّما تحقّقت في ظلّ الحصار الظالم المفروض عليها طوال العقود الماضية،.

أنا عادةً أسأل أعضاء الوفود الاجنبية والغربية والاوروبية التي تأتي الى طهران، عندما تأتون إلى الفندق الذي تقيمون فيه وإلى مبنى البرلمان الايراني، خلال هذه المسافة الطويلة، كم ترون من صفوف وطوابير من الشعب الايراني تقف أمام هذا المحلّ أو ذاك طلباً لتأمين لقمة عيشها ومؤونتها اليومية؟

طبعاً الجواب يكون بالنفي، لأنّ ليس هناك أيّ طوابير، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ كلّ احتياجات الشعب الايراني متوافرة بشكل دائم، ومن المؤكّد أنّ الحصار بات سلاحاً صدئاً، وأنا هنا أعتقد انّ الطرف المقابل إذا احترم قواعد اللعبة كما ينبغي ان تكون ففي إمكاننا ان نصل الى نتيجة ملموسة في نهاية المطاف.

فإذا لم يتمّ التوصّل الى النتيجة المنشودة في هذا الإطار فهذا ينبغي أن يوضَع في حساب الولايات المتحدة الاميركية، ذلك انّها دائماً قد تبادر الى الامور غير المنطقية والطلبات المتزايدة وبالتالي هي متأثّرة بالضغوط الصهيونية التي تمارَس عليها في هذا الإطار،.

ونحن في مجلس الشورى الإسلامي في إيران نعمل على إعداد قانون من شأنه ان يلزمَ الحكومة الايرانية في نهاية المطاف، إذا لم تتوصّل إلى النتيجة المطلوبة والمرجوّة في الملف النووي السلمي، بالتخَلي عن كافة التعهّدات والالتزامات التي أخذَتها على عاتقها طوال الفترة الماضية، وأن تعود الى تخصيب اليورانيوم والمضيّ قدُماً في الملف النووي وبالشكل السريع. من هنا نحن نتحلّى بالصبر وطول النفس في المفاوضات التي نجريها، لنرى الى أين في إمكاننا الوصول في هذا المجال.

لم نأخذ صَدَقة من الأميركيين

• هناك مَن يقول إنّ موعد حزيران للاتّفاق الشامل هو بالنسبة إلى إيران موعد نهائي ولا تمديد بعده، فإمّا اتّفاق أو لا اتّفاق؟

– حقيقةً لم يبقَ هناك من أمر لم يتمّ التداول في شأنه. كلّ الامور في هذا المجال أُشبِعت بحثاً، وطبعاً نحن نريد ان نخرج من حالة الذبذبة السائدة حالياً، إنْ صحّ التعبير، لأنّ الكلام الصادر عن الاميركيين هو في الحقيقة كلام غير منطقي، ذلك انّ المادة الرابعة في المعاهدة الدولية للطاقة الذرّية تُلزم الولايات المتحدة الاميركية بأن تتعاون مع الجمهورية الاسلامية الايرانية في المجالات التقنية المتعلقة بالملف النووي. طبعاً هذا التعاون لا يبدر منها، لا بل إنّها تقوم بوضع العصيّ في الدواليب.

إذاً الولايات المتحدة الاميركية لا تلتزم مقتضيات المعاهدة الدولية للطاقة الذرّية، وبالتالي إنّ كلّ ما انجزَته ايران في إطار إنجازاتها النووية هو رهن بإرادات وقدرات المواهب والخبرات الوطنية الايرانية. نحن لم نأخذ صَدقةً من الاميركيين في أيّ مجال من هذه المجالات. إذاً في حال عدم التوصّل الى اتفاق فإنّ الخسارة الاكبر تكون قد لحقَت بهم.

ولكن بطبيعة الحال فإنّ معارضتنا المبدئية ورفضَنا المبدئي لإنتاج الأسلحة النووية لن يتغيّرا، ولكن ما دون إنتاج هذه الاسلحة النووية، نحن نعتقد أنّ من حقّنا المشروع والعادل أن نستثمر الطاقة النووية في كافة الأغراض السلمية.

مسألة غير ميؤوس منها

• هل أنتم متفائلون فعلاً بالتوصّل إلى الاتفاق النهائي مع الدوَل الغربية على الملف النووي الإيراني، والبعض يقول إنّ إيران توصّلت إلى اتّفاق في شأنه مع الولايات المتّحدة ويُعمَل الآن على تذليل اعتراض المعترضين عليه؟

– صحيحٌ أنّ المسألة غير ميؤوس منها، ولكنّنا لسنا متفائلين جدّاً بإمكانية التوصّل الى الحلّ النهائي. ولكن أريد أن أقول إنّه اذا لم يتمّ التوصل الى اتّفاق نهائي في هذا الشأن فإنّ الخاسر الأكبر سيكون الولايات المتحدة الاميركية والدوَل المرتبطة بها.

الغرب سبقَ له أن ضيَّع فرصةً ثمينة من يده سابقاً، ومِن وجهة نظره كانت فرصة ثمينة في تلك الفترة، إذ طلبَت الجمهورية الاسلامية الايرانية ان تمتلك فقط عشرين جهاز طرد مركزي من أجل الإفادة منها في الأبحاث النظرية التي تجريها في المختبرات المرتبطة بهذا الشأن، والطرف المفاوض مع إيران كان وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وفرنسا. وزير خارجية بريطانيا حينها قال نحن نسمح لكم فقط بامتلاك جهاز طرد مركزي واحد، وهو كتبَ هذا الأمر في مذكّراته، وبإمكانكم الاطّلاع عليها.

حينها كانوا يريدون لنا امتلاك 20 جهازاً، ونتيجة هذا الرفض والتعنّت الغربي نمتلك اليوم 19 ألف جهاز طرد مركزي. ومن المؤكّد أنّ الغرب إذا ضيّع هذه الفرصة المتاحة الآن من يده فإنّ إنجازات أهمّ من التي حدثت في السابق سوف تحدث، من دون إنتاج الاسلحة النووية.

كلام الملك سلمان لأوباما

• نَقل مسؤول أميركي عن ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز قوله للرئيس الأميركي باراك اوباما الذي زارَه في الرياض الأسبوع الماضي أن «لا تحَفُّط لدى الرياض على المفاوضات النووية مع إيران، وإنّما ينبغي عدم السماح لها بإنتاج أسلحة نووية»، ألا ترون في هذا الكلام تعبيراً عن تحوّل مهِمّ في الموقف السعودي من إيران وملفّها النووي؟

– إذا كان هذا الكلام المنقول عن الملك السعودي الجديد هو كلام دقيق فإنّه يُعتبَر تحوّلاً في السياسة التي ترسمها المملكة العربية السعودية. طبعاً نحن ليست لدينا معلومات دقيقة عن هذا الكلام، ولكن إذا افترضنا أنّه كلام صائب وصحيح فهو يدلّ على أنّ هناك توجّهاً جديداً في السياسة السعودية في مقاربة هذا الملف.

الغرب بات قلِقاً من «داعش»

• أين إيران من حرب التحالف الدولي على «داعش» ؟ وما هو مصير هذا التنظيم المتطرّف الذي يهدّد مستقبل العراق والمنطقة؟

– أعتقد أنّ المنحنى البياني لقوّة «داعش» بدأ سيرَه التنازلي ابتداءً من الساحة العراقية، خصوصاً أنّ حماة «داعش» باتوا يتحسّسون الخطر منها. لقد كنتُ منذ شهرين في باريس وقال لي المسؤولون الفرنسيون إنّ ألفاً من المواطنين الفرنسيين قد التحقوا بصفوف داعش ليقاتلوا معها.

وقلت لهم: كم هناك من الفرنسيين ملتحقون بداعش ولكنّهم ما زالوا في باريس، فقالوا: «نحن لا نعرف العدد ولكنّنا قلِقون»، وهذا القلق موجود في المانيا وفي اميركا وفي كلّ مكان آخر.

إذاً الحفرة التي حفروها للآخرين هم يخافون الآن من الوقوع فيها، وأعتقد أنّ «داعش» تسير في طريقٍ لا يتيح لها تحقيق الأهداف التي كانت تصبو إليها في السابق.

وقد أثبتت التجربة أنّ «داعش» فشلت في السيطرة على إقليم كردستان، وفشلت أيضاً في السيطرة على العاصمة العراقية بغداد، ونحن نأمل في أن تتّخذ القيادة السعودية الجديدة موقفاً مختلفاً عمّا كان عليه في السابق تجاه هذا التنظيم الإرهابي الذي بات يشكّل خطراً على المملكة العربية السعودية نفسِها.

(الجمهورية)

السابق
السفير السوري :العام 2015 سيكون مفصلياً في الانتصار على الارهاب
التالي
ماذا يجري في منطقة الشرق الأوسط؟