ما حصل في مزارع شبعا ليس رداً

مقاومة إسرائيل واجب، ولكن هل يمكن ربط هذه المقاومة بحسابات شخصية وحزبية خارج إطار الوطن ككل؟

بالعودة إلى حادثة القنيطرة  في الجولان المحتل يبدوأن الرد عليها في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة أيضاً لم يكن على المستوى المطلوب، لكنه قد يكون أضعف الإيمان المطلوب القيام به قبل ذكرى أسبوع الشهداء. وهذا لا يعني البته أننا نستضعف الحزب أو نشك حتى في قدراته على خوض حرب ضد عدو مغتصب حاقد يمارس أفظع الحماقات بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة والجوار لا سمح الله، ولكن ما نود قوله هنا هو أن الرد مطلوب من إيران مباشرة، الامر الذي يدركه الجميع بما فيهم أمين عام حزب الله وقادته الامنيين والعسكريين.

ما حصل في مزارع شبعا ليس رداً والرد كما قلنا ليس مطلوباً من الحزب

المستهدف الفعلي في القنيطرة كان موقعا إيرانيا تابعا للقيادة الإيرانية ويخضع لإمرتها والبعض يصنفها على أنها منطقة آمنة لغرفة عمليات تدار منها الحرب في سوريا وما حصل فيها في نظرهم لا يغدو كونه عملية إغتيال خاطفة في لحظة زمنية مؤاتية تحمل رسالة واضحة في مكان على الحدود، مصنفة أرض معركة والفعل عسكري مئة بالمئة وكذلك هم المستهدفين.

المستهدف الفعلي في القنيطرة كان موقعا إيرانيا تابعا للقيادة الإيرانية

في المقابل وفي قراءة سريعة لما حدث البارحة فإننا نستطيع أن نلاحظ أن ما قام به الحزب هو عمل عسكري على أرض لبنانية حدودية محتلة، بمعنى أن ما حصل يمكن تفسيره على انه مجرد عمليات متبادلة بين طرفين لم يخرق أي منهما قواعد اللعبة المتفق عليها أو أقلها هي لم تتخطَ الحدود اللبنانية المعترف بها ولا هي داخل حدود فلسطين المحتلة المعترف بها واقعاً على أنها إسرائيلية.

مقاومة إسرائيل من دون أدنى شك أو تردد أمر مشروع وقد يكون واجباً لو أتيح للجميع، لكن التساؤل يبقى مشروعاً ويمكن لأي كان أن يسأله وهو: لماذا يحق لحزب الله وهو من نسي الحدود حد الصدأ أن يفتح تلك الجبهة لأغراضه الشخصية وإنفعالاته الذاتية ويختارها لثأره (طبعاً بتوصية إيرانية) يحدد لها موعداً ومكاناً يناسب فقط مصالحه ومصالحها؟ وهو ما سيهز حتماً إنحياز عدد من اللبنانيين وغيرهم للمقاومة وهو ما حصل سابقاً مع الحزب عند تورطه في صراعات خارج حدود أرضه.

ما زال الثأر ورد الفعل يحكم أداء حزب الله ومن الواضح كذلك أن التحكم الإيراني المباشر بقراره  بات واقعا منذ مدة، فالحرب مع إسرائيل ليست جديدة ومقاومة اللبنانيين لها حتى قبل وجوده ليست هي الأخرى جديدة، ومزارع شبعا ليست محتلة حديثاً والسلاح المستخدم ليس غريباً وووجود المتواجهين المتقاتلين المتناحرين المرابطين على الحدود ليس بأمرٍ طارىء، ولكن الجديد هو في إنصهار هيكل حزب الله التنظيمي وهرميته بشكل كامل في الجسم الإيراني،  وهو  – أي الحزب –  لم يعد تابعاً لها فقط بل هو في حال من الإندماج العضوي وعليه فإن شروط اللعبة أي الهجوم والدفاع والمباغته والكر والفر وتوقيت فتح المعارك أو إقفالها كما تحديد مكانها خاضع بالكامل لإمرة القيادة الإيرانية المتواجدة في لبنان وعلى حدوده وفي الجبهات بشكل دائم وهو ما أعلنته دون مواربة القيادة الإيرانية وقالته مراراَ بأن “حدود لبنان هي الحدود الطبيعية لإيران”.

وللتذكير وخصوصاً لمن أدعى وما زال أو تخيل للحظة أن حزب الله لم يرد على إغتيال مغنية، نقول له دقق بمجرى الاحداث والتطورات بعد إغتيال الحاج رضوان في سوريا تحديداً ومع دولة إسرائيل وأعد شريط الأحداث ومسلسل الإغتيالات والعمليات العسكرية داخلهم وخارجهم، فتكتشف الأثر الكبير الذي أحدثته  خصوصاً وأنها  حصلت بفعل دولة  أدت مهمتها وهو بالطبع ما لا يمكن لشخص عادي يطلب رداً سريع ومباشراً مصور ومشاهد ومسموع أن يستوعبه.

ما حصل في مزارع شبعا ليس رداً والرد كما قلنا ليس مطلوباً من الحزب ولكنه بتواضع المجتهد قد يكون مقدمة لإطلالة الأمين العام التلفزيونية في ذكرى أسبوع شهداء القنيطرة  ليس إلا.

السابق
لماذا سجنتم حسين عطوي وصواريخ الهبارية إذا؟
التالي
الهاربون من الجحيم السوري يقعون ضحية الإتجار بالبشر