تغييرات «استباقية» كاسحة في السعودية

في 30 حزيران/يونيو، نشر موقع “اليوم، غدا” المقال حول مسألة “التغيير الحتمي” في المملكة السعودية، إنطلاقاً من الحقيقة بأن المجتمع السعودي شهد خلال العقود القليلة الماضية تغييرات عميقة، ترافقت مع تعدد الأجنحة والاجتهادات في صفوف أمراء الأسرة الحاكمة، ومع انقلابات حقيقية في طبيعة الإطلالة الدولية على دور المملكة الإيديولوجي والثقافي غداة أحداث 11 أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة.

وجاء العدد الضخم من الأوامر الملكية (30 أمراً في يوم واحد) التي صدرت الخميس الماضي، ليؤكد أن هذا التغيير بدأ بالفعل من اليوم، وليس غداً أو بعد غد. لكن تغيير في أي اتجاه؟

فلنقرأ أولاً خلاصات هذه القرارات:
1- حل الإثنا عشر هيئة حكومية التي كان الملك الراحل شكّلها للمساعدة على الإشراف على السياسات، وتشكيل مجلسين للشؤون الأمنية والسياسية بدلاً منها.
2- إجراء تغييرات شاملة في القيادات الأمنية والسياسية والتربوية.
3- إعفاء مدير جهاز المخابرات خالد بن مشعل ومعه رئيس الأمن القومي بندر بن سلطان من منصبيهما.
4- إعادة تشكيل مجلس الوزراء ، وتعيين وزراء جدد للتعليم والإعلام والزراعة، والابقاء على وزراء الخارجية والنفط والمال.
5- إعفاء ابني الملك عبد الله، تركي ومشعل، من منصبيهما كأميري الرياض ومكة. وقبل ذلك إعفاء رئيس البلاط الملكي القوي في عهد الملك الراحل، خالد التويجري، من منصبه، وتعيين ابن الملك سلمان، محمد بن سلمان، مكانه، إضافة إلى تعيينه وزيراً للدفاع.
6- إعفاء رئيسي وزارتي العدل والشرطة الدينية، اللذين كانا يوصفا بأنهما ليبراليين نسبيا، من منصبيهما.
من المبكر استقراء معنى هذه التغييرات الكاسحة، بالنسبة إلى موازين القوى بين أجنحة الامراء، على الرغم أنه الكفة مالت بوضوح لصالح الجناح السديري على حساب جناحي أبناء الملك عبد الله والأمير سلطان وبقية الأجنحة. ومن المبكر أيضاً التكهن بكيفية تقبّل الأمراء الذين تم استبعادهم من السلطة المباشرة لهذه الإجراءات.
لكن يمكن القول أن السرعة التي يتم فيها اتخاذ هذه الخطوات، تشي بأن النخبة السديرية الحاكمة قررت القيام بما أسماه البعض بـ”الانقلاب الاستباقي”، أو بفرض السلطة الجديدة كأمر واقع، خاصة بسبب المخاوف من أن تستغل بعض الأطراف اضطرابات الذاكرة ( Dementia) التي يعاني منها الملك سلمان للمطالبة بعزله من منصبه. وهذا قد يمنع استتباب الأمور للسلطة الراهنة.
علاوة على ذلك، تشي التغييرات في مجالات التربية والتعليم والشرطة الدينية بأن النخبة الجديدة تنوي اتخاذ موقف أكثر محافظة وتشددا على المستوى الإديولوجي، بدل المضي قدماً في إصلاحات الملك عبد الله في مجالات المرأة والتعليم والتشريع.
لكن، تنجح كل هذه الاجراءات المتلازمة في تحقيق استقرار السلطة الجديدة؟
ربما، خاصة وأنها باتت تمسك الآن بصنابير السلطة المالية الأسطورية. لكن مع ذلك، يجب القول أن ماجرى هو مغامرة تتضمن مخاطر واضحة.

السابق
لماذا استخدم حزب الله صاروخ «كورنت 4» رغم عدم الحاجة إليه
التالي
وفي اليوم السابع: الملك سلمان ينجز انقلابه