المؤسّسة الوطنيّة للتراث تستملك بيت فيروز لتحوله متحفاً

اخيرا وصلت قضية استملاك أثمرت حملة “النهار” وبلدية بيروت والمؤسّسة الوطنيّة للتراث استملاك بيت فيروز رسميّاً لتحويله متحفاً لأعمالها الى خواتيمها السعيدة. بعد ست سنوات على اطلاقها، اثمرت حملة “النهار” وبلدية بيروت و”المؤسسة الوطنية للتراث”، واصبح بيت الفنانة فيروز مستملكا رسميا من بلدية بيروت، بموجب المرسوم الرقم 812، الصادر في العدد 44 من “الجريدة الرسمية” تاريخ 23/10/2014، موقعا من 21 وزيرا في حكومة “المصلحة الوطنية”، والذي اعتبر في مادته الاولى “الابنية التراثية القائمة على العقارات رقم 501، 565 و567 من منطقة زقاق البلاط العقارية، وتأهيلها لاستعمال عموم اهالي بيروت في اطار مشروع ارخميدس للحفاظ على الابنية الاثرية، من المنافع العامة. ويستملك لهذه الغاية كامل العقارات المشار اليها(…)”. على ان “تدفع تعويضات الاستملاك من الاعتمادات المفتوحة لهذه الغاية من موازنة بلدية بيروت”، بموجب المادة الثانية. وحددت المادة الثالثة “المدة القصوى التي يجب ان تباشر خلالها معاملات الاستملاك بثماني سنوات، اعتبارا من نشر المرسوم في الجريدة الرسمية”.

وقد أصبح البيت جاهزا اليوم ليتحول معلما ثقافيا وفنيا، تكرم من خلاله الفنانة الكبيرة التي اصبح اسمها مرادفا لاسم لبنان في العالم، وصوتها رمزا للحب والوطن والصلاة.

في الانتظار
ماذا بعد صدور مرسوم الاستملاك في “الجريدة الرسمية”؟ وماذا تنوي بلدية بيروت القيام به؟ رئيس المجلس البلدي للمدينة الدكتور بلال حمد اوضح لـ”النهار” ان هذا الملف “يفترض ان يتحول الى لجنة الاستملاكات البدائية في بيروت لتخمين العقار واصدار قرار فيه، تحيله الى البلدية، فننتقل نحن الى التنفيذ، ونودع المبلغ المطلوب في مصرف لبنان، ونباشر وضع اليد، ونضع ملف الترميم والتلزيم للعقار والبناء القائم فيه. لكن للاسف، حتى الان كل شيء متوقف في انتظار لجان الاستملاك التي حلها مجلس الوزراء ولم يُعد تشكيلها بعد”. وأكد ان مشروع المجلس البلدي “يقوم على انشاء متحف لأعمال السيدة فيروز، يزوره اللبنانيون والسياح، وعند انتهاء معاملات الاستملاك القانونية والرسمية، سنجتمع معها للوقوف على رأيها والاطلاع على تصورها”.

بيت الطفولة والشباب
بيت الطفولة الذي ترعرعت فيه الفنانة فيروز يقوم على العقارين 565 و567 من منطقة زقاق البلاط العقارية. وفي 18/12/2008 اتخذ “المجلس البلدي لمدينة بيروت” القرار رقم 977 القاضي باعلان المنفعة العامة عليه، وعلى العقار 501 المجاور الذي يضم قصر بشارة الخوري، بهدف حمايتهما والحفاظ عليهما، نظرا الى قيمة الاول المعنوية ولاقامة متحف لفيروز فيه، والثاني لطابعه التراثي الغني والمميز ولتحويله قصرا للضيافة او الاستقبالات الكبرى. واستند المجلس في قراره الى دراستين، الاولى “عن الارث المعماري، والسبل الكفيلة بحفظه وحمايته، لما يمثل بالنسبة الى الشعوب من ذاكرة لتاريخها الحضاري العريق”، والتي اعدت في اطار “مشروع ارخميدس” الممول من الاتحاد الاوروبي، والثانية اعدها مرصد مجال – جامعة ألبا، بالتعاون مع خبراء من مدينة البندقية، عن المسار السياحي – الثقافي في منطقة زقاق البلاط، والتي بينت “وجود مبان ذات قيمة معمارية وتراثية مهمة، من بينها قصر آل الخوري، ومنزل السيدة فيروز، في شارع البطريركية”.
ولتجنب اعمال الهدم التي بدأت تطال العقارات الثلاثة ادرجها وزير الثقافة السابق سليم وردة في “لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية” بموجب القرار الرقم 74 تاريخ 29/7/2010. وفي 15 ايلول 2010 وضع مشروع مرسوم الاستملاك الذي عبر دهاليز الادارات الرسمية ومعمودية المعاملات الروتينية، ووقعه الوزيران السابقان للداخلية زياد بارود وللاشغال العامة غازي العريضي، واودع رئاسة الحكومة في 27 ايلول 2010، واحيل الى مجلس الوزراء بتاريخ 20/10/2010 حيث استقر في ادراجه مدة ثلاث سنوات، كان البيت خلالها يتعرض الى المزيد من خطر السقوط والانهيار بفعل عوامل الطبيعة اولا ومحاولات هدمه من بعض المالكين ثانيا، كذلك انهار قسم كبير منه بفعل اشغال البناء التي تقوم في العقار الملاصق. الى ان اعادت حملة “النهار” تحريكه في حزيران 2013، بالتعاون مع عضو مؤسسة التراث ريما شحادة، ومتابعته شخصيا، ما جعل الادارات المعنية من رئاسة الحكومة الى التنظيم المدني الى وزارتي الاشغال العامة والنقل والداخلية والبلديات تتحرك، ويعود المرسوم ليجول جولة روتينية ادارية جديدة… ويصل اخيرا ليدرج بندا في جلسة مجلس الوزراء ويقر في 16 تشرين الاول 2014.
انتهت الجولة الاولى من معركة الحفاظ على البيت الذي ولدت ونشأت فيه فيروز، واستملاكه قانونا. فكم ستطول الجولة الثانية لترميمه وانجاز مشروع تحويله متحفاً ومعلماً ثقافياً؟ المهم استلحاقه قبل انهياره كلياً، وتكون ذريعة جديدة للتملص من هذا المشروع الحضاري.

السابق
مفوض شؤون اللاجئين: نصف المشردين السوريين يعيشون اوضاعا مأسوية
التالي
القاعدة في اليمن يتبنى الهجوم على «شارلي ايبدو»