لبنان الطائش يطلق رصاصه في الهواء

اطلاق الرصاص
عادة إطلاق الرصاص في السماء ابتهاجاً هي عادة سيئة وغير حضارية، تصدر من قبل أناس غير منضبطين لا بالقانون ولا بالأخلاق، وأكثريتهم منتسبين إلى تيارات سياسية وأحزاب ذات نفوذ أمنية ضمن مربعات في أحياء وشوارع خاصة بها، كما إن هذه العادة غير الحضارية تشكل خطراًعلى المواطنين، وتحديداًعلى المارة في الشوارع، فلا القوى الأمنية اللبنانية قادرة على لجم هؤلاء، وحتى الأحزاب لم تستطع أن تضبط مناصريها من اطلاق النارفي الهواء.

خلال تمضيتي لسهرة رأس السنة في منزل احد الاصدقاء بمنطقة بشامون، وبعد ان امضيناها سوية على شرفة منزله الواسعة والمطلة على ساحل الأوزاعي المتدد لساحل خلدة، والكاشفة على منطقة عرمون ومطار بيروت الدولي، كما بالإمكان رؤية بعض المباني العالية في كل من منطقة الضاحية الجنوبية ومدينة بيروت الغربية، استقوفني مشهد مرعب ومخيف في تلك الليلة، وتحديداً عند حلول السنة الجديدة التي تبدأ بين فترة الساعة 12:00 عند منتصف الليل إلى 12:30 بعد منتصف الليل، حيث كان “الزعران” بخلال هذا الفترة من الوقت، يطلقون النار ابتهاجاً لحلول السنة الجديدة وتحديداً من المناطق التي ذكرتها أعلاه.

المرعب في الأمر، انه وبالتزامن مع أزيز الرصاص الذي كان يطلق ويغزوا السماء بكثافة، شاهدت طائرتين مدنيتين لنقل الركاب، طبعا مع الفارق الزمني بينهما عند هبوطهما على أرض المطار، كما شاهدت أيضا طائرة تقلع من المطار، وبخلال هذا الوقت شاهدت بأم العين، منطقة الساحل الأوزاعي المتلاصق تماما ومباشرةً لمطار بيروت، يطلق منه النار، ومن نوع الرصاص الخطاط الحارق وبشكل كثيف، والسؤال هنا، ماذا لو لا قدّر الله بعض من تلك الرصاصات اصابت واخترقت احدى تلك الطائرات، وهي تحاول الهبوط على أرض المطار أو حتى الإقلاع منه؟ ألم يفكر هؤلاء “الأوباش”، ما هي النتائج الكارثية التي كانت ستحدث لو اصيبت احدى تلك الطائرتين؟ وباللهجة الجنوبية العفوية “ما كنتوا شحرتوا الناس وطليتوهن”.

السؤال الثاني، لجميع المسؤولين في الدولة اللبنانية وتحديداً للقادة الأمنيين والعسكريين الكرام، وللمسؤولين في الأحزاب والتيارات اللبنانية القيمين على هؤلاء “الأوباش” و”الزعران”، ماذا لو دخل على خط تلك المعمعة لاطلاق النار في الهواء ابتهاجاً، طابور من طوابير الارهابيين التكفيريين في تنظيم “داعش”، أو عملاء لإسرائيل بين هؤلاء “الزعران”، وأطلقوا النار وعن قصد على احدى تلك الطائرات بقصد إسقاطها، وماذا كان سيحصل؟ وماذا كنتم ستفعلون امام هذه الكارثة إذ حصلت؟ وهل تعلمون انه من الممكن أن تحصل في المستقبل في حال لم تتم معالجة هذه المعضلة؟

هل تعلمون إن حصلت كانت ستوجه أولاً أصابع الاتهام إلى الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية؟ كما سيتهم الشعب اللبناني بالفوضوي وعدم الانضباط، وسيتم تشويه صورته الأخلاقية والإنسانية أمام الرأي العام الدولي بسبب بعض الأقلية من حثالة المجتمعات اللبنانية الذين يطلقون النار في الهواء بمزاج الاستهتار والعبث، كما سيعتبر لبنان غير مؤهل للأمن السياحي وهو مطلب إسرائيلي بامتياز، ثانياً سيصبح مطار بيروت غير مؤهل لهبوط الطيران المدني خوفاً على أمن وسلامة الطائرات وركابها، ما سيعكس سلباً على الوضع الإقتصاد اللبناني، كونه احد المرافق الرئيسية الحيوية لشريان الإقتصاد الوطني.

ألم يكن من الأجدر على القيمين والمسؤولين على مطار بيروت الدولي، خلال إطلاق النار أو الرصاص أن يقوموا بتأخير رحلات الهبوط والإقلاع من وإلى مطار بيروت لفترة وجيزة من الوقت، وذلك من اجل سلامة الملاحة الجوية؟

هذه المعضلة الخطيرة بعادة إطلاق النار او الرصاص في الهواء، التي تسبب في بعض الأحيان بقتل الناس على الطرقات او على الشرفات، هي عادة سيئة وبشعة من الناحية الاخلاقية والإنسانية وتافهة كاصحابها، اعتاد الشعب اللبناني على سماعها ورؤيتها عند كل مناسبة لإلقاء خطاب لزعيم ما او حتى في مناسبات الأفراح، لذا نتطلع إلى اليوم الذي سيتم لجم أصحاب هذه المعضلة الخطيرة نهائياً.

السابق
بين أبو فاعور وحكيم: من ذوّب السكّر؟
التالي
شهيب: ليسمح لنا من يتحدث عن تمديد تقني لمطمر الناعمة وليبحث عن حل