العلامة محمد حسين الحاج: إكراه الزوجة على التنازل عن مهرها نوع من عنف

لم يقتصر تعنيف المرأة في المجتمعات العربية والاسلامية فقط على الضرب والاغتصاب الزوجي او الهجر او الزواج بثانية وثالثة ورابعة، او بحرمانها من اولادها، او بالطلاق الغيبي، بل وصل الامر لان يبذل الرجل اقصى جهده لتتنازل الزوجة بالإكراه عن حقها في المهر بعد الطلاق اي المؤخر.

للاستفادة من اجتهاد اسلامي جديد، إلتقت “شؤون جنوبية” العلامة الشيخ محمد حسين الحاج الذي يدعو الى اجراء عقد شراكة حين الزواج يقفل اي باب على الطرق الالتوائية التي يلجأ اليها الرجل حين الطلاق كالتهديد بالابقاء على الزوجة “لا معلقة ولا مطلقة”. فماذا يرى سماحته في هذه المشكلة الاجتماعية التي تصيب مجتمعاتنا؟

ما هو تعريف المهر في الاسلام؟

المهر في الشريعة الاسلامية- ويسمى الصداق- هو شرط في العقد بين الزوجين، وهو ما تستحقه المرأة بجعله في العقد. والمهر هو كل ما يمكن ان يملكه المسلم يصح ان يجعله مهرا من دار او مال او عقار حتى كتعليم صنعة او قرآن او كل عمل محلل. كما انه لا تقدير للمهر من جانب القلة او الكثرة، فيصح ما تراضى عليه الزوجان. نعم ورد الاستحباب في الروايات ان لا يتجاوز به مهر السُنّة النبوية أي 500 درهم.

لماذا أقرّه الاسلام؟ خاصة ان الامام علي قدّم درعه للسيدة الزهراء(ع)، ما يعني انه لزاما على الرجل المهر للمرأة؟

السبب يعود لتمكينها له من حقوق خاصة تتعلق به.

هل يمكن وصف ذلك بمثابة عملية بيع وشراء؟

لا يمكن ان يكون عبارة عن عملية بيع وشراء، اذ ان المرأة أجلّ وأعظم من أن تكون سلعة او قطعة تُباع وتُشرى، وقد كرم الإسلام المرأة وأعطاها حقوقها الشرعية ولكن المشكلة في التطبيق.

الاسلام جعل المرأة مكمّلة للرجل، فلماذا أوجب المهر على الرجل تجاه المرأة وليس العكس ايضا؟

نظرا لأن الرجل يكون الراغب والسائل لطلب المرأة، ولتكاملهم بالإنجاب….  جعل الحصول عليها والطلب منها للزواج بدلا منها ولتمكينها له جعل هذا المهر.

في الزواج المدني يتساوى الرجل والمرأة في تقاسم الاملاك بعد الطلاق. لكن في الاسلام ورغم ان المرأة تتعب مع الرجل طيلة سنوات فانها تخرج خالية الوفاض من اعظم دور و(مهمة) دون اي تعويض؟ فلماذا؟

اولا ان التساوي في الزواج المدني موجود في الاسلام من ناحية الحفاظ على الحقوق، ولذلك نحن نرى أن هناك ظلم بحق المرأة بعد طلاقها حيث تخرج خالية الوفاض. حيث يُمكن للمرأة أن تُضمن عقد الزواج شروطاً تحفظ حقوقها، ونرى ان يكون المهر ذات قيمة لا تتضاءل مع مرور الزمن، كما لو طلبت مهرا مقدرا من الذهب او عقارا عند طلاقها او عند وفاة الزوج ليكون لها مُعينا في حياتها الباقية. اما ما تتداوله بعض الاعراف من وهبها نسخة للقرآن الكريم او من حج الى بيت الله الحرام فأنا لا اشجّع عليه، بل على المرأة ان تطلب مهرا يحميها. هذا اولا.

اما انها تتساوى مع الرجل بالتقاسم فأنا اشجع على ايجاد صيغة بين الرجل والمرأة بمعنى عقد اتفاق بين شريكين، ويمكن ان يكون في ضمن الشروط، وتصح الشروط بين الزوجين كتقسيم الاموال عند الطلاق مثلا او اعطاء مبلغ من المال.. الى اخره. ويمكن ان تشترط ما شاءت، وأما ما يكتب في نهاية العقد إلى أقرب الأجلين فإننا ننصح بكتابة المهر المؤجل عند الطللب.

رغم الحداثة التي غمرت حياتنا على الصعيد الاجتماعي والتقني والفكري، الا ان المرأة لازالت تعاني من سوء استخدام الحقوق التي أعطيت لها، ونحن كمسلمين كنا ولا زلنا نتهّم الغرب بتسليع المرأة، لكن برأيك ألم يسلّع الاسلام المرأة من خلال المهر وسلبها ايضا إياه؟

ان سوء استخدام الحقوق التي أُعطيت للمرأة اولاً يعود الى عدم إلتزام كثير من الرجال بالقوانين الشرعية التي لا توجب على المرأة الكثير من الواجبات التي يفرضها عليها الرجل كرها او جبرا. ثانيا، غياب السلطة الدينية التي لا تُداري المرأة ولا تعطها الحقوق من خلال الاحكام الاجرائية والتنفيذية، والاستعانة بالقانون المدني ليمكنها من الوصول الى حقوقها لاننا نرى كثير من الرجال يفرضون على المرأة ما لا يجب لغياب هذه السلطة. ولعل السبب يعود الى ان السلطة مهملة في ذلك.

رغم ان المرأة في الاسلام يحق لها بالمهر الا ان الرجل قد يلجأ الى اساليب إلتوائية لسلبها حقها الشرعي، فكيف يسمح الشارع بذلك؟ ومن يساعد الرجل على فعلته هذه؟

اولا، علينا الوقوف امام هؤلاء الذين يقومون بهذه الاعمال التي هي بخلاف الشرع. وعندما تُجبر المرأة وتكره على التنازل عن مهرها يبقى المهر معلقا بذمة الرجل. ولكي نتفادى الوقوع بهذا الامر علينا ان نوجد صيغا شرعيّة مبنيّة على عقد بين الطرفين تلزم الرجل بالطلاق رغما عنه عند إخلاله بأحد الشروط، مما يحفظ حقها بالمهر عندما يكون الزواج غير قابل للاستمرار. وبهذا  تتمكّن المرأة من حفظ حقوقها، أما طلاق الحاكم فمن يقول به من الفقهاء ولا تكمن المشكلة فيه وإنما هناك بعض الإستغلال أو الخلل في المقدمات من ناحية التنفيذ.

ذكرتم انكم لا تؤيدون الاكتفاء بنسخة من القرآن الكريم كمهر للزوجة او بحج الى بيت الله؟ كيف ذلك؟

البعض يتحدث عن مهر الزهراء ويقول انه 500 درهم، ونحن نريد ان نقول ان مهر الزهراء كان كل ما يملكه علي بن أبي طالب (ع). ونرى الروايات الكثيرة التي تذكر انها اشترت عليها السلام بمهرها ما يحتاجه الدار للسكنى.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

السابق
البحرية الإيطالية تنقذ 700 مهاجر أغلبهم سوريين
التالي
العراق: أميركا و «داعش» بين المُتَخَيَّل والواقعي