المطلوب خطوات من كل الأطراف لتسهيل الحل

العسكريين المخطوفين

كتبت “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثامن بعد المئتين على التوالي.
باتت الحكومة وحيدة في مواجهة أزمة العسكريين المخطوفين بعدما نفضت قطر يدها من الملف، وامتنعت تركيا عن التدخل فيه، برغم أنها الأقدر على التأثير في الخاطفين، لو أرادت.
ولأن لبنان أصبح ملزماً بالاتكال على نفسه لتحرير العسكريين، فإن الرئيس تمام سلام يشعر بمسؤولية كبرى حيال هذه القضية التي تتداخل فيها العوامل المعقدة، الممتدة من الجرود الى بيروت، وصولاً الى خلف الحدود.

استعان رئيس الحكومة بكل مخزونه الاحتياطي من الصبر والخبرة في إدارة التوازنات للتعامل دفعة واحدة مع مزاجية الخاطفين، وانفعالات أهالي المخطوفين، وتجاذبات القوى الداخلية التي تتصرف على أساس أنها شريكة في التفاوض والقرار، بفعل تعدد الانتماءات الطائفية والمذهبية للعسكريين.

يحتفظ سلام في جعبته بالعديد من الخفايا والمعطيات المتصلة بقضية المخطوفين، لكنه الأشد تحفظاً من بين الآخرين الذين يعرفون أقل ويتكلمون أكثر.
ومع ذلك، ليس صعباً أن تتلمس ما يخفيه رئيس الحكومة خلف ابتسامته “الصامدة”:

ــــ يغضبه انعدام الضوابط وتعطل المكابح على طريق لا تحتمل التهور والدعسات الناقصة.

ــــ يشعر بأن هناك من يحاول أن يستثمر وجع المخطوفين وأهاليهم لتسجيل نقاط في السياسة والاعلام.

ــــ يعلم ان هناك قوى داخلية وخارجية قادرة على التأثير الايجابي في قضية العسكريين، لكنها تمتنع عن قصد او غير قصد.

ــــ والأخطر انه يعرف أن حكومته “مخطوفة”، قبل العسكريين وبعدهم، وهو الذي يترأس مجلس وزراء يضم 24 رئيس جمهورية، يملكون جميعاً سلطة استخدام حق النقض (الفيتو) في كل الاتجاهات، بدءاً من بند توظيف عمال للتنظيفات، وليس انتهاء بملف المخطوفين.

وإذا كان سلام يتمسك بالأمل في تحرير العسكريين قريباً، فإنه يدرك أن “تحرير” حكومته مؤجل الى حين انتخاب رئيس الجمهورية الذي ينتظر بدوره ما ستؤول إليه ديبلوماسية “حافة الهاوية” بين واشنطن وموسكو وباريس وطهران ودمشق والرياض.
وعلى الرغم من التعقيدات التي تحيط به، بل بسببها، يصرّ سلام على مواصلة إمساك العصا من الوسط، يواظب على تدوير الزوايا وحفر الجبل بإبرة، من دون أن يؤثر دخان الإطارات المشتعلة بالقرب من السرايا على رؤيته للثوابت.

وينقل زوار سلام عنه قوله إن ملف العسكريين المخطوفين يدفع ثمن الفوضى في التعامل معه، من كل الجهات على حد سواء، لافتاً الانتباه الى ان فرنسا حررت مؤخراً أحد الرهائن بصمت، وبسرية تامة، وداعياً الى الاقتداء بمثل هذه التجارب.

وأمام الحاجة الملحة الى مبادرة تعيد ضبط هذا الملف، بناء على استراتيجية واضحة، يعتبر سلام – تبعاً للزوار – أن خريطة الطريق التي تقود الى معالجة هذه الازمة تكمن في الخطوات الملحة الآتية:

– تعهد الخاطفين بوقف إعدام العسكريين، لان المفاوضات لا يمكن ان تحصل تحت حد السكين، وفي ظل التهويل والابتزاز.

– ان يحسم الخاطفون مطالبهم بشكل نهائي وواضح.

– توقف كل الاطراف الداخلية عن الكلام في شأن هذا الملف والتدخل فيه، ووضع حد للفولكلور السياسي المتبع في مقاربته، علماً أن اللواء عباس ابراهيم يمثل قناة التفاوض المعتمدة رسمياً من قبل الحكومة.

– ان تحسم الجهات الخاطفة بشكل جدي ووفق تفويض حقيقي مسألة الوسيط بعد مدّ وجزر وأخذ وردّ، والكفّ عن التفاوض واقتراح العروض عبر وسائل الإعلام، لأن ملفاً من هذا النوع لا يعالج بهذه الطريقة.

– استعداد الحكومة للتفاوض حول مبدأ المقايضة، ولكن ليس بالمفرق وإنما بالجملة، بحيث يتم التوصل الى صفقة شاملة، تطال جميع العسكريين، مع تأكيد الجدية التامة للحكومة ورئيسها في هذا المجال، وكيف لا تكون كذلك عندما يتعلق الأمر بأرواح أبنائها العسكريين.

– أن يلوذ أهالي المخطوفين بالهدوء ويخلوا الشارع، ويتركوا للحكومة ان تعالج هذه القضية، حتى يسحبوا من التداول ورقة ضغط تستخدم ضدنا، مع التقدير الكبير لآلام الاهالي وحرصهم المشروع على حماية أبنائهم، لكن تجربة الضغط عبر الشارع لم تؤد الى الإفراج عن العسكريين.

– أن تتجنب وسائل الإعلام التسريبات المؤذية والاستغراق في تفاصيل هذه القضية التي يجب وضعها خارج المنافسة الاعلامية المحمومة.

ووفق الزوار، شدد سلام على أن “من يرغب في المساعدة حقاً في ملف المخطوفين ويملك القدرة الفعلية على ذلك، فلا يحتاج بالضرورة الى تفويض رسمي من قبلنا ولا الى مواكبة إعلامية، وأي مساهمة يقدمها في هذا المجال ستكون موضع ترحيب”.

الى ذلك، قال العماد ميشال عون بعد لقائه أمس أهالي المخطوفين، إنه لا يعارض المقايضة ضمن الشرائع والقوانين اللبنانية، مشيراً الى الثمن المتوجب دفعه لاطلاق العسكريين، سواء كان “مقايضة أو فدية أو خوة”. وأضاف: “هل صرحنا مرة أننا ضد دفع الثمن؟ لم نرفض شيئاً، على العكس كنا قلقين من أن يفلت أحد من دون أن يعود العسكريون”.

السابق
لبنان يتحسب لهجمات من داعش والنصرة
التالي
هل يغرق اللبنانيون مجدداً بالنفايات الشهر المقبل؟