المستقبل – حزب الله.. حوار الستاتيكو

اختار سعد الحريري توقيت كلامه، بعد التمديد سبعة أشهر للمفاوضات الإيرانية الأميركية، من أجل الإعلان، وبوضوح، عن بدء الحوار مع حزب الله، ولو من دون شروط مسبقة، ومن دون جدول أعمال، يبحث في القضايا الخلافية الأساسية بينهما، أي السلاح في الداخل والقتال داخل سورية. وجاء التوقيت الحريري، أيضاً، بعد كلام حسن نصر الله، أخيراً، في ذكرى عاشوراء، والذي أشاد فيه بدور سعد الحريري في ملف طرابلس، ورفع الغطاء عن المسلحين، ودعم الجيش اللبناني في خطته الأمنية بالقضاء على البؤر الإرهابية.

الرسائل الإعلامية بين نصر الله والحريري، وعلى الرغم من أنها جاءت تحت عنوان التخفيف من الاحتقان السني الشيعي، وهو ما عبٓر عنه الطرفان صراحة كل على طريقته، وهي جاءت بعد التوافق على التمديد للمجلس النيابي اللبناني سنتين وسبعة أشهر، أرادا منها إبقاء القناة الحكومية، وهي المؤسسة التي يترأسها السنة، معبراً وحاجة بينهما، لتمرير مشاريع الحد الأدنى، كما بقيت مؤسسة مجلس النواب التي يترأسها الشيعة، من دون الوصول إلى تسويات شاملة، تنطلق عبرها المؤسسات الرسمية في عملها، أو تتيح عمل كل المؤسسات، وفي مقدمتها مؤسسة رئاسة الجمهورية التي يترأسها ماروني، والتي تبقى شاغرة في انتظار الظروف الإقليمية والدولية المناسبة، من أجل تمرير هذا الاستحقاق الذي لم يحن أوانه بعد.

بالطبع، لم يكن سهلا على الحريري التخلي عن الشروط المسبقة للحوار، لا سيما منها عودة حزب الله من سورية، وهو استبعد اللقاء مع نصر الله في وقت قريب، واستعاض عن ذلك بمدير مكتبه، نادر الحريري، ليلتقي بالمعاون السياسي للسيد نصر الله، حسين الخليل، إلا أن الحريري الذي أراد، أيضاً، التوجه الى الجمهور السني في طرابلس وعرسال، بعد الأحداث الأخيرة، حصل في المقابل على اعتراف شيعي بأنه زعيم السنة وزعيم الاعتدال، إضافة إلى تجريده وتياره من صفة الداعشية، بعدما حاول بعضهم إلصاق هذه الصفة على بعض جمهور المستقبل. الحريري الذي نفى أن يكون الحوار من أجل اختيار رئيس للجمهورية، لأن الخيار، بالدرجة الأولى، يقع على المسيحيين، حسم موقفه من الجنرال ميشال عون، باعتباره مرشح الثامن من آذار، وبالتالي، يجب البحث عن مرشح توافقي ثالث، بعيداً عن مرشح “14 آذار” سمير جعجع، و”8 آذار” الجنرال ميشال عون، وهو بذلك وضع المرشح التوافقي خياراً أساسيأً للانطلاق في بحث ملف الرئاسة.

الحريري الذي حصل على الضوء الأخضر السعودي للحوار، وإن لم يعترف بذلك، خصوصاً أن السفير السعودي، علي عواض العسيري، زار رئيس جلس النواب، نبيه بري، وحاول الفصل بين ما قاله السفير السعودي في الأمم المتحدة، لجهة دعوته إلى وضع حزب الله على لائحة الإرهاب والحوار بين اللبنانيين، وأكد أن الحوار سيحصل مع حزب الله “لمصلحة البلد”، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى أن “الأجندة يجب وضعها مع حركة أمل ووليد جنبلاط، لأن الرئيس بري وجنبلاط يسعيان إلى عقد الحوار، وهناك أجندة تحضّر، وعندما تجهز نتحاور”. الحريري شدد على أنه “يجب إخماد الاحتقان السني الشيعي”، ولفت إلى أنه ” سيكون هنالك حوار واضح وصريح مع حزب الله في هذا الموضوع، ولن يكون هناك بلد بحال انفجار الموضوع، وهنالك ملف انتخاب الرئيس، وهناك حكومة جديدة بعد انتخاب الرئيس، والأهم انتخاب الرئيس والحكومة الجديدة والانتخابات”.

وتأتي مبادرة الحريري بالحوار على إيقاع الأجواء الإقليمية والدولية، وتهدف، بالتحديد كما قال، من أجل تخفيف الاحتقان السني الشيعي، وهي مصلحة مشتركة مع حزب الله في هذه الظروف، إلا أن الأفق الأوسع المتعلق بالتسوية الكبرى يبقى رهن التسويات الكبرى، وهي حالياً لن تتجاوز الحفاظ على الوضع القائم في انتظار تطورات المنطقة، وفي مقدمتها التقارب الإيراني السعودي، المرتبط بالضرورة بنتائج المفاوضات الإيرانية الأميركية، وحتى ذلك الحين، تعبئة للفراغ السياسي بحوار الحد الأدنى من الستاتيكو.
http://www.alaraby.co.uk/opinion/60384ad7-c502-4e5d-b326-983d8a44749a

السابق
في معرض الكتاب:«هاني فحص.. سماحة الإعتدال وقداسة الحوار»
التالي
أول برلمان منتخب في تونس منذ الثورة يفتتح جلساته