«حوار الطرشان» في «لجنة الانتخابات»: الفشل حتمي

النقاش الذي تجريه لجنة التواصل الانتخابي «قيّم ومهم.. لكنه لا يفضي إلى مكان»، يقول أحد أعضاء اللجنة. يجد النائب نفسه مضطراً للجلوس ساعات حول الطاولة، مناقشاً ومستمعاً، بالرغم من ثقته العمياء بأن هذا النقاش يدور في حلقة مفرغة.
يتحدث مطولاً عن ساعات وأيام وأسابيع وأشهر قضاها مع زملائه في الجولة السابقة للجنة، حيث جرى تشريح عشرات القوانين، قبل أن يتبين أن أحداً من الأطراف لم يكن مستعداً لتسهيل مهمة اللجنة وتحرير أعضائها من العرقلة السياسية التي يتولى كل طرف جانباً منها.
في المبدأ، لم تكن العرقلة قراراً، بل كانت سعياً لقطع الطريق على أي قانون لا يتناسب ومصلحة هذه الكتلة أو تلك. وعليه، وقف كل طرف بمواجهة المشاريع التي تجعله خاسراً، فيما تمسك الطرف الآخر بما يمكن أن يعطيه الأغلبية.

لا آلية للنقاش
في اجتماع أمس، وهو الثالث للجنة، لم يتغير شيء. النقاش في جدول الأعمال لا يزال مؤجلاً. حتى السعي إلى تحديد معايير للبحث لا يزال بعيداً. يقول أحد النواب إنه لم يتم الاتفاق حتى اليوم على آلية لبدء النقاش.
قد تكون الآلية التي طرحها النائب جورج عدوان والداعية إلى السعي بداية إلى الاتفاق على تقسيم الدوائر، هي الفكرة الأقرب إلى التطبيق، إذ إن فكرة البدء بالاتفاق على العدد المخصص للمقاعد الأكثرية والنسبية ـ بحسب اقتراح النائب علي بزي ـ لقيت رفضاً مستقبلياً واضحاً. مع ذلك، فقد تبين أنه حتى تقسيم الدوائر شبه المتطابق بين المشروعين المطروحين لا يحظى بموافقة كل الكتل. النائب سامي الجميل أعطى موقفاً صريحاً رافضاً لأي مشروع يعتمد القضاء دائرة انتخابية، معتبراً أن القضاء يقضي على المسيحيين، ومشيراً إلى أنه إذا أقر هذا المبدأ فإنه لن يكتفي بمعارضته بل سينظم حملة شعبية ضده. لا يجد الجميل بديلاً من تقسيم كل الأقضية إلى دائرتين، وهو ما كان قد طرحه في المشروع الذي تقدم به سابقاً.
لم يقف الجميل عند هذا الحد. تفوق على النائبين علي فياض وعلي بزي في رفضه للقانون المقترح من «القوات» و»المستقبل» و»الاشتراكي». أعلن بوضوح أنه أكثر مشروع منحاز واستنسابي، ولا يعتمد على معايير واضحة.

سجال فياض ــ فتفت
لم يكن هذا السجال يتيماً. عند دخول فياض إلى الجلسة سأله الصحافيون عن رأيه في اقتراح «المستقبل» و»القوات» و»الاشتراكي»، فأجاب أنه يراه غير متوازن وهو يرفضه. تلا النائب سيرج طورسركيسيان ما قاله فياض نقلاً عن خدمة الخبر العاجل. اعترض النائب أحمد فتفت، مذكراً بالاتفاق على عدم التصريح، معلناً أنه سيرد، قبل أن يؤكد له فياض أنه سيرد على الرد. انتهى السجال بإقرار الطرفين أن لا مصلحة لهما بتصعيد الموقف. أوضح فياض أن ما قاله ليس تصريحاً بل دردشة صحافية وهو ما عاد وأكده أمام الصحافيين. ذلك لم يغير موقف ممثل «حزب الله»، الذي أعاد تأكيد موقفه في الجلسة، معتبراً أن المشروع غير متوازن. أعطى أمثلة عديدة عن الاستنسابية. سأل عن تطبيق النسبية في ثلاثة أقضية (بشري، البترون وصيدا) بحجة أنها تضم نائبين فقط، فيما يعطي المشروع نفسه الحق لمرشح واحد، إذا لم يتمكن من الانضمام إلى لائحة نسبية، بالترشح بمفرده، بوصفه يمثل لائحة كاملة.
كل النقاش لا يزال ناقصاً، في ظل استمرار غياب ممثل «اللقاء الديمواقراطي» النائب مروان حمادة. ذلك يفتح مجالاً أمام التأويلات. ففيما يؤكد فتفت مراراً أن المشروع الذي عرضه يحمل توقيع «الاشتراكي» أيضاً، يسأل فياض عما يتردد عن استعداد «اللقاء» للسير بمشروع بري. لا أحد يملك الجواب، والجدل لن يُحسم إلا بحضور حمادة، الذي يتوقع أن يشارك في اجتماع اللجنة غدا. مع ذلك، فقد بدا مستغرباً عدم استبدال حمادة بأحد زملائه بالرغم من مرور أسبوعين على تغيبه، فيما يلاحَظ أن «المستقبل» سعت سريعاً إلى مشاركة النائب زياد القادري في الاجتماعات على أن يحل مكان زميله فتفت، الذي سيتغيب عن اللجنة لأسبوعين بداعي السفر، منعاً لغياب ممثلها عن اللجنة.
طرح النائب سيرج طورسركيسيان اعتراضاً على مبدأ تخصيص الأقليات بالمقاعد النسبية. قال أنا أفضّل أن أكون في دائرة مسيحية كالأشرفية على أساس النظام الأكثري بدل أن أنتخب على أساس نسبي في بيروت كلها حيث يمكن أن أرسب في حال اعتماد الصوت التفضيلي.
علق النائب ألان عون مقترحاً معالجة المقاعد التي تتضمن خللاً في التمثيل فقط. ذلك الاقتراح بدا صادماً للبعض، لأنه يعتبر أن المكون المسلم ليس معنياً بأي عملية إصلاح لقانون الانتخاب.
بالمحصلة، لم يقدم «التيار الوطني الحر»، كما «حزب الله»، أي اقتراح رسمي، وإن شاركا في النقاش.

اتفاق كامل
اختلف أعضاء اللجنة على كل شيء، لكنهم اتفقوا على توصيف عملهم. تعددت العبارات من «لم يتقدم النقاش أي خطوة» إلى «حوار الطرشان» مروراً بـ»ما زلنا في المربع الأول»، لكن النتيجة ظلت واحدة.. الفشل.
لا ينكر أكثر من عضو توقعاته بفشل اللجنة. لكنهم يعتبرون أنه لا داعي لإعلان هذا الفشل قبل انتهاء مهلة الشهر. أي أمر آخر يتطلب من القادة السياسيين قراراً واضحاً بالاستعداد لتقديم التنازلات والإيعاز لممثليهم بالسير في تسوية تبدو بعيدة المنال حالياً.
تبقى مسألة نقل الخلاف إلى الهيئة العامة باباً لإشكاليات أكبر. مع ذلك، فإن رئيس اللجنة النائب روبير غانم ذكّر بأنه «إذا توصلنا إلى اتفاق كان به، واذا لم نتوصل الى اتفاق فسيكون هناك فصل نهائي من الهيئة العامة التي ستطرح عليها سائر مشاريع واقتراحات القوانين للبت بها، وعندما تقر الأكثرية أحد هذه القوانين يصبح نافذاً وملزماً لجميع الأفرقاء».

السابق
نقابة الفنانين وعائلة الفغالي نعيا صباح والجنازة الأحد
التالي
ماذا فعل وفد «أمل» في بغداد؟ وماذا قال السيستاني في السنّة؟