الضاحية الجنوبية لا تحتفل بعيد الإستقلال

الاستقلال
يحتفل لبنان في 22 تشرين الثاني بعيد الاستقلال، وهو اليوم الذي أعلن فيه الاستقلال بانسحاب القوات الفرنسية من لبنان في 31 ديسمبر 1946. فهل فعلاً ما زال اللبنانيون يشعرون بالنخوة والغيرة على لبنان، وهل فعلاً يعنيهم هذا العيد؟ هنا استطلاع من الضاحية الجنوبية.

صدّق أو لا تصدّق، لم أشعر البارحة باقتراب عيد الاستقلال، إلا عندما رأيت بعض من التلاميذ الخارجين من المدارس يحملون أعلاماً لبنانية ومتّشحين بزيّ العسكري.

فالمنظر العام في الضاحية الجنوبية لبيروت، وأنت تجول بها، لا يوحي أن هناك عيداً للاستقلال. ربما لأن أمور المعيشة طاغية على المسرح، أو أن هناك أشياء أهم وأرقى من عيد الاستقلال، كالمعارك الطاحنة في سورية والعراق مثلاً، أو أن الدولة اللبنانية لا تعنيهم من أساسها، أم أن العيب في الاستقلال نفسه؟

نزلت إلى الميدان، لأستطلع آراء بعض المواطنين في الضاحية الجنوبية لأجمع هذه الزوّادة من الكلام:

بحسب (ع.ح): “إنه استقلال صوري وليس حقيقيا، بحيث ما زلنا محتلين من قبل المتكبرين والمستبدين ولكن بلباس آخر أي أننا كنا محتلين من العثمانيين وبعدها الفرنسيين وبعدها السوريين، والآن ما زلنا محتلين من قبل النواب والوزراء”. وأضاف: “طبعاً أنا يهمني الاستقلال ولكن ليس هذا، الاستقلال الحقيقي الخالي من كل شوائب الاستبداد والاستغلال والسلاح والفساد”.

أما (ح.ح) فقال: “الاستقلال آخر همّي، أعتقد أنه يوجد أشياء الآن، أهم بكثير من الاستقلال، كالعيش بكرامة، فالسعي للقمة العيش أفضل بكثير من الاستقلال”.

بدوره، قال (م.ح) ساخراً: “من هو الاستقلال؟ أها عفواً تعني استقلال لبنان من الاحتلال، طبعاً لا يعنيني بشيء”. وأضاف: “يا رجل.. من يلتفت إلى هذه الأمور الآن، هناك الأهم من هذا بكثير كالدفاع الذي نقوم به في سورية والعراق لنحمي أنفسنا من التكفيريين. صراحة أنا كل ما يعنيني هو حزب الله فقط لا غير”.

أما (أ.ح)، عندما سألته عن عيد الاستقلال، نظر إليّ نظرة ذهول، وقال: “أنا لا يهمّني إلاّ أمي وأبي، يا رضا الله ورضا الوالدين”.

من جهتها، قالت (س.ف): “الاستقلال الحقيقي الذي حصلنا عليه هو في العام 2005 إثر انسحاب الجيش السوري من لبنان وفرط عقد المسار والمصير. أما الانتداب الفرنسي فأعتقد أنه لم يكن استعماراً، بل بالعكس كان نتيجة لاحتلال العثماني على مدى عقود من الزمن، وأتت فرنسا لكي تعلّمنا الحياة بعدما كنّا متخلّفين بعض الشيء”.

والسؤال هنا: هل أنّ الاستهتار بالاستقلال يسري على جميع المناطق اللبنانية أم على الضاحية فقط؟ بحيث يملك كلّ زعيم حاشيته ودويلته الخاصة به، يقوم برعياتها وسوقها إلى “هدفه النبيل”، في نظره طبعاً؟ ويصبح البشر معلّقين بحبائله، فيصبح كلام الزعيم هو الصحيح، وفي الدرجة الثانية الطائفة والمذهب، ومن ثم يفكّرون أنهم لبنانيون. أي أنّ المواطن اللبنانيّ الأصل لا يمكن أن يفكّر بلبنان قبل 100 سنة أو أكثر، هذا إذا نظّف عقله من سموم الطائفية السياسية البغيضة!

السابق
استقلال؟ عن أي استقلال يتحدثون؟
التالي
لست أدري ما هي المواصفات