الإعلام السعودي يمسح عار جريمة الإحساء

الإعلام السعودي
دان كتاب صحفيون سعوديون بلهجة قوية لم يسبق لها مثيل جريمة الإحساء التي أوقعت قتلى وجرحى في صفوف مواطنين شيعة هوجموا من قبل مجموعة سلفية متطرفة مما يؤشر على بداية مرحلة جديدة في المملكة عنوانها "المجابهة المباشرة" لهؤلاء الإرهابيين وفشل سياسة المداراة والمناصحة التي كانت متبعة سابقا.

يتابع المراقبون والاعلاميون باهتمام بالغ ما يحدث في السعودية بعد ارتكاب جريمة “الدالوة” في الإحساء بحق المواطنين الشيعة ليل الإثنين الفائت قبل ثلاثة أيام ،على أيدي أفراد من “القاعدة”، الذين هاجموا احدى الحسينيات أثناء إحياء مراسم عاشوراء وقتلوا 7 أشخاص وجرحوا عددا آخر قبل ان يتواروا عن الأنظار. فقد كان لافتا سرعة الوحدات الأمنية في الردّ على العمليّة الارهابيّة ،فتحركت بقوّة وفعالية بعد ساعلت قليلة، وتمكنت من قتل شخصين من المشتبه بهم مختبئين في منطقة القصيم شمال الرياض،في عملية امنية اعلنت عنها وزارة الداخلية السعودية الثلاثاء،وكذلك أسفرت العملية عن مقتل شرطيين وجرح اثنين من رفاقهما أيضا.

هذا التحرك الأمني السريع أرفق أيضا بالإعلان عن “توقيف 15 شخصا في ست مدن سعودية ممن لهم علاقة بالجريمة الإرهابية بقرية الدالوة بمحافظة الاحساء”. هذا التحرك القوي والجدي من قبل الأجهزة الأمنية الرسمية السعودية أرفق بحملة إعلامية رسمية وخاصة تدين ما جرى وتظهر بشاعة هذه الجريمة وفظاعنها وتدعو الى الوحدة الوطنية والتصدي للإرهاب القاعدي الذي يحاول زرع الفتنة بين السنة والشيعة في المملكة.

فتحت عنوان “عظم الله أجر الوطن” كتب الشاعر والكاتب الصحفي خلف الحربي في صحيفة عكاظ الأوسع انتشارا في المملكة ما نصه:

“عظم الله أجركم جميعا وعظم أجر الوطن في دماء إخوتنا وأبنائنا الذين سالت دماؤهم البريئة غدرا في الأحساء، ونسأل الله أن يرحم الموتى ويشفي المصابين ويلهم عائلاتهم الصبر على مصيبتهم، وبإذن الله لن يفلت مرتكبو هذه الجريمة النكراء من قبضة العدالة بعد أن أطلقوا النار على صدر الوطن من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه. رصاص الإرهابيين اختار لجريمته توقيتا لئيما يستحي من استغلاله حتى الشيطان.. ذكرى عاشوراء أقذر توقيت يمكن اختياره لإشعال الفتنة.. ولكن نحمد الله أن الرصاصات الخائنة اختارت المكان الخطأ.. ففي الأحساء نخلة تسامحنا وتعايشنا وتآخينا.. وقد أصبح تنوعهم جزءا من ثقافتهم لذا هم ليسوا بحاجة لنصائح عن التسامح والقبول بالآخر.. بل هم مدرسة في هذه القيم منذ قديم الأزل”.

أما زميله خالد السليمان فقد كتب في نفس المناسبة: ” جريمة «الدالوة» التي ذهب ضحيتها خمسة أشخاص لن تمر مرور الكرام سواء كانت دوافعها جنائية أم إرهابية، فالجناة يستحقون أشد العقوبات أيا كانت أسبابهم، فقتل الأبرياء على طريقة أفلام المافيا لا ينتمي لسلوكيات مجتمعنا السعودي القائم على الألفة والسلام والطمأنينة!

وبانتظار ما ستفسر عنه التحقيقات، فإن الحكمة في التعاطي مع الحدث هي السلاح الأهم الذي يملكه المجتمع في مواجهة مرتكبي الجريمة ومن يقف وراءهم، فإن كان الهدف إثارة الفتنة، فإن الوقوف صفا واحدا في مواجهة مرتكبيها هو ما يفشل أهدافهم، أما الانجرار خلف المتطرفين والرقص حول نيران الفتنة فهو جريمة أخرى بحق المجتمع!

أما صحيفة الرياض الرسمية فقد كتب فيها يوسف الكويليت مقالا جريئا ينتقد فيه خطوات السلطات السعودية غير الفعّالة لاستيعاب التائبين من الارهابيين فقال:
“في المملكة نحن مستهدفون، وعشنا تجارب عديدة، والطريق طويل في المكافحة، وحادثة قرية (الدلوة) في الأحساء جزء من مخطط طويل طالما جاذبية تقديس الموت والتشريع له بأسماء وصفات عديدة، ومن خلال فقهاء الإرهاب الذين لا يبالون بالدخول والخروج من السجون ب «تقية» تطهر وجه المعتدل، وتخفي وجه الإرهابي، ولعل اعتراف الناطق باسم وزارة الداخلية بأن عناصر من تلك القيادات استطاعت تجنيد عناصر متطرفة من قلب السجون المختلطة، يعطينا النموذج الأكثر واقعية مع العناصر التي قبض عليها بعد حادثة الدالوة في الأحساء والخبر وشقراء وهو ما يعيدنا إلى نفس التساؤل عن قيمة لجان المناصحة إذا كان المجرم المقابل يستطيع المخادعة، ثم العودة إلى شراسة عمله”..
هذه اللهجة الجديدة للإعلام السعودي بشقيه الرسمي والخاص والذي أظهر خطورة جريمة “الدالوة” في الإحساء يعكس شعورا عاما بالخطر لدى السعوديين من الارهاب التكفيري السلفي الذي عاد ليضرب الداخل مستهدفا الشيعة هذه المرّة كما استهدف السنة سابقا، منذرا بحدوث فتنة مذهبية تهدد وحدة الوطن، كما تؤشر تلك اللهجة الجديدة غير المهادنة في الإعلام الى بداية مرحلة جديدة ومفصلية يبدو ان المملكة في وارد دخولها وعنوانها “المجابهة المباشرة” لإرهاب القاعدة بعد سياسة الإستيعاب و”المناصحة” الفاشلة التي اتبعتها السلطات دون جدوى.

السابق
فقدان 30 مليون ليرة من صندوق اتحاد بلديات صيدا
التالي
النواب العونيون رفضوا التمديد.. فهل سيواجهونه؟