الإتحاد الأوروبي وتحذيرات الإحتلال بالإستمرار بالإستيطان

خمسة خطوط حمراء حددها الإتحاد الأوروبي، حذر فيها دولة الإحتلال الإسرائيلي من الإستمرار في سياسة الإستيطان، واعتبرها أنها من الأنشطة التي تعيق إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافياً ولا تساهم في تحقيق الهدف بأن تكون القدس عاصمة للدولتين؛ بناء ثلاث مستوطنات جديدة هي، مستوطنة “جفعات همتوس” على أراضي قرية بيت صفافا جنوب شرق القدس، وتنفيذ المشروع الإستيطاني (E1) الذي يربط مستوطنة “معاليه أدوميم” شرق القدس بالغرب من المدينة المقدسة، والإستمرار في البناء في مستوطنة “هارحوما” على أراضي جبل أبو غنيم جنوب القدس، أما الخط الأحمر الرابع فهو إجبار الإحتلال لـ 12 ألف فلسطيني على الإنتقال من العيش في القدس إلى مناطق أخرى في غور الأردن شرق الضفة الغربية، والخط الخامس فهو “تغيير في الوضع القائم في المسجد الأقصى في القدس الشرقية”.

لكن إذا كان 28 دولة هي الأعضاء في الإتحاد الأوروبي قد اتخذوا هذه الخطوة “الجريئة” في شهر تشرين الأول/أوكتوبر 2014، وقرروا “نقل رسالة حادة إلى إسرائيل بإسم جميع دول الإتحاد تركز على الإجراءات الإسرائيلية”، السؤال أين كانت تلك الدول سواءً فرادى أو مجتمعة كإتحاد حين بدأت سياسة الإستيطان وقضم الأراضي الفلسطينية واعتبارها “أراضي دولة” منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 ولم يتوقف الإستيطان في الضفة حتى يومنا هذا، في تحدٍ صارخ لكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي نصت على منع مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن أن يأتي موقف الإتحاد الأوروبي متأخراً خيرٌ من ألا يأتي أبدا.

استغل الكيان الإسرائيلي مسار المفاوضات ليكثف ويوسِّع من نشاطه الإستيطاني؛ فقد نص إتفاق أوسلو الذي تم توقيعه بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي في 13/9/1993،على تأجيل البحث في خمسة ملفات؛ اللاجئين والقدس والمستوطنات والحدود والمياه الى المرحلة النهائية من المفاوضات. وصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية ومنطقة شرق القدس المحتلة عام 67 إلى “563,546 مستوطن” حسب مركز الإحصاء الفلسطيني لنهاية العام 2012، بعد أن كان حوالي 200 ألف قبل توقيع إتفاق أوسلو و”بلغ عدد المواقع الإستيطانية والقواعد العسكرية 482 موقعاً” حسب نفس المصدر لنهاية العام 2013، بعد أن كان 127 مستوطنة في العام 2005 وقد وصل العدد الى 503 مستوطنة في العام 2014.

ملخص الرؤية الصهيونية لبناء المستوطنات ما ذكره الكاتب الإسرائيلي يشعياهو بن فرات في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في 14/7/1972، بأن “لا صهيونية بدون إستيطان ولا دولة يهودية بدون إخلاء أراضي العرب وتسييجها”، وما كتبه رئيس وزراء حكومة الإحتلال اسحاق رابين في مذكراته عام 1988 وبعد مرور سنة على إنتفاضة الحجارة “قررت الأحزاب الرئيسية الإسرائيلية، العمل والليكود والمفدال عدم التخلي عن أراضي الضفة الغربية حيث أرض أجدادهم والأقدمين قبل آلاف السنين”.

خطة “إسرائيل” بعد احتلال الضفة في العام 67 هي السيطرة الشاملة على المناطق التي احتلتها، والدفع باتجاه تغيير ديموغرافي وأمني كأمر واقع للاستفادة منه في أي استحقاق سياسي أو تسوية مع الفلسطينيين والعرب في المستقبل، ولأهمية ملف الإستيطان وعلى الرغم من عدم شرعيته وقانونيته، فقد أصبح فيما يسمى بالحكومة الإسرائيلية وزيراً للإسكان، والتنافس بين السياسيين الإسرائيليين يصل الى أعلى مستوياته في التزاحم على تأييد الإستيطان سعياً للحصول على المزيد من الأصوات في أي إنتخابات قادمة.

يعتبر استمرار الإستيطان في الضفة الغربية، تحدٍ صارخٍ ليس فقط لدول الإتحاد الاوروبي التي أطلقت التحذير، وإنما كذلك لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ فقد نص القرار رقم 242 الذي صدر في 22/11/1967 على “إنسحاب القوات الإسرائيلية المسلحة من الأراضي التي احتلتها عام 67” والقرار رقم 446 لسنة 1979 أكد على “عدم شرعية سياسة الإستيطان الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس” والقرار رقم 452 لسنة 1979 “يدعو فيه مجلس الأمن سلطات الإحتلال الإسرائيلية وقف الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في العام 1967 بما فيها القدس”، والقرار رقم 465 لسنة 1980 “يطالب إسرائيل بوقف الإستيطان والإمتناع عن بناء مستوطنات جديدة وتفكيك تلك المقامة آنذاك”، وطالب أيضاً الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بـ “عدم مساعدة إسرائيل في بناء المستوطنات”. قرارات كثيرة صادرة عن أعلى مؤسسة دولية تؤكد على عدم شرعية بناء المستوطنات ويدعو الى تفكيك القائم وزوال الإحتلالن وعلى الرغم من هذا، فلا يزال الاحتلال جاثم على الأرض الفلسطينية، وسياسة مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات مستمرة، دون أدنى اعتبار من قبل الإحتلال لأي من القرارات والقوانين الدولية ذات الصلة.

الخطوط الحمراء والتحذيرات من الإتحاد الأوروبي مهمة، لكن المطلوب أن يصدر عن مجلس الأمن الدولي قراراً وفق البند السابع من الأمم المتحدة، يجيز فيه إتخاذ إجراءات عقابية بحق دولة الإحتلال إن لم تلتزم بتنفيذ قرارات الأسرة الدولية سواءً بوقف وتفكيك المستوطنات، أو بالإنسحاب من الضفة وزوال الاحتلال.

 

السابق
عون أم أزمة مفتوحة؟
التالي
فتوش، وقبله فادي عبّود ونجاح واكيم والياس الهراوي….