إرهابيون في لبنان تخفـَّوا بأسماء مسيحية

اعتادت المخابرات على اختلاف جنسياتها ومشاربها وأهوائها، على إطلاق تسميات وألقاب على عملائها وجواسيسها ومخبريها، والعاملين معها، للتخفي خلفها خلال قيامهم بأداء المهام الموكلة إليهم، وذلك خشية التعرف إليهم بسهولة وتوقيفهم، أو اغتيالهم، وهو ما يؤثر على أعمالهم، وبالتالي على عملها، وعلى المخططات والبرامج التي تسعى إلى تنفيذها.

لا يقتصر التغيير الأمني الضروري على الاسم، بل قد يطال الجسد، وتحديداً معالم الوجه، مع استخدام هويات مزوَّرة أو مسروقة أو مفقودة، وبطاقات تعريف مزيفة ومغايرة للحقيقة، وهو ما يُعرف بمستلزمات العمل الأمني الدقيق وحرفيته، تحقيقاً للغاية المرجوَّة، ذلك أن الحفاظ على العميل أو الجاسوس يُعتبر من ضرورات نجاح العمل الأمني.

من جهتها، تقمّصت الجماعات التكفيرية والإرهابية و”القاعدة” و”فتح الإسلام” و”جبهة النصرة” و”داعش” هذا الأسلوب المساعد على النطاق الأمني، فاعتمدته في كثير من عملها، وهذا ما تجلى بشكل واضح وصريح لدى تنظيم “فتح الإسلام” الإرهابي، حيث تداوَل أسماء مسيحية لعدد من قادته وعناصره، حتى باتت ملازمة لهم لإشهارها عند الحاجة، وهو ما ساعدهم على التغلغل والاستقرار في منطقة يسكنها مسيحيون، حيث إمكانية التخفي كبيرة ومضمونة الجوانب.

فهذا القيادي في “فتح الإسلام” أحمد سليمان مرعي لم يكتف بلقبَيْ “عياش” والطويل” من ضمن سلسلة ألقابه الكثيرة، فنودي باسمي “طوني” و”جورج”.

وهذا الفلسطيني اللبناني نادر أحمد القاسم لُقِّب بـ”نادر جورج”، كما أن اللبناني حسين عبد الوهاب صهيون لُقِّب بـ”جورج”، والسوري هاني بدر السنكري لقَّب نفسه بـ”أبي إلياس”، واللبناني وليد حسن البستاني كان ملقَّباً بـ”سامي فرنجية”، ومكنّى بـ”أبي أنطون”، قبل أن يُقتل في سورية.

وحمل المسؤول السوري مجد الدين عبد الحي عبود الذي قُتل في مبنى “روبي روز” في مدينة طرابلس، خلال الاشتباكات مع القوى الأمنية اللبنانية الرسمية في 22 أيار/ مايو من العام 2007، هوية مزورة باسم “حنا عيسى عازار”، رافقته في رحلاته و”غزواته” على عدد من المصارف باسم تنظيمه لتأمين الدعم المالي له. ولو وقعت الهويات المزوَّرة والتي تتضمن أسماء وهمية خلال عملية سطو، أو ارتكاب جرم ما، فإن الاسم الحقيقي لحاملها لن يُكشف لدى المحققين، وهذا هو المرتجى، وبها يظل أمره بمنأى عن الانكشاف والافتضاح، وبالتالي يستمر في ممارسة اعتداءاته وعدوانيته إلى أن يلقى حتفه، أو يقع في قبضة العدالة إثر هفوة ما.

كل شيء في العمل الأمني متوقَّع ووارد، ما دام أنه يحقق الغاية المتوخاة منه، ولذلك ظهر استخدام مسؤولين في “فتح الإسلام” أيضاً، لأسماء نسوة، وذلك بغية إضفاء المزيد من السرية على تحركاتهم ومكالماتهم واجتماعاتهم، وقد ذكر القاضي غسان عويدات في قراره الاتهامي في قضية أحداث مخيم نهر البارد، أن نبيل رحيم، على سبيل المثال، تكنَّى بـ”أبي محمد”، وسُمِّي بـ”نانسي” أيضاً.

 

السابق
بوصعب: الاوضاع الأمنية في المنطقة ولبنان تحتم انتخاب رئيس
التالي
مستشفى الحريري.. تعنّت الرئيس يهدّد بالشلل