فنيش: تدخلنا كان في توقيته وفي زمانه وفي وسائله وفي استهدافه

محمد فنيش

أقام معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية لقاء تكريميا للعلامة السيد محمد الغروي تزامنا مع صدور كتابه “معجم أعلام جبل عامل” الصادر عن دار المعارف الحكمية، في قاعة الجامعة الإسلامية في صور، في حضور وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، عضو كتلة “التنمية والتحرير” عبد المجيد صالح، مسؤول منطقة الجنوب الاولى في “حزب الله” أحمد صفي الدين، رئيس لقاء علماء صور الشيخ علي ياسين، راعي أبرشية صور ومنطقتها للموارنة المطران نبيل الحاج، مدير معهد المعارف الحكمية الشيخ شفيق جرادي، رئيس الجمعية الخيرية الإسلامية الدكتور خليل جودي، عدد من علماء الدين من مختلف الطوائف الدينية وفاعليات وشخصيات بلدية واختيارية وثقافية واجتماعية وحشد من المهتمين.

افتتح الحفل بآيات من القرآن الكريم للقارىء حسين كعور، ثم النشيد الوطني، بعده تم عرض فيلم يحكي سيرة حياة السيد الغروي منذ ولادته وحتى يومنا هذا، وعن أهم الإنجازات والمراحل التي مر بها خلال مسيرته الدينية والعلمية.

ياسين

ثم ألقى ياسين كلمة لفت فيها إلى أن “السيد محمد باقر الصدر كان له الأثر في بقاء الصورة الحقيقية لصور في تنوعها وعطائها والكشف عن تاريخها، وصور هذه مدينة وقلعة المقاومة والشهداء لا غرابة عليها أن تعطي ما أعطت، وكان فيها السيد عبد الحسين شرف الدين والإمام المغيب الإمام السيد موسى الصدر والكثير من العلماء”، مشيرا إلى أن “التنوع الذي يحظى في المدينة يتوج بهذه الأيام بتكريم سماحة السيد محمد الغروي الذي ربى علماء ومجاهدين ساهموا في حالة المقاومة التي أعزتنا وحررت أرضنا، وهي اليوم تدافع عن الإسلام المحمدي الأصيل في مواجهة التكفيريين الدواعش الذين لولا القرار الحكيم من قائد المقاومة بالدفاع الإستباقي لكانوا في كل مكان”.

الحاج

بدوره، ألقى الحاج كلمة قال فيها “إن السيد الغروي هو مدماك أساس في بنية هذه المدينة التي تسكن وجدانه وعقله وقلبه، فقد وضع كل طاقاته في خدمتها وفي خدمة إنسانها، وبخاصة الفقير والمحتاج والمهمش، وهو ينسج أطيب العلاقات مع شرائحها كافة، لا بل يسعى دائما إلى تمتين أواصر الجيرة والقربى بين الجميع، ومغلبا باستمرار الكلمة الطيبة التي تسكت كل عداوة وتزيل كل كراهية، ومقربا وجهات النظر ومعيدا المياه إلى مجاريها الصافية، ورادا الحق لصاحبه دون أن يشهر بالظالم او يتشاغل بالقيل والقال”.

أضاف: “نحن إذ نشهد للسيد سعة علمه الديني ومعرفته بدقائق الأمور وعمق بحثه في قضايا الدين والتاريخ، ننوه باعتزازنا بهذا المعجم الجديد الذي زادنا معرفة وفخرا بجبل عامل وبقدسية أرضه بالنسبة للمسيحيين كما للمسلمين، وقد ذكر الإنجيل مرارا مجيء السيد المسيح إليه، وقد بنيت في صور أول بازيليك في العالم على إسم العذراء مريم التي كانت ترافق إبنها عندما كان يقصد هذه البلاد”.

الصدر

وألقت السيدة رباب الصدر كلمة بإسم عائلة المغيب الإمام السيد موسى الصدر شكرت فيها “الله لأنه كان بيننا فضلاء يأخذون مجتمعاتنا بعزم مؤمن إلى ما فيه خيرنا وصلاحنا في الدنيا والآخرة، ومنهم السيد محمد الغروي الذي أفرغ جهده مجتهدا في الله ومتحملا الصعاب في السنوات العجاف التي داهمت بلادنا بكل شراسة، وقد صمد لها سماحته إلى أن كان محاولة اغتياله، فتنحى قليلا إلى أن رفع الله الغمة فعاد إلى ساحة الجهاد مدعوما بعاملين وبروابطه الحبيبة مع أهل البلد ممن اتخذه له أهلاً، وارتباطه بالمكان الذي اختاره له الشهيد السيد محمد باقر الصدر ولقى فيه احتضانا من الإمام السيد موسى الصدر، ومن هنا كانت الأخوة التي أعتز بها، هذه الأخوة جاءت من بيت أبي وأقول أبي وبيت الشهيد السيد محمد باقر الصدر إبن عمي الذي هو دمي ولحمي وحروفي التي لهجت بإسم الله إلى جانب أمي وأبي، وفي هذا البيت الذي كان يرعاه في النجف الأشرف إبن عمي الشهيد أخذ الأخ السيد محمد الغروي معالم دربه لمعرفة الله، وسار به ناشطا وجادا ومرتقيا درجاته الرفيعة، وجاء بها إلى بيت أبي في صور ويرعاه شقيقي الإمام السيد موسى الصدر، وكان لي الشرف في الخدمة فيه مع إخوة وأخوات ، فازدهر دربنا بانضمام السيد الغروي، وسرنا ولكل جعبة في الدرب وملتقاة في محطات المجتمع والغاية هو الله سبحانه وتعالى”.

صالح

وألقى صالح كلمة قال فيها:”إن السيد الغروي مشتغلا دائما بالتسبيح والحمد، وتجري على لسانه سيرة الإمام الذي أحب، وكان قريبا من معلمه الأكبر سماحة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر، وغمرت أحزان الآيات من آل الصدر كل فصول حياته، إذ يحمل السيد الغروي حزنا يثقل عمرا بأكمله، وفي شخصه إنسانية آثرة تشد الآخر إليه بداخل صاف كالنهر وعميق كالبحر وطاهر كالثلج، ويشعر كل محدث له أنه هو المحبوب الأثير للسيد، حيث يعطيه كل قلبه”.

أضاف: “إن السيد الغروي قام والتحق بنهضة الإمام الصدر في لبنان في البدايات الصعبة دون أن يستوحش في طريق الهدى لقلة سالكيه، وأراد الإمام الصدر أن يكون لبنان رسالة ووطنا لا نختلف على مواصفاته وانتماءاته، وأن يكون وطن الإنسان وأن ينفتح على محيطه العربي والإسلامي، وأراد أن يكون لبنان جسرا يربط الشرق بالغرب مع حوار الحضارات لا مع صدامها، فقبل أربعين عاما قال الإمام الصدر “إذا سقطت صيغة العيش المشترك في لبنان سوف يظلم العالم”، وهذا الظلام اليوم يأتي من داعش وجبهة النصرة ومن لواء أحرار الشام ومن هؤلاء المتشددين الذين يقتلون الإنسان والدين”.

وفي الشأن السياسي، أسف صالح “لإختلاف اللبنانيين اليوم على توصيف الإرهاب، فبعضهم ممن مردوا على النفاق يتحدثون عن ثوار، والبعض الآخر يتحدثون عن مقاتلي جبهة النصرة وداعش، وآخرون ينكرون وجودهم أو وجود بيئة حاضنة لهم، وقد انطلقت المظاهرات التي تدعم الربيع الداعشي الذي يشخب دما، والحملات المسعورة على الجيش والخطاب التحريضي عليه لتدمير مظلة الوطن وإظهار الفتنة التي يعمل البعض على زرعها”.

فنيش

ومن ثم ألقى فنيش كلمة شدد فيها على “ضرورة أن نظهر دور العلماء ودور كل الفاعلين في مجتمعنا، لأن هذا الزمن الذي نعيش فيه عندما يؤدي الدين دوره التحرري ويصنع لأوطاننا الإنجازات العظيمة ويحقق الإنتصارات ويهزم المشروع الصهيوني ويردعه ويحاصره ويمنعه من تحقيق غاياته وأطماعه يأتي من يبحث في العديد من الأمور، ومنها مراكز القرار في العالم الغربي التي لا تكل عن البحث عن أسباب نهضة أي مجتمع من المجتمعات التي تتعارض مع حسابات الدول الكبرى ومصالحها، فعندما يكون الدين وعلماء الدين هم أحد أهم أسباب التحول في مجتمعنا وفي تربية الأجيال على المقاومة وعلى التصدي للمشروع الصهيوني، وعندما تكون هذه الثقافة ليست عنصرية ولا استعلائية ولا إقصائية بل ثقافة تظهر وجه الإسلام الحقيقي من خلال الإعتراف بالآخر وبإقرار العيش المشترك وباعتراف واحترام المواثيق والعقود والمعاهدات يأتي من يبحث ليواجه هذه الحركات المقاومة الصاعدة والتي عليها تعقد الآمال في استعادة الأمة لدورها ليحارب هذه الحركات بإسم الدين من خلال تيارات تكفيرية إرهابية إقصائية مجرمة تمارس القتل والذبح”.

وفي الشأن السياسي، أكد فنيش “أننا بادرنا للتصدي للمشروع التكفيري دفاعا عن لبنان بخاصة بعدما استفحل خطر هذه الجماعات عليه، وباتت تهدد حدودنا مع سوريا من خلال إقامتها لركائز في مواجهة حدودنا، وبدأ يظهر هناك خطر حقيقي على كل مكونات لبنان، ليس فقط على جماعة أو على مكون من مكونات المجتمع اللبناني، وكان تدخلنا في توقيته وفي زمانه وفي وسائله وفي استهدافه ضرورة قصوى لأمن لبنان ولحفظ هذا الوطن، والعالم كله اليوم يحتشد ليقر بما رأيناه مسبقا من خطر هذه الجماعات”.

ورأى “أن هذه الجماعات لا تحارب فقط بالوسائل العسكرية والأمنية، بل لا بد من مواجهتها بإظهار وجه الإسلام الصحيح والحقيقي، والتصدي أيضا لكل من يحاول أن يكون امتدادا لهذه التيارات التكفيرية في لبنان بعناوين مختلفة سواء من يحمل أهدافهم ويبرر أعمالهم أو من يشكك بدور الجيش ويقدم روايات مختلقة، وهذه العناوين كلها تأتي في خدمة ومصلحة هذا المشروع التكفيري والإجرامي”.

جودي

بدوره، أكد جودي في كلمته “أن السيد محمد الغروي يطلب دائما وخصوصا في شهر رمضان المبارك بتكثيف الشعارات الموحدة والدعوة إلى الإلتزام بقواعد رمضان وشروطه، وتوحيد اليافطات وإقامة الإحتفالات المشتركة، أما في الصلاة وهي عامود الدين وأهم ركائزه فقد علمنا هذا السيد الجليل كيف يصلي العلماء خلف بعضهم البعض وإن اختلفت مذاهبهم، فاقتضينا به وتعلمنا منه إحدى أهم أمثولته في الوحدة والتقوى”.

جرادي

وألقى جرادي كلمة أشار فيها إلى “أننا عشنا قبل فترة في زمن شهد انبعاثا لما أسمي بحوار الحضارات والثقافات والبلدان والشعوب والقوميات والأديان والمذاهب، واشتغل الناس في سياق الحوارات على الكلام، وعلى الحوار الذي أجلس أنا وأنت من أجل أن نتداول فيه شؤون الفكرة والمفاهيم والقضايا والأمور، ومن ثم تلى ذلك ما نشهده اليوم من قتل للغة الكلام ولمعنى الحوار حين ما امتدت يد الإنسان الذي يعتقد نفسه بأنه إنسان لتذبح إنسانا لا فقط تحت الشمس بل تحت منظار كل وسائل الإعلام لنقول أن ذبح الإنسان يتم اليوم بذكر الله وبذكر محمد بن عبد الله، فمثل هذا التصرف إنما أريد به تشويه وجه دين الله وذكر محمد بن عبد الله “، معتبرا أن “الأمة التي تنتمي إلى رسول الله محمد أقدس من ننتمي إليهم، فقد قدموا كل ما يملكون من روح وحياة وجسد وأسر ومستقبل وتاريخ على مذبحة الدفاع عن ذكر محمد ليثبتوا أن دين محمد هو دين الرحمة، فكان الثمن أن رفعت رؤوسهم على الرماح، وأولها هؤلاء الذين أرادوا قتل ذكر محمد وتشويه صورة هذا الدين”.

وفي الختام ، قدم جرادي يرافقه فنيش وصالح والصدر وجودي درعا تكريميا للسيد الغروي.

السابق
هذا الموقع يسرق تبرعات لمقاتلين شيعة بسوريا
التالي
معارك القلمون تستنزف حزب الله وتفشل حملات تطوّع