أديان تمنح جائزة التضامن الروحي للسيّد هاني فحص

بالأمس وقفت مصليًّا قربك في غرفة العناية وأنت مستسلم بجسدك للمشيئة الإلهيّة وآلات التنفس الاصطناعيّة.  طلبت من الله ألا يترك وطننا وعالمنا العربي في حالة التيتّم لآباء أصفياء من أمثالك يعيشون ما يقولون ويعلّمون بما يلتزمون.

أحببت فيك حذرك من رجال الدين الذين يتحدّثون عن الله وشؤونه بسلطويّة، وتلاقيك مع الباحثين عن الله، إلى أيّ ديانة انتموا، بتواضع وجرأة وحريّة. كنت تقول لي: “أنا شحاذ، أشحذ الحب من الله والناس”.

قادتك هذه الحريّة الداخليّة إلى الشعور بالمسؤوليّة تجاه جميع البشر فحملت قضايايهم ولم تتوان أو تبخل بشيء في الدفاع عنهم.

أحببت الشباب. فبقيت أنت العلامة والعالم والمعلّم ترى فيهم مثلاً وقدوة وتدعوا إلى اتباعهم حتى لو أخطأوا، لأنّهم على الأقل يسيرون نحو المستقبل، بينما بعض التعاليم والمواقف تعود بنا إلى الماضي المظلم.

وفي هذه الأيام المريرة بسبب الصراعات الدينيّة المتخلّفة، كم تأمّلت فيك المسلم الحقّ، الذي جعل من تشيّعه ميزة في عيشه إسلامه وإيمانه، في زمن يدّعي الكثيرون أنهّم سنّة أو شيعة ويتقاتلون بسبب ذلك دون أن يكونوا حقًّا مسلمين.

أودّعك وفي قلبي غصّتين. الأولى لأنّني مدين لك بطلب لم تسمح لنا ظروفك الصحيّة بتحقيقه. كنت قد طلبت منّي في الصيف أن ننظّم رياضة روحيّة مشترطًا ألا ندعو إليها من أولئك الذين يكثرون الكلام “الفاضي”. كانت رغبتك أن نلتقي مسيحيّين ومسلمين، محدّدًا المكان في دير يسوع الفادي في زحلة، لكي نعمّق معًا فهمنا الروحي لله وأسراره. اليوم أكلّفك بدوري بهذه المهمة، لتحضّر لنا الرياضة الروحيّة عندما نلتقي مجدّدًا في جنات الله السماويّة التي جعلها الله واسعة لتضمّ جميع عياله.

والغصّة الثانية، أنّك لم تعطنا الفرصة لكي نعلمك بأن مؤسّسة أديان كانت قد اختارت منحك جائزة التضامن الروحي لعام 2014. إنّنا نفتخر بأن يرتبط اسمك بهذه الجائزة وأن نحتفل بذلك لكونك كنت بحياتك وشهادتك جائزة الله إلينا.

إلى اللقاء

 

السابق
أيران المقتدرة ’مريضة’
التالي
مولانا الجميل: إمام المواطنة