متحف د. منصور عيد لأدباء وشعراء منطقة جزين

دُعيتُ، كما كثيرون، الى افتتاح “متحف د. منصور عيد لأدباء وشعراء منطقة جزين” يوم 19 تموز 2014 في دير سيدة مشموشة. وقد وُزّع على المدعوين كراس وثلاثة كتيبات. اما الكراس ففيه نبذة عن دير سيدة مشموشة، ونادي ليونز جزين، ومؤسسة الارض البيضاء. والكتيبات: واحدها مؤسسة الارض البيضاء (28 ص)، يعدّد نشاطات المؤسسة الانمائية والبيئية والثقافية والاجتماعية. ثانيها متحف الدكتور منصور عيد لأدباء وشعراء منطقة جزين (32 ص)، مقالات منشورة لعيد عن واقع جزين السياسي والديموغرافي والانتخابي والديني والاجتماعي والامني على مدى ثلاثين عاما واكثر.

اولا، الشكر لكل من دير سيدة مشموشة مستقبِلا وحافظا، ومؤسسة الارض البيضاء راعية وممولة، ونادي ليونز جزين ناشطا ومنظما، ولجنة المتحف بوجوهها الخمسة عاملة وباحثة ومصنّفة ومجتهدة.
ولئن كانت فكرة المتحف التي راودت المثقف الراحل طويلا نيرة وحميدة، الا ان بعضا من ملاحظات موضوعية في الشكل والمضمون تشوب تنفيذها.
أ – اما كان ينبغي ان تكون التسمية “متحف… لشعراء وادباء منطقة جزين”؟ الا يستحق الشعر الصدارة؟ أليس كل شاعر اديبا؟ لا، ليس كل اديب شاعرا. لعمري، كم رأيتُ الاديب والمتأدّب يدرس الشعر والشعراء لينال درجته العلمية! وحسبُ الشاعر الخلق واللمعة والصورة والايقاع.
ب – اما كان ينبغي ان تشمل التسمية المؤلّفين، وقد حفل المتحف بعدد منهم لا بأس به؟ وهم قد يكونون مؤرخين او علماء اجتماع وسياسة، او فلاسفة، او اطباء، او حقوقيين او علماء آثار… وليسوا بأدباء او شعراء. فالمؤلف او الكاتب في ميادين متعددة يحلّق، وللشاعر والاديب خصوصية في الكتابة تميزه وتفرده.
ج – لم أقع البتة، في الكراس والكتيبات، على سطرين او ثلاثة او اكثر، تحدد معايير واضحة، تنطبق على هذا الشاعر، ولا تنطبق على هذا الاديب مثلا. كأن نذكر الخالدين ونبعد الاحياء، أو نأخذ بالاعتبار الشاعر او الاديب لعدد من الاعمال له، او نحدد عاما معينا في الماضي يكون انطلاقا منه بدء الحفظ والتأريخ، على أي أساس منهجي او موضوعي أُدرجت بعض المؤلفات، وعلى أي أساس أُبعدت المؤلفات الأخرى؟
د – أليس في ذكر أعمال الأحياء وتغييب بعض أعمال الغائبين حراجة ومحاباة – لا سمح الله؟ أليس من المنطق والطبيعي جدا ان يكون للاستاذ الجامعي او النطاسي المتخصص مؤلفات وكتب؟ أليس من الاجحاف والنكران والجحود أن تغيب مؤلفات شعراء او ادباء او مؤرخين او صحافيين لم يدخلوا المعاهد والجامعات، وفي بعض الأحيان المدارس، في حين حفلت الصحف والمجلات والمكتبات والمنابر بقصائدهم ودواوينهم والكتب؟ لن أخوض في الأسماء، لأن الامثلة كثيرة ومتعددة، والغائبة أعمالهم من الراحلين والأحياء لأكثر بكثير من الحاضر نتاجُهم في المتحف من الراحلين والأحياء على السواء.
هـ – أضاء المتحف على نتاج عدد من المؤلفين لا يتخطى اصابع اليد الواحدة في كل قرية من القرى العشر او الاثنتي عشرة المذكورة على ابعد تقدير، في حين ان جزين تشمل عشرات القرى ساحلا ووسطا وجبلا. الا يتسع هذا الدير – المنارة، في حناياه، وفي اعوامه المئتين والسبعة والسبعين، وقد خرّجت مدرسته عشرات الألوف من الطلاب، من بينهم القادة السياسيون والعسكريون والمتفوقون في كل مجال وميدان، لنتاج الغائبين، كل الغائبين، ترصده اللجنة الكريمة – ولنا فيها اصدقاء – بكل عناية ودقة، وهي أهل لذلك، بتنوعه واختصاصاته وميادينه شعرا وادبا وصحافة وعلوما.
لن تُعدم لجنة المتحف وسيلة، وأسماؤها كلها جزينية المحتد، كأن تجمع لعملها مصادر ومراجع ومحفوظات وأرشيفاً موزعة في خزائن اهلها، أو على رفوف المكتبات العريقة الجامعية والوطنية. ولا بد هنا من ذكر مرجع موسوعة شاملة غنية قيمة ومفيدة جدا في هذا المجال، وقد صدر منها حتى تاريخه سبعة اجزاء والبقية تلي(1).
رحم الله منصورا، ونصر اللجنة الكريمة في عملها الحالي والمستقبلي، فتدأب في توسيع المتحف مكانا، وترفده بكل نتاج ناقص او منسي، خدمة للحقيقة والموضوعية والتاريخ، وعرفانا بجميل كبارنا ومفكرينا، وقدوة لأولادنا والخلَف.

السابق
العدّ العكسي لإقفال ’الجزيرة مباشر مصر’؟
التالي
النجمة بطلاً لـ«النخبة» للمرة الثامنة على حساب الصفاء